مدونات

هل يصبح اختراع الكفتة عنواناً لنكسة يونيو أخرى؟!

رضا
يستمرىء الكثير من مؤيدي الانقلاب العسكري تشبيه زعيم الانقلاب بزعيم نكسة يونيو 1967 جمال عبد الناصر أو كما يسميه بعض منظري الناصرية ب"خالد الذكر" ذلك أننا لم نتخلص بعد من أسر الحنين إلى الزعيم الملهم والنظام الأوحد، وكأننا لم نتعلم من دروس الماضي الأليم حيث سياسات القمع والقبضة الأمنية وانتهاك الحرمات الشخصية وتكميم الأفواه وتأميم الحياة السياسة لصالح فئة بعينها ونظام واحد وشخص واحد مع مجموعة من الضباط المنتفعين والموالين لهم رهنوا البلاد والعباد خدمةً لمصالحهم الشخصية فكانت النتيجة النهائية هزيمة نكراء سحقت جيش الكنانة وسوّته بالأرض لأن نظام "خالد الذكر" زعيم النكسة باع التروماى لشعبه وصدّر لهم صناعة الكذب حتى غرقنا في بحر الأوهام أننا على مشارف القدس الشريف في دقائق معدودة وأن جيشنا العظيم بات في قلب" تل أبيب" حيث كانت إذاعة "صوت العرب" أداة عبد الناصر الإعلامية آنذاك في صناعة وتصدير الكذب ليس للشعب المصري فحسب بل لبقية الشعوب العربية والإسلامية بل والأفريقية التواقة للحرية والاستقلال الوطني التي تستمد المنعة والقوة من مصر الشقيقة الكبرى.

بعد فضيحة الاختراع المعجزة جهاز" الكفتة" لعلاج مرضى الإيدز وفيروس"سي" التي أعلنت عنه القوات المسلحة عبر لواء مكلف خريج معهد فني صحي كان يعالج بالأعشاب في عيادات متنقلة في القاهرة والإسكندرية فضلاً عن قناة الناس المغلقة ، أخشى أن تكون إرهاصات لنكسة جديدة وهزيمة طبيعية قد تلوح في الأفق بعد استدعاء صناعة الكذب وبيع الوهم للشعب على طريقة عصر الستينيات ومغامرات جيش عبد الناصر الذي لم ينتصر في معركة وبطولاته الحنجورية الزائفة من عينة إسقاط الطيران الإسرائيلي على الأرض ومن ثم انهيار أسطورة جيش الدفاع الصهيوني (حسب بيانات إذاعة صوت العرب العسكرية الممهورة بخاتم مكتب المشير عبد الحكيم عامر ) بينما كان الطريق ممهداً إلى القاهرة ، و استيقظنا على كابوس الهزيمة المنكرة في 5 يونيو 1967 واحتلال سيناء والجولان والقدس والضفة وغزة ما زلنا ندفع ثمنها الباهظ مع محيطنا العربي والإسلامي حتى الآن ، إلاّ أن البعض يصرّ على جرّنا قسراً إلى أيامٍ نحسات لم نبرأ من جرحها الغائر حتى اليوم ولم نتعافى من تبعاتها السياسية والاقتصادية بعد.

إذا نظرنا إلى صحف زعيم النكسة في الستينات من القرن الماضي خاصة صحيفة " الأهرام" ورئيس تحريرها محمد حسنين هيكل منظر ذلك العصر الغابر وعرّاب انقلاب 3 يوليو أيضاً وربما يكون شاهداً على نكستين في أقل من نصف قرن (ولا نتمنى ذلك بالطبع لبلادنا لكن المقدمات السيئة تدل على النتائج السيئة أيضاً) – فتقرأ في " الأهرام" قبل نكسة يونيو 1967على صدر صفحتها الأولى مانشيتا بعنوان: "الرائد" صاروخ جديد متعدد المراحل ظهر في العرض العسكري أمس – وتحته : الصاروخ الجديد مداه 1000 كيلو متر ويستطيع أن يخترق نطاق الجاذبية الأرضية إلى الفضاء الخارجي وتحت الخبر أيضا " 7 أسلحة جديدة ظهرت لأول مرة في العرض العسكري الكبير". ونقرأ في الأهرام أيضا مانشيتاً عريضاً بعنوان " عبد الحكيم عامر يعلن في خطابه : الأسطول تمكن من صنع غواصة " جيب" تنزل إلى البحر خلال أسبوعين – وتحته خبر بعنوان " انتصار علمي وعسكري ضخم للجمهورية العربية المتحدة : تمت تجربة أول طائرة مقاتلة صُمّمت وصنعت في الجمهورية العربية المتحدة ( أي مصر) ونجحت التجربة – الطائرة الجديدة تفوق سرعة الصوت مرتين  - السر الكبير الذي حفظته القاهرة حتى تحقق . انتهى الخبر!.

 هكذا كانت الأخبار وقتها حيث لم نرى تلك الاختراعات الجبارة حتى الآن ولم ترى النور حتى اللحظة في الفضاء العالمي كي نتفاخر بعقولنا وصناعاتنا الرائدة أما العالم ذلك أنها بكل بساطة من عينة جهاز " الكفتة " مجرد فرقعات في الهواء وفنكوش كبير تعيشه مصر منذ أكثر من 60 عاماً حيث ما زلنا نعانى من ذات العقلية الحاكمة للبلاد احترفت صناعة الكذب والوهم كما فعل " جوزيف جوبلز" وزير إعلام أو دعاية " هتلر" في تصدير الكذب حتى هُزم هتلر ومشروعه وتم سحق جيشه بالكامل وهو ما حدث تقريباً لمصر (الناصرية ) فكانت النتيجة هزائم ميدانية وسياسية واقتصادية ومشروع بطل من ورق وضياع لحاضر ومستقبل أمة ، وأخشى ما أخشاه أن نكون مقبلين على نكسة جديدة كنتيجة طبيعية بائسة من الغرق في أنهار الكذب والأوهام.