سياسة عربية

برلمان تونس يسائل وزيرة السياحة دون سحبه الثقة

وزيرة السياحة التونسية - (أرشيفية)
انتهت جلسة مساءلة وزيرة السياحة التونسية، أمال كربول، والوزير المكلف بالأمن في وزارة الداخلية رضا صفر، الجمعة ليلا، إلى سحب لائحة اللوم الموجهة إليهما أثر سماحهما بدخول عدد من حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى تونس، قبل التصويت عليها والاكتفاء بالتصويت على بيان يعتبر السماح بدخول سياح الصهاينة مخالفا لثوابت السياسة الخارجية التونسية.

وجاء قرار عدم التصويت على اللائحة، بعد أن طلب أكثر من 40 نائبا من حركة النهضة ومن كتلة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة وفاء، سحب إمضاءتهم من لائحة اللوم لتجنب التصويت.  

فيما احتج نواب أحزاب المسار ونداء تونس وآفاق تونس، على إلغاء التصويت على اللائحة.

وخصص البرلمان التونسي جلسة عامة للنظر في لائحة اللوم الموجّهة للوزيرة والوزير المكلف بالملف الأمني، على أثر السماح لحاملي جنسية إسرائيلية بالدخول إلى تونس.

كان من المقرر أن تكون الجلسة سرية (دون حضور إعلامي)، إلا أن تصويت النواب لصالح جعلها علنية غيّر القرار، وبالتالي تم السماح لوسائل الإعلام والصحفيين بمواكبة الجلسة، حتى إن القناة الوطنية بثّت الجلسة مباشرة.

وصوّت 18 نائبا لصالح سرية الجلسة، فيما صوّت 63 (56 من حركة النهضة) لصالح أن تكون علنية وتحفّض 5 نواب.  

ومن جهته، قال رضا صفر خلال الجلسة: "نحن لا نتعامل مع وثائق إسرائيلية، ولا نتعامل مع جوازات سفر إسرائيلية"، على اعتبار أن السياح القادمين في رحلات بحرية منظمة يتحصلون على تصريح بالدخول إلى تونس لمدة ساعات قبل إتمام رحلاتهم، مؤكدا أن الإجراءات المتبعة معتمدة منذ 2011.
 
وأشار الوزير المكلف بالأمن إلى أن الإجراء لا يمس من الموقف التونسي الثابت تجاه القضية الفلسطينية، داعيا إلى الكفّ عن تصنيف هذا الإجراء بالتطبيع. 

فيما بدأت وزيرة السياحة أمال كربول حديثها في الجلسة بالبسلمة، ثم انبرت تسرد ما أسمته "التأثيرات السلبية" لمنع هؤلاء من دخول تونس على القطاع السياحي التونسي، قائلة إن عديد الشركات الأجنبية ألغت حجوزاتها السياحية في تونس لتبلغ الخسائر المالية 500 ألف يورو. مضيفة أن تونس "متهمة عالميا بالعداء لليهود". 

كما أن الوزيرة قدمت مجموعة من الأرقام التي تفيد بتحسن القطاع السياحي بعد 100 يوم من توليها المنصب، أمام ذلك تعالت أصوات النواب مطالبين الوزيرة بالحديث في صلب الموضوع، وهو حيثيات دخول 61 إسرائيليا إلى تونس بجوازات سفر إسرائيلية.

وتباينت تداخلات النواب في الجلسة، حيث أكد النائب عن حركة النهضة عامر العريض، أن حزبه ليس مع سحب الثقة من أي وزير من هذه الحكومة.

وفي نفس الاتجاه جاء تدخل النائب عن حزب التكتل (الثاني من حيث نسبة التمثيلية البرلمانية) مولدي الرياحي، الذي قال إن حزبه ليس مع فكرة سحب الثقة من كربول.

إلى ذلك اعتبر النائب عن حزب التيار الديمقراطي محمود البارودي، أنه من "الإجحاف" تحميل الحكومة وحدها مسؤولية دخول إسرائيليين إلى تونس، داعيا البرلمان الذي هو عضو فيه إلى صياغة قانون يجرم التطبيع مع من سفك ويسفك الدم الفلسطيني منذ 60 عاما.
 
فيما بيّن النائب عن الكتلة الديمقراطية، عصام الشابي، أنه من "غير المقبول" أن يتم تجاوز أزمة القطاع السياحي التونسي على حساب معاناة الشعب الفلسطيني.

في المقابل، تساءل النائب عبد الرؤوف العيادي (من أكثر المتمسكين بتجريم التطبيع في الدستور) عن الأسباب الحقيقية التي تخول للإسرائيليين الدخول إلى تونس، وتمنع في نفس الوقت وفد حزب الله ووفد الجهاد الإسلامي من الدخول، مشيرا إلى أن ذلك يصب في صالح سياسة "مطبّعة وضد قوى الممانعة".

كما عبّر العيادي عن استغرابه من منع 1000 إيراني من الدخول إلى