ملفات وتقارير

خبير اقتصادي: سوء توزيع الثروات العربية يزيد الفقر

بين براميل النفط والبراميل المتفجرة - تعبيرية
في حساب المفارقة بين براميل النفط والبراميل المتفجرة، يبرز الفقر سمة رئيسة لمجتمعاتنا العربية، على الرغم من وفرة الموارد الاقتصادية التي حباها الله بها. وتتنوع الموارد الاقتصادية في هذه المجتمعات بين الزراعة والصناعة والأيدي العاملة، صعودا إلى النفط (الذهب الأسود).
 
وتعتمد ميزانيّة دول الخليج العربي بشكل رئيس على عوائد النّفط. وهذا عكس ما هو سائد في الدّول الصّناعيّة، والتي عادةً ما تعتمد على الضّرائب المُحصّلة من دخل الشّركات الخاصة، ودخل الأفراد، مورداً رئيساً لميزانياتها العامة.

وفي المقابل، تعاني الدول العربية غير النفطية من أوضاع اقتصادية صعبة، تتمثل في مديونيات ضخمة ونسب بطالة عالية وتدن في الخدمات الصحية والتعليمية. ويتساءل كثير من مواطني تلك الدول عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الفوائض المالية الخليجية في التخفيف من معاناتهم الاقتصادية.

وأوضح الكاتب والخبير الاقتصادي الأردني محمد العلاونة، في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "مقولة توزيع الثروات على البلاد العربية قديمة وطرحها أكثر من خبير اقتصادي، ويمكن أن تكون واقعًا مطبّقًا، ولكن على أسس الاستثمارات المتبادلة وتبادل الخبرات والأيدي العاملة، من خلال تعاون عربي عربي"، وبيّن أن "هذا غير متوفّر عربيًّا".

ونبّه إلى أن "الاستثمارات الخليجية في الغالب تتم في بلاد الغرب، بشكل إيداعات بنكية ومصاريف جارية لا عوائد وراءها، ولا فوائد تُرجى منها للدول العربية".

وفي المقابل، فإن مقولة عدم وجود خبرات عربية متميزة عارية عن الصحة، فلدى العرب الكثير من الخبرات في مختلف الأقطار العربية، وفي مختلف المجالات، وفق ما قال العلاونة.

وأفاد العلاونة بأنه "لو تمكن العرب من التعاون والوحدة أو حتى التنسيق فيما بينهم لأصبح المواطن العربي يعيش في مستوى اقتصادي يفوق نظيره الأوروبي والأمريكي". 

وأضاف أنه "وفق معايير التكافل بين الأشقاء والتعاون الأخوي المشترك، سيتم تشغيل كلّ الخبرات المكدّسة في المجتمعات العربية والإفادة منها، واستغلال كلّ الأيدي العاملة النوعية والمتوفرة بكثرة في أسواق الدول العربية جميعها".

وأشار إلى أن "كل بلد خليجي يرى أن مصلحته تكمن في إنفاق ثرواته على استثماراته الخاصة، بشكل نفقات جارية". 

وأوضح أن الإنفاق الخليجي بمجمله هو "إنفاق على الخدمات والاستيراد وليس على استثمارات تنموية ذات مردودات ربحية". 

ولفت إلى أن "الصناعات في الخليج تقتصر على الصناعات النفطية، وبعض الصناعات الخفيفة التي تفتقر إلى المنافسة".

وزاد أن "الإيرادات لا يتم استثمارها في السياحة بشكل يرفع من مستوى هذا القطاع وفاعليته في الاقتصاد، ولا في الزراعة بشكل فاعل، مع استثناء الاستثمارات الزراعية التي شاركت فيها السعودية مؤخرًا في السودان".

وأكد أن "قطاع الصناعة متخلف في الخليج، لأن الثروات تدار بشكل خاطئ. كما أن الإمارات -على سبيل المثال- تُعدّ دولة خدماتية، وتفتقر إلى المصانع".

وبيّن العلاونة أن "شركات النفط العملاقة التي تحتكر التزويد بالوقود في دول الخليج هي جميعها أجنبية (أمريكية وأوروبية)، وتستخدمها الدول الكبرى لاستعمار هذه الدول العربية اقتصاديًّا". وتابع بأن "هناك اتفاقيات عمل ومحاصصة قديمة وسرية مع هذه الدول، تمت منذ اكتشاف النفط في الخليج العربي. وما زالت هذه الاتفاقات نافذة إلى يومنا هذا".

يذكر أن دراسة نشرها مركز الخليج لسياسات التنمية، أظهرت أن دول مجلس التعاون الخليجي الست، تمتعت بطفرة اقتصادية هائلة حتى أواخر عام 2008، حيث تضاعف حجم اقتصادها ببلوغه 1.1 تريليون دولار أمريكي خلال الفترة من عام 2002- 2008. 

يشار إلى أن اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي بصفة رئيسة على النفط، يعود إلى امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم، إذ يُقدّر بنحو 486.8 مليار برميل، أي ما يعادل 35.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي من النفط الخام، وما نسبته 70% من إجمالي الاحتياطى العالمي لـ"أوبك"، بحسب أحدث الإحصاءات. ومن حيث الترتيب تُعد هذه المنطقة من أكبر المُنتجين والمُصدرين للبترول.

وسجلت ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2012 فائضا بمقدار (386.5) مليار ريال سعودي.