مقالات مختارة

الجربا وحدود الدعم الأميركي

1300x600
كتب هشام ملحم: من السابق لأوانه الحكم بشكل نهائي على نتائج زيارة رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية أحمد الجربا لواشنطن، وإن كان يمكن القول – استنادا إلى أجواء الأوساط الحكومية وفقا لمصادر مطلعة عليها - إنه لن يحقق مطلبه الرئيسي، أي الحصول على أسلحة متطورة نوعيا، بما فيها صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.

المسؤولون الأميركيون يتعاملون مع الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس "للمعارضة السورية المعتدلة" (وهي العبارة التي يستعملها المسؤولون دوما) على أنها نقلة نوعية على المستويين السياسي والرمزي، مثل رفع مستوى مكاتب الائتلاف في واشنطن ونيويورك إلى "بعثة أجنبية"، وزيادة المساعدات المالية غير القتالية، ولكن لا مؤشرات منهم لكونها ستشكل نقلة نوعية في الدعم العسكري.

المسؤولون يقولون ان الزيارة تأتي في سياق اخفاق "عملية جنيف"، وقبل الانتخابات الرئاسية في سوريا والتي ترفضها واشنطن سلفا وتشكك في صدقيتها، ونتيجة لمحادثات الرئيس باراك اوباما مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي حض واشنطن على رفع مستوى دعمها للمعارضة، ورفع "بروفيل" الجربا كقائد لها.

الزيارة أتت ايضا بعد تسليم الفصائل العسكرية المنضوية تحت لواء الائتلاف "عددا محدودا جدا" من الصواريخ المضادة للدروع، قديمة الصنع، استنادا الى مصدر مطلع، "لامتحان" انضباط هذه الفصائل، وليس بالضرورة لتغيير الموازين القتالية، وان يكن ذلك لا يتناقض مع رغبة اميركية في أن تساهم المساعدات الاميركية اللوجستية، فضلا عن الاسلحة الخفيفة والمتوسطة التي تصل الى المعارضة من أطراف ثالثة الى وقف التقدم الميداني الذي احرزه نظام الاسد منذ أواخر 2013 حتى الان، من القصير، مرورا بالقلمون وانتهاء بحمص، بفضل الدعم الايراني وحراب حزب الله، ومحاولة حرمان الاسد امكان تصوير الناخبين السوريين وهم يدلون بأصواتهم في دمشق وحمص وحلب وغيرها من المدن التي كانت جزئيا على الاقل خاضعة لسيطرة الثوار.

وهناك ايضا سبب آخر لزيادة الدعم الاميركي للمعارضة، نابع من المخاوف المتفاقمة في واشنطن من خطر التنظيمات الاسلامية المتطرفة ("داعش" و"النصرة" تحديدا) والتي يمكن ان تنطلق من سوريا لتهديد مصالح واشنطن او حلفائها. ولا يزال الرئيس اوباما يعارض حتى الآن استخدام القوة ضد النظام السوري، كما لا يزال يعارض تزويد المعارضة الصواريخ التي تريدها. وفي وزارة الدفاع تقول المصادر ان كبار الضباط الذين خدموا في حربي افغانستان والعراق يعارضون التورط عسكريا في سوريا وهذا ما يعكسه وزير الدفاع تشاك هيغل والاهم من ذلك رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي. وتقول المصادر إن ديمبسي الذي عارض ضرب سوريا في الصيف، قد قلص معارضته تزويد المعارضة أسلحة أفضل لمواجهة المتطرفين.

(النهار اللبنانية)