سياسة عربية

باسم يوسف والأسواني ينتقدان السيسي بمقالين خطيرين

ألغت قناة السي بي سي المصرية برنامجا ليوسف بعد انتقاد السيسي - الأناضول
 طرأ تحول جديد على عدد من الكٌتاب المصريين المؤيدين لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو 2013 التي استغلها العسكر للإطاحة بالرئيس المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي، إلى توجيه نقد عنيف لسلطات الانقلاب، والمشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع (قائد الانقلاب).
 
وكان جاذبا للانتباه في هذا التحول أنه ضم مؤخرا كلا من الإعلامي الساخر باسم يوسف، والكاتب اليساري الدكتور علاء الأسواني، وكلاهما من ألد أعداء الإخوان المسلمين، وقد بذلا جهودا حثيثة طيلة عام كامل من أجل إسقاط نظام الدكتور مرسي.
 
وقد فاجأ كل من يوسف والأسواني الرأي العام المصري الثلاثاء 11 آذار/مارس 2014 بمقالين شديدي اللهجة، شنا فيه هجوما ضاريا على نظام الحكم الحالي على وجه العموم، وشخصية المشير السيسي على وجه الخصوص.
 
فقد وجه باسم في مقاله بجريدة "الشروق" الثلاثاء بعنوان: "أجيبلكم منين؟" نقدا لاذعا للدعوة التي أطلقها المشير السيسي إلى الشعب المصري من أجل أن يتقشف في مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد.
 
وقال يوسف: " قبل أن يتوجه إلينا المشير السيسى بقوله لنا "إديتم ايه لمصر" ربما كان من الأفضل أن يطرح هذا السؤال على المؤسسات الاقتصادية للجيش التى تسيطر على نسبة ضخمة من اقتصاد البلد بدون مساءلة حقيقية، وبدون تعاملات ضريبية تأخذ بها مصر حقها من هؤلاء الذين أخذوا ما يريدون فعلا".
 
وتساءل باسم: "هل البرنامج الاقتصادى للفريق السيسى يتمحور حول "استحملوا؟ وشدوا الحزام، وتقشفوا؟
 
وأجاب: "لو كان هذا هو برنامجه فيجب أن يتوجه به للمؤسسات الحكومية، وليس الشباب أو المواطنين الذين إذا تقشفوا هم أيضا فبذلك أنت تقضى على القوة الشرائية فى البلد، وتقودها إلى الكساد"، على حد تعبيره.
 
وأضاف: "الغريب أن الاعلام الذى صفق لعبارة "أد الدنيا" يتمايل رأسه بإعجاب، وهو يستمع إلى دعاوى شد الحزام، و"نستحمل" وظروف مصر الصعبة.. ونفس هذا الإعلام كان يسخر من مرسى وهشام قنديل ورفاقهما حين تكلما عن الملبوسات القطنية، وغلق المحال بالليل..أما الآن فالإعلام نفسه هو من يطالب الشعب بأن يستيقظ خمسة الصبح ليتوجه للشغل، ولكن فاتتهم مقولة المشير السيسى "الناس عايزة شغل، طب منين؟".
 
وتساءل يوسف: إلى من يوجه المشير كلامه؟ هل يوجهه لشباب لا يستطيع الزواج أم للعمال المطحونين والعواطلية الذين لا يملكون ترف تناول طعام الإفطار قبل التفكير فى مصر؟
 
وتابع: "يتساءل المشير: "هل فكر واحد مننا أن يذهب مشيا إلى جامعته أو شغله حتى يوفر على البلد؟ فهل يعرف المشير أن هناك من يسكن فى البدرشين وقليوب وبشتيل ويعمل أو يدرس فى وسط القاهرة؟ وهل إذا استجاب الشعب لهذا المنطق النبيل..هل سيقوم به الوزراء وضباط الجيش واللواءات، فنستغنى كلنا عن السيارات والمواصلات العامة؟ أم أننا سنعتمد على الفقراء ليقوموا بممارسة الرياضة اليومية بالنيابة عننا بعد أن يتنازل (الفقير) عن إفطاره لأنه حاسس بعقدة ذنب لأنه لم يفعل شيئا لمصر؟".
 
وتابع باسم: "مصر ليست كيانا منفصلا عننا يحتاج أن يقتات علينا فنموت حتى يحيا هذا الكيان.. مصر هى "إحنا"، مصر ليست مؤسسات الدولة التى يتم حمايتها من المكاشفة والمحاسبة والتدقيق الضريبى تحت دعوى السرية والأمن القومى، فى حين يتقشف البسطاء فيمشون إلى الجامعة والعمل (إن وجد)، ولا يفكرون متى سيتزوجون؟ وكيف سيعيشون؟".
 
