مقالات مختارة

ضربة «النور» التى أوجعت الإخوان

1300x600
لو أن أى شخص قال بعد نجاح ثورة 25 يناير 2011 وحتى قبل أسابيع قليلة من 30 يونيه الماضى إن العلاقة بين الإخوان والسلفيين ممثلين فى حزب النور سوف تصل إلى ما وصلت إليه من تدهور الآن، لاتهمه الجميع بالجنون.

طوال الشهور الخمسة الماضية فإن الضربة الأشد إيلاما للإخوان جاءت من حزب النور وبعض الشخصيات الإسلامية المستقلة سواء كانت من الأزهر الشريف أو منتمية للجماعات الإسلامية.

الهجوم العنيف من قبل الإخوان وبعض أنصارهم طبيعى للغاية، لأنهم ببساطة كانوا يتمنون أن يقولوا للبسطاء إن الصراع الراهن فى مصر بين الإسلام والإسلاميين من جهة وبين العلمانيين والليبراليين والمسيحيين من جهة أخرى. لكن موقف حزب النور قضى على هذا السلاح تماما وأظهر للناس جميعا أنه خلاف سياسى بين غالبية الشعب من جهة وبين جماعة تريد أن تحتكر حق الحديث باسم الإسلام من جهة أخرى.

لست مدافعا عن مواقف حزب النور وعندى عشرات الانتقادات ضده، لكن أشهد أننى وغيرى كثيرون تفاجأت بمرونته السياسية مؤخرا.

كنت واهما بأن الإخوان هم ملوك البراجماتية السياسية والمرونة واستخدام العقل والحلول التوافقية، ثم تبين أن كل ذلك محض خيال.

بطبيعة الحال سيظل الإخوان وأنصارهم يتهمون حزب النور بأنهم باعوا دينهم بدنياهم وانحازوا إلى «الانقلاب أو الطاغوت!!». لكن ذلك لن يغير من حقيقة الموقف شيئا وهى أن حزب النور كان مفاجأة الحياة السياسية منذ 25 يناير وحتى الآن، خلافا للصورة التى ظهر عليها بعض رموزه فى بداية ظهوره فى البرلمان.

حزب النور دعا أنصاره قبل يومين إلى التصويت بنعم على استفتاء الدستور قائلا إنه حصل على أقصى ما يستطيع الحصول عليه طبقا للظروف الراهنة، وهو تعبير صحيح.

علينا أن نتخيل لو أن حزب النور استجاب لرغبات الإخوان وانسحب من خريطة الطريق، كان الاستقطاب سيكون شديدا، وكان التقسيم على أساس دينى سوف يتصاعد، والأهم أن فرص الصدام والعنف كانت ستزيد، وبالتالى فإنه حتى وطبقا للقواعد الشرعية فإن موقف حزب النور جنب البلاد المزيد من الانقسام والعنف والفوضى.

وبالتالى يحق أن نذكر «المراهقين سياسيا» الذين هاجموا بضراوة وجود حزب النور فى خريطة الطريق بأن موقفهم كان انفعاليا ولم يكن مبنيا على حسابات سياسية صحيحة.

هل غضب الإخوان من النور بسبب أن موقفه سيرجح كفة نعم على كفة لا فى الاستفتاء؟.

ربما يكون ذلك أحد الأسباب، لكن ظنى أن السبب الأساسى هو أنه أفشل خطتهم بتحويل الانقسام إلى دينى بدلا من كونه سياسيا.

حزب النور لم يضرب رأسه فى الحائط ولم يرفع الشعارات فقط، بل حصل على مكاسب يستطيع أن يقنع بها أنصاره، وللموضوعية فإن لجنة الخمسين وأركان الحكومة تصرفوا بصورة جادة مع الحزب ولم «يحشروه فى الزاوية» كما طالب بعض هواة السياسة من الأحزاب والقوى المدنية.

ظنى الشخصى أنه من الآن وحتى موعد الاستفتاء على الدستور فإن بعض الشخصيات الإسلامية المقربة من الإخوان الآن قد تغير موقفها باتجاه الموافقة على المشاركة فى الاستفتاء بغض النظر عن التصويت بنعم أو لا.

(عن الشروق المصرية)