حقوق وحريات

سجانو مانديلا كان لهم حلفاء اقوياء في العالم

أرشيفية
قال خبراء إن نظام الفصل العنصري الذي عزل على الساحة الدولية استفاد من دعم عدد كبير من الحلفاء الاستراتيجيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا في الحرب الباردة واسرائيل المنبوذة في منطقتها، كما كانت جنوب افريقيا.

فبينما كانت بريتوريا تواجه عقوبات مفروضة من الامم المتحدة، بقيت اسرائيل واحدة من أقرب حلفائها. واستمرت العلاقات الدفاعية معها التي استفاد منها النظام المعادي للشيوعية في تايوان.

ودفع الخوف من الشيوعية رئيسة وزراء بريطانيا في حينه مارغريت ثاتشر خلال الثمانينات إلى دعم جنوب إفريقيا. ولم يتم شطب اسم مانديلا نفسه من لائحة الارهاب الأميركية إلا في 2008 قبل أيام من عيد ميلاده التسعين.

وفي رثاء مانديلا، وصفه الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز ب"المحارب من أجل حقوق الانسان وترك بصمة لا تمحى على النضال ضد العنصرية والتمييز".

ولكن بينما كان مانديلا في السجن في السبعينات والثمانينات، كان موقف "إسرائيل" مختلفا.

فالدولة العبرية دعمت في البداية العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على جنوب إفريقيا لكنها عززت علاقاتها مع بريتوريا خاصة بعد ان وجدت نفسها معزولة بعد حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973 وهي عملية انخرط فيها بيريز كوزير دفاع وبعدها كوزير للخارجية.

ويقول يوسي بيلين وهو مدير سابق في وزارة الخارجية عمل على إبعاد "اسرائيل" عن جنوب افريقيا في الثمانينات أن "بيريز وكوزير للدفاع، انخرط في ذلك".

وأكد بيلين لوكالة فرانس برس "على الرغم من قرار الامم المتحدة عام 1977 الذي كان واضحاً للغاية بوجوب مقاطعة نقل الأسلحة أو التعاون الأمني مع جنوب إفريقيا فإنّ إسرائيل لم تحترم ذلك على الإطلاق".

وترك التعاون الدفاعي والأمني الوثيق مع جنوب افريقيا بما في ذلك تطوير أسلحة نووية بحسب الادعاءات، الدولة العبرية معزولة وكلفها تقريبا المساعدات العسكرية الاميركية الهامة كونها تحدت قرار الامم المتحدة بفرض عقوبات على حكومة الاقلية البيضاء في بريتوريا.

ويشير الون لايل الذي شغل منصب سفير "إسرائيل" إلى جنوب افريقيا في الفترة ما بين 1992-1994 خلال السنوات الاخيرة من الابارتايد انه "كان نوعاً من التحالف مع بعد عسكري وامني قوي للغاية".

ويضيف أن "جنوب افريقيا كانت معزولة تماما من قبل حظر الأسلحة من الأمم المتحدة عام 1977 وقمنا بتجاوزه".

وحافظت جنوب إفريقيا على العلاقات مع "إسرائيل" بعد إنهاء نظام الفصل العنصري ولكن مانديلا كان ناقداً قويا للاحتلال الإسرائيلي حيث قال في عام 1997 في خطاب ألقاه بأًنّ "حريتنا غير مكتملة دون حرية الفلسطينيين".

وتراجع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن تعهده حضور حفل تأبين مانديلا قائلاً إن الذهاب الى جنوب إفريقيا سيكلف الكثير من الأموال بعد اسبوع من انتقاد الصحافة لنفقاته الشخصية بينما لم يتمكن بيريز من الذهاب بسبب تعافيه من الانفلونزا بحسب مكتبه.

واستفاد حليف آخر لنظام الأبارتايد من العلاقات الإسرائيلية مع بريتوريا وهو النظام المعادي للشيوعية في تايوان.

وتفيد معلومات أنّ تايوان وجنوب إفريقيا حافظتا على تجارة السلاح بينهما في فترة نظام الفصل العنصري في تحد لقانون العقوبات. وقد قامت تايبيه ببيع الذخيرة والاسلحة الصغيرة لبريتوريا مقابل الحصول على اليورانيوم.

ويقول المؤرخون إنه تم استخدام اليورانيوم في ما كان برنامجا نوويا سعى فيه الحزب الشعبي الحاكم ( كومينتانغ) إلى تطوير أسلحة نووية بمساعدة تكنولوجية نقلت من إسرائيل.

وانفصلت تايوان عن الصين عام 1949 بعد حرب أهلية. ووجد مسؤولو الحزب دعما من النظام المعادي للشيوعية في بريتوريا.

وقال مسؤول تايواني سابق كان مسؤولا عن الاتصال والروابط الثقافية مع بريتوريا طالبا عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس "كانت حكومة جمهورية الصين (تايوان) تحاول أن تفعل كل شيء للتقليل عزلتها الدبلوماسية".

وفي واشنطن ولندن، اعتبر مانديلا وحزبه المؤتمر الوطني الافريقي لوقت طويل حليفا سوفياتيا آخر يجب معارضته باسم "الحرية والديموقراطية" على الرغم من السياسات العنصرية للحكومة التي سعى مانديلا للإطاحة بها.

وكانت ثاتشر التي توفيت هذا العام قد رفض دعم العقوبات في الثمانينات ووصفت أعضاء الحزب الوطني الإفريقي "بالارهابيين".

ويشير سول دوبو وهو بروفيسور في التاريخ الإفريقي في جامعة الملكة ماري في لندن الى أن "خوف اليمين السياسي من أان يكون المؤتمر الوطني الإفريقي كان بيدقا بيد موسكو وبان مانديلا كان شخصية خطيرة تخضغ لسيطرة الحزب الشيوعي الجنوب افريقي، استمر لفترة طويلة خلال الحرب الباردة".

وأضاف "حرصت مساحة كبيرة من الحزب المحافظ على عدم الموافقة على الفصل العنصري (...) لكن فكرة أن حكومة جنوب افريقيا كانت معادية للشيوعية وشريكا يعتمد عليه في التحالف الغربي كان طاغية".

وحضر رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون لتأبين مانديلا الثلاثاء بجانب ثلاثة رؤساء وزراء سابقين.

كما قام الرئيس الاميركي باراك أوباما الثلاثاء بالقاء خطاب في ذكرى مانديلا بعد خمس سنوات فقط على شطب اسمه من لائحة الارهاب الاميركية.

وحتى ذلك الوقت، لم يكن مانديلا وغيره من قادة المؤتمر الوطني الافريقي قادرين على دخول الولايات المتحدة الا بعد الحصول على وثيقة من وزارة الخارجية الاميركية لحضور اجتماعات الامم المتحدة في خطوة وصفتها وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس "بالمحرجة".