وتساءل يوسف باستنكار: "هل هذا هو البرنامج الاقتصادى الذى ينتظر البلد؟ المزيد من: "اصبروا"، و"أجيبلكم منين؟"، و"ما هو أصل أنتم كتير وعمالين تزيدوا"؟!
 
وعلق بالقول: "حديث التقشف ليس جديدا علينا، قبله كان مبارك "يسم بدنا" بمقولاته الشهيرة مثل: أجيبلكم منين"، ليأتى المشير السيسى ليقول لنا: "تأمين صحى؟ طب منين؟، شغل؟ طب إزاى؛ لذلك فيجب فعلا أن نظلم جيلا أو جيلين، على حد قوله، حتى يستمر الآخرون، ولكننا لا نعرف من هم الآخرون؟ هل هم ما تبقى من الشعب بعد ظلم تلاتين سنة جايين؟ (جيلين يعنى) أم الذى سوف يستمر هم من حول السلطة الذين يخربون ميزانية الدولة من مرتبات وعمولات وبدلات ضخمة ثم نيجى على العامل والطبيب ونقول له "مافيش؟"
 
وخلص باسم إلى القول: "التقشف وخلاص ليس حلا. وسياسة شد الحزام لا تبنى اقتصاد أمم. بل يبنيها مناخ صحى للاستثمار، وخلق الوظائف، وضرائب عادلة على الكل (أكرر على الكل)، وبيئة مناسبة لجذب رؤوس الاموال تتضمن المكاشفة والشفافية حتى لمؤسسات الجيش الاقتصادية. أما مسميات مثل خفض الإنفاق والتوفير فهو يسرى فقط على مؤسسات المال العام، وإذا أردت أن تلغى الدعم فامنعه عن القادرين والأغنياء والمصانع التى تحاسب على الكهرباء مثل حساب الفقير. نحن نحتاج لكل ذلك قبل أن نفكر فى مطالبة العاملين بالخارج بمرتب شهر أو لأن نسعى لفرض جباية عليهم سواء بالعافية عن طريق ضريبة أو بالكلام الحنين."
 
وباسم يوسف من مواليد 1974، وهو جراح مصري، ومقدم برنامج سياسي ساخر اسمه "البرنامج"، يحاكي فيه البرنامج الأمريكي (ذا دايلي شو). وفي عام 2013 تم اختياره ضمن قائمة أفضل 100 شخصية مؤثرة في العالم من قبل مجلة تايم. كما تم ترشيح برنامجه كأفضل برنامج في عام 2013 من قبل موقع "يوتيوب".
 
واشتهر باسم يوسف بسخريته اللاذعة طيلة عام كامل من حكم الرئيس الدكتور محمد مرسي. لكنه بعد الانقلاب في الثالث من تموز/ يوليو 2013 توقف عن بث برنامجه حتى أواخر عام 2013، قبل أن يعاود باسم تقديم البرنامج مرة أخرى من خلال القناة نفسها، لكنها أوقفته عن العرض، مكتفية بحلقة واحدة منه، قبل أن ينتقل إلى فضائية أخرى، يقدم عليها البرنامج حاليا.
 
تسقط جمهورية "كأن"
 
في سياق متصل، فوجي المصريون بمقال للدكتور "علاء الأسواني "تسقط جمهورية كأن"، في جريدة المصري اليوم 11 أذار/ مارس 2014، إذ وجه فيه نقدا لاذعا للمشير السيسي.
 
فقد قال الأسواني: "قانون الانتخابات الذى صدر منذ أيام انتهك الدستور فى أكثر من موقع، وتم تفصيله لصالح مرشح بعينه، وهو أكبر دليل على أن هناك قوى حاكمة تريد أن تعيد المصريين إلى عهد مبارك".
 
وتساءل: "عن أى ديمقراطية يتحدثون، بينما رئيس الجمهورية المؤقت تجاهل رأى مجلس الدولة صاحب الاختصاص، وقام بتحصين اللجنة العليا للانتخابات؟ من الذى سيطبق شروط قانون الانتخابات على المشير السيسى؟! ما هى الجهة التى بمقدورها أن تكشف عن مصادر تمويل حملة المشير السيسى، وتراقب التزامه بالحد الأقصى للإنفاق؟! كيف نتحدث عن تكافؤ الفرص بينما قنوات الإعلام الرسمية والخاصة لا هم لها إلا كيل المديح للسيسى ليل نهار وشوارع القاهرة ممتلئة بملصقات الدعاية له؟
 
وتابع تساؤلاته: "من يجرؤ على نزع صور المشير السيسى من الشوارع؟  ومن يجرؤ على سؤاله عن ميزانية حملته؟ ومن يمولها؟! ما الفرق بين ترزية القانون الذين فصلوا قانون الانتخابات الأخير وهؤلاء الذين صاغوا التعديلات الدستورية تمهيدا لتوريث جمال مبارك؟".
 
وأضاف الأسواني: "ما يحدث الآن يعيد مصر إلى المربع الأول، وكأن ثورة لم تقم.. إنها محاولة أخرى لصناعة شكل ديمقراطى زائف بينما المضمون استبدادى، ومتفق عليه. يريدون استعادة جمهورية كأن لكنهم لن ينجحوا لأن إعادة المصريين إلى حظيرة الخوف مستحيل. ملايين المصريين الذين واجهوا الرصاص والخرطوش والمدرعات وحملوا على أكتافهم الشهداء والمصابين لن يفرطوا فى حلمهم بالحرية".
 
وشدد الأسواني على أن: "من وضع قانون الانتخابات ما زال يعيش فى عصر مبارك.. فليعلم أن معادلة مبارك لم تعد قابلة للتطبيق فى بلادنا. أعداء الثورة فى السلطة يعتقدون أنهم سيفعلون بالمصريين ما يريدون، وستتولى أجهزة الأمن تأديب من يعترض..لقد عملوا جاهدين لتشويه الثورة عن طريق عملاء الأمن فى الإعلام، وألقوا رموز الثورة فى السجن ثم اعتقدوا أنهم قضوا على الثورة، ويريدون الآن استعادة النظام القديم بالكامل. حساباتهم خائبة وغبية لأن علاء عبدالفتاح وأحمد دومة وعمر حاذق ورفاقهم شاركوا فى الثورة لكنهم ليسوا أصحابها. صاحب الثورة هو الشعب المصرى وحده، وهو لن يهدأ حتى يحقق أهداف الثورة بالكامل".
 
ومضى إلى القول: "الدولة المصرية تخوض حربا ضد الإرهاب، وواجبنا جميعا أن ندعمها لكن ثمة عناصر فى السلطة حربها الأساسية ضد الثورة. وهى تستعمل الحرب ضد الإرهاب كذريعة للقضاء على الثورة، والانتقام من الثوريين الذين أسقطوا كبيرهم مبارك، وألقوا به فى السجن. ما علاقة الحرب ضد الإرهاب بتعقب الثوريين، وحبسهم سنوات بتهم ملفقة؟!.ما علاقة الحرب على الإرهاب بتشويه سمعة الثوريين، وانتهاك أعراضهم فى التليفزيون؟".
 
ومضى الأسواني في تساؤلاته: "لماذا لا يتحرك النائب العام ضد الشتامين المأجورين الذين ينتهكون أعراض الثوريين فى الفضائيات التى يملك معظمها فلول نظام مبارك؟!.. لمصلحة من يتم إلقاء خيرة شباب الثورة سنوات فى السجن لأنهم تظاهروا سلميا؟.. ما قيمة الدستور الذى أنفقت مصر ملايين الجنيهات للاستفتاء عليه إذا كان من يحكم مصر الآن يعتبر الدستور مجرد زينة، وينتهكه كل يوم؟!".
 
وعلاء الأسواني من مواليد عام 1957، وهو كاتب وروائي، حاصل على بكالوريوس طب الأسنان من جامعة القاهرة، وماجستير طب الأسنان من جامعة إلينوي بشيكاغو..ويباشر عمله في عيادته بحي جاردن سيتي. وهو  أول مصري يحصل على جائزة برونو ك رايسكي التي فاز بها المناضل الإفريقي نيلسون مانديلا وتلاه الناشط الفلسطيني الراحل فيصل الحسيني. وهو أيضاً أول مصري وعربي يحصل على جائزه الإنجاز من جامعة أمريكية (الينوي) لعام 2010. كما تم اختياره بواسطة جريدة التايمز البريطانية، كواحد من أهم خمسين روائيًا في العالم، كما تمت ترجمة عدة أعمال له إلى اللغة الإنجليزية.