قضايا وآراء

"إسلام الخلاط" وسوء الطالع.. تأملات في النحس العربي (2-2)

جيتي
في عالم القمار والمقامرين تتم المراهنات المعروفة عادة وبخاصة في سباق الخيل بترجيح فوز فرس على بقية الخيول، والقوانين الضابطة لهذا الموضوع لا تقوم على حسابات دقيقة، وإنما تقوم على استعراض سيرة الحصان في السباقات الماضية، ومن ثم فالحدس والتخمين والاحتمالات هي المرجح الأول لفوز الحصان المختار في هذا النوع من المقامرة.

ومن سوء الطالع أن يتجه الحدس والتخمين في كل مرة إلى المراهنة على الحصان الخاسر، ويترتب على ذلك خسارة المال بيقين، لكن الأكثر سوءا وغرابة وجنونا هو أن يراهن مقامر لا على فرس في السباق، ولا حتى على بغل خارج السباق، وإنما يختار حمارا هزيلا ليراهن عليه في غير سباق.

بعض الناس بالفعل يسلك هذا المسلك مدفوعا بغلّ وكراهية لفكرة ما، فيدفع بماله وجهده في عكس الحقائق والقوانين الكونية الثابتة، ويوظف لذلك دوائر ومؤسسات وكتاب ومراكز دراسات، ويستأجر باحثين ليشوهوا الفكرة التي يعاديها صاحبنا.

الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية"

الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية" يجمع في عقيدته كل التناقضات، كما تتكون عبادته من خليط مختصر من كل الديانات. يعني كما يقال في المثل المصري "سمك لبن تمر هندي"، فتراهم بقصد وسبق إصرار، يبذلون كل جهد في التزوير والتحوير والتشويه، وهم يعلمون يقينا أن كل جهد يُبذل في هذا المجال تأثيره وقتي، وبقاؤه ليس محكوما عليه بالفشل فقط، وإنما بالمحو والمحق، مهما بلغت قوة المال خلفه، وستكون العاقبة أن يلحق العار والخزي بالممول وخدمه المستأجرين.

وتلك سنة كونية وقانون حاكم في ثوابت الوجود الاجتماعي في الأفراد والمجتمعات والناس.

النموذج لذلك بعض الأنظمة الحاكمة التي تعيش حالة "فوبيا" (خوف مرضي) من كل ما هو إسلامي المنشأ والاتجاه، وتحاول أن تخفي هذا الغل تجاه الإسلام الحقيقي، فتجمع المؤلفة جيوبهم والمختلة أفكارهم من شتات الأرض وتغدق لهم العطاء في محاولة لصناعة إسلام بديل هو إسلام "الخلاط" الذي ينتج "سمك لبن تمر هندي".

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع

الجوقة المستأجرة لهذا الخلاط عمال غير مهرة ولا يتقنون الصنعة، ولا يحسنون تسويق السلعة (سمك لبن تمر هندي)، وإنما يكشفون عوار الفكر وعورة التوجه وقبح المنتج، وكم هو رخيص ومبتذل.

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع، فلا تجد مصيبة حلت بالمسلمين في مكان ما إلا وكان المال السياسي المغتصب من حقوق الناس خلف تلك المصيبة.

الكارثة الكبرى أن كل هذا البذل الشيطاني سيذهب سدى، لأن غباء أصحابه قادهم إلى معاندة الله في وعده، ولذلك فلن يرفع الله لهم راية، ولن يحقق لهم غاية، فضلا عن فضيحة الحال وسوء المآل، تأمل ما قال ربنا جلا وعلا: "وَمَكَرُوا مَكْرا وَمَكَرْنَا مَكْرا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَة بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَة لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" (النمل 53-50).

وعجيب أمر النحس العربي حين يراهن لا على حصان خاسر فقط، وانما يراهن على حمار فاشل لا يصلح حتى لحمل سبخ ولا ليجر عربة.. والجنون فنون.