حقوق وحريات

قلق على مصير 150 لاجئا سوريا اختفوا في اليونان

لاجئون سوريون في اليونان (أرشيفية)

لا شي مهم  يحدث في قرية براغي اليونانية؛ وعندما حضر150 لاجئا سوريا إلى قريتهم مبتلين بالماء بعد أن قطعوا نهر "إيفروس" الذي يفصل تركيا عن اليونان، كان حدثا كبيرا لن تنساه القرية، خاصة مشهد الأطفال الذين تجمعوا في ساحة كنيسة القرية وكانوا يرتجفون من البرد، والرجال الذين جلسوا تحت الأشجار في الغابة القريبة؛ وهو مشهد لا يمكن لأهل قريته نسيانهم. ثم جاءت عربة النقل البيضاء التابعة للشرطة، "واختفى السوريون" الذي هربوا من الحرب في بلادهم وكانوا يحاولون البحث عن حياة جديدة في أوروبا، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

ويقول المحامي فاسيليس بابادوبولس المحامي المتخصص في قضايا المهاجرين والدفاع عنهم "لقد فقدنا أثرهم منذ ذلك الوقت"، ويضيف "لقد اختفوا، ونعتقد اعتقادا جازما أنه تم إجبارهم على العودة لتركيا".

وتقول هيلينا سميث في تقرير لها بصحيفة "الغارديان": "عبر الناشطون والمحامون ونواب المعارضة وخبراء الهجرة والمسؤولون الدوليون، عن قلقهم من السياسة القاسية التي تمارسها الشرطة مع المهاجرين ومحاولتها لإبعادهم عن اليونان".

وفي آخر تقرير لها انتقدت منظمة العفو الدولية (أمنستي) اليونان بشدة لـ"معاملتها البائسة" للمهاجرين الباحثين عن اللجوء، خاصة السوريين الهاربين من الحرب.  وقد أدى الترحيل الإجباري والوفيات الكثيرة لزيادة النقد للحكومة اليونانية.

وفي انتهاك واضح  للقوانين الدولية التي وقعتها اليونان، شن خفر السواحل ورجال الشرطة حملة على المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي عن طريق اليونان.

وتقول منظمات حقوق  إنسان ان عمليات دفع القادمين بالقوة للعودة من حيث جاءوا هي العلامة البارزة لهذه السياسة. وقد زادت هذه الحملة مع تفاقم الأزمة المالية التي لم تشهد اليونان لها مثيلا في العصر الحديث.

 ومنذ وصول الائتلاف الحكومي بقيادة أنطونيوس سمارا للحكم العام الماضي، تعرضت الحكومة لاتهامات باعتقال المهاجرين قسرا وضربهم وتجريدهم من ممتلكاتهم. ووجهت اتهامات لوحدات خفر السواحل الخاصة برمي المهاجرين في المياه التركية.

 وتنقل الصحافية عن كيتي كيهاوليو في مكتب مفوضية اللاجئين التابع للأمم المتحدة في اليونان قولها: "لا نزال لا نعرف ما حدث للجماعتين في قرية براغي"، و"لم يتم تسجيل أي منهم في مكتب الوصول الأول كما تقتضي التعليمات وعليه فنحن نطالب بتحقيق".

وجاءت الأحاديث في الوقت الذي طالبت فيه "أمنستي" الحكومة اليونانية بالتحقيق بتصريحات أطلقها رئيس الشرطة باغنيابولوس والتي زُعِم فيها أنه طلب من رجال الشرطة جعل حياة المهاجرين لا تطاق.

ونقلت" الغارديان" ما قاله مسؤول مكتب أوروبا ووسط آسيا بأمنستي جون داهلوسين معلقا: "إذا ثبتت صحة هذه التصريحات فهي مثيرة للقلق، وتظهر تجاهلا متعمدا لحقوق وسلامة المهاجرين الباحثين عن ملجأ ومكان في دول الاتحاد الأوروبي".

وكانت محكمة يونانية قد حكمت بالسجن العام الماضي على شرطيين في خفر السواحل، بعدما عرضا حياة طالب لوجوء للخطر من خلال تطبيق أسلوب "الإيهام بالغرق" و الإيهام بالإعدام.

ويضاف إلى هذا النقد الحالات المتكررة من العثور على الجثث العائمة في بحر إيجة، خاصة في المياه المشتركة بين تركيا واليونان. وقدرت المنظمة غير الحكومية "بروستايل" عدد المهاجرين الذين ماتوا في البحر بحوالي 149 في العام الماضي، وهي زيادة نسبية عالية نظرا للمخاطرة التي يقوم بها المهاجرون للهروب إلى أوروبا. ويعتقد ناشطون أن ارتفاع عدد حالات الغرق يرتبط بلجوء المهربين لسلوك طريق جديد لنقل المهاجرين عبر جزر إيجة لليونان، بعد أن تم بناء سياج بطول ستة أميال بين تركيا واليونان مزود بأجهزة كشف إلكترونية حساسة لمنع التنقل بين البلدين.

ويقول تقرير للمنظمة "بروستايل" إن التغيير في طرق الهرب أدى لموت الكثير من الأشخاص معظمهم سوريون وأفغان، ومن بينهم أطفال ونساء حوامل. ويشير التقرير أيضا إلى "القسوة  والانتهاكات التي لا يمكن لاحد تخيلها" والتي تمارس على اللاجئين. ويضيف: "تدفع الشرطة اليونانية المهاجرين للعودة من حيث أتوا بالقوة، ويحدث هذا بشكل منظم وبتواطؤ مع سلطات الدول الأوروبية على الرغم من أنه ضد القانون".

وبحسب وكالة مراقبة الحدود في الاتحاد الأوروبي فقد زادت قدرة الكشف عن المهاجرين الذين يريدون العبور إلى اليونان بنسبة 912% بعد بناء السياج.

 ونقلت الغارديان عن النائبة في الحزب اليساري افروديت ستامبولي وصفها للسياج بأنه "جدار العار"، وقالت النائبة عن حزب "سيريزا": "هذا مثير للاستفزاز وهو منع ناس هم بأمس الحاجة للمجتمع الدولي من الحصول على المساعدة".

وعن اللاجئين السوريين الذين اختفوا تقول "نعرف أن هناك 150 سوريا عبروا الحدود لأن أقارب لهم في اليونان وأوروبا أكدوا هذا"، وأخبروهم بوضوح "نحن في قرية براغي، بعضنا في ساحة الكنيسة والأخرون في الغابة". وتقول رواية الشرطة إنهم عثروا على 13 شخصا  وهذا لا يضيف للحقيقة؛ لأن المهاجرين أجبروا على العودة.