ملفات وتقارير

إسلاميو الجزائر يحذرون من نتائج الصراع بين أطراف السلطة

بوتفليقة - أ ف ب

دعا زعيم "جبهة الصحوة الحرة" السلفية في الجزائر، الشيخ عبد الفتاح زراوي حمداش، الشعب الجزائري إلى عدم الانسياق وراء الصراع الدائر في أعلى هرم السلطة، ووصف الوضع في الجزائر بـ"الخطير جدا"، في حين طالب زعيم حركة مجتمع السلم بفتح تحقيق بشأن التصريحات "النارية" التي أطلقها الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (الحاكمة) ضد جهاز الاستخبارات وعلى رأسها الفريق محمد مدين المعروف باسم "توفيق".

وقال الشيخ حمداش في بيان أرسلت نسخة منه إلى "عربي21": "هناك طرفان بدوائرهما متصارعان على البلاد ومصير شعب"، مضيفا: "إن جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية تدعو الشعب الجزائري إلى عدم الانجرار وراء الطرفين المتصارعين حتى لا يوظف في تصفية حسابات القوم على حساب مؤسسات البلاد وأجهزة الدولة ومصير الشعب الجزائري".

ويأتي "تحذير" السلفيون في الجزائر من الحاصل في صراع بأعلى هرم السلطة قبل نحو 72 يوما من موعد انتخابات الرئاسة المقررة في 17 نيسان/ أبريل المقبل، إثر "الهجمة" غير المتوقعة لرئيس حزب "بوتفليقة" عمار سعداني الاثنين الماضي، حيث اتهم مدير دائرة الاستعلام والأمن في وزارة الدفاع الوطني الجنرال توفيق بالتدخل في الحياة السياسية، مقابل "التقصير" في أداء المخابرات في ملفات عدة، على رأسها "فشلها في منع اعتداء تيقنتورين"، بمحافظة أن امناس، في كانون الثاني/ يناير 2013 والتي راح ضحيتها 38 قتيلا من جنسيات أجنبية مختلفة. كما قال سعداني أيضا ان "المخابرات فشلت كذلك في حماية الرئيس الجزائري الأسبق محمد بوضياف الذي اغتيل بمحافظة عناية (500 كلم شرق العاصمة) في 29 حزيران/ يونيو 1992.

وعلق الشيخ حمداش بالقول: "إننا نصنف الوضع السياسي في الجزائر حقا بالخطير جدا". وتابع: "وصل العراك بين الطرفين إلى مرحلة صراع جد محتدم، وقد يوظف الطرفان كل المساحات والملفات والدوائر والمؤسسات والأجهزة والأحزاب والجمعيات والشعب كأدوات وعناصر تصفية حسابات في هذا الصراع المرير".

وألمح الشيخ حمداش إلى أن تصريحات سعداني ضد المسؤول الأول عن جهاز الاستخبارات بالجزائر تعكس صراع أجنحة في قمة السلطة بين "الجنرال توفيق" الذي يرفض أن يتولى بوتفليقة ولاية رابعة، وبين داعمي بوتفليقة في محيط رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية.
    
وقال حمداش: "في كل جهة ومؤسسة وجهاز أطراف وجماعات ودوائر من هؤلاء وهؤلاء، ويريد كل طرف منهما البقاء على العرش في الحكم والسلطة والاستحواذ على القرار والدولة ومفاصلها، حفاظا على المصالح والمكاسب والمطامح والمطامع، والحصول على المزيد من الامتيازات والمنافع والمساحات".

 وحذر رئيس "جبهة الصحوة الإسلامية الحرة" من تهديم أركان الدولة، وقال: "نحن نرى: دولة مؤسسات لا دولة أشخاص، دولة عدل لا دولة تصفية حسابات، دولة نظام وحق لا دولة جبر وقهر وملك، دولة شرع وشرعية لا دولة انقلابات سرية وعلانية، دولة حقوق ومواطنة لا دولة فئة جهوية ومحسوبية".

وشدد زعيم التيار السلفي في الجزائر على أن "الجزائر لكل الجزائريين وليست ملكا لعائلة أو جماعة أو فئة أو عصابة". تابع: "نعلن للأمة أننا لسنا مع أحد من الطرفين فنحن مع الإسلام والجزائر والثوابت السيادية والمقررات الوطنية الإسلامية".

وتأتي المواقف المعبر عنها من قبل السلفيين في الجزائر في خضم جدال مشحون إزاء علاقة الرئيس بوتفليقة بجهاز المخابرات، بعد ان أقدم على تغييرات جوهرية في قياداته شملت إحالة أربعة من كبار الضباط على التقاعد في الأيام الأخيرة.

وفي وقت تحاشت غالبية الأحزاب التعليق على "الصراع" الدائر في أعلى هرم السلطة، تصدرت الأحزاب الاسلامية طابور التعليقات والمواقف، باعتبارها أولى الاحزاب التي كانت أشارت إلى ما أشار إليه عمار سعداني في السابق.

ودعا عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" المحسوبة على الإخوان المسلمين، مؤسسة القضاء إلى "فتح تحقيق في التصريحات النارية التي أدلى بها عمار سعداني ضد مؤسسة الاستخبارات"، وقال إن "الطرفين مسؤولين عن التحلل الذي أصحاب مؤسسات الدولة".

وتحدى مقري، الذي أعلن مقاطعة حركته انتخابات الرئاسة، القضاء أن يقوم بذلك وخاطب وزير العدل الطيب لوح بالقول: "فليتحرك القضاء في كل الاتجاهات ما دام المتهَم معروفا والمتهِم معروفا والتهم معروفة ومذكورة في التصريحات".

وقال مقري: "حينما كنا نطالب بتمدين العمل السياسي ورفع الأجهزة الأمنية العسكرية والإدارية يدها عن الانتخابات ودعم هذا الحزب وضرب ذاك، كان زعماء جبهة التحرير والمتزلفون في مختلف الأحزاب يعتبرون ذلك تطرفا".

وتابع: "نحن لم نكن نتهجم على أحد، ولكن كنا نقوم بواجب التوعية حتى يصبح للسياسة معنى، وحتى يصبح السياسي حرا يحركه ضميره ومؤسسات حزبه السيدة، ولكي تصبح السياسة نافعة للبلد وليست مرتعا للمصالح الشخصية". ورأى رئيس حركة مجتمع السلم أن "ما قاله سعداني ليس "شجاعة" ولكنه "صراع الأجنحة".

بدوره، أكد عبد المجيد مناصرة، رئيس "جبهة التغيير" الإسلامية المحسوبة هي الأخرى على الإخوان المسلمين، أنه وقبل أسابيع قليلة تفصلنا عن موعد 17 نيسان/ أبريل "توجد الرئاسيات في خطر شديد ومأزق كبير"، معتبرا أن هناك خطر "انتخابات دون مرشحين" و"خطر انتخابات دون ناخبين"و" خطر ان ينافس النظام نفسه".

وحذر مناصرة من احتمال مقاطعة شعبية واسعة، حينما اعتبر انه "من الخطر أن يتمرد الشعب ويرفض المشاركة في انتخابات هزلية وغير نزيهة ولا تسمح بالتغيير"، كما تابع: "أكيد أن الإدارة قد أعدت لذلك صناديق مملوءة وسجلات موقعة وأرقاما محددة" في اشارة منه الى وجود تزوير مسبق لموعد 17 نيسان/ أبريل المقبل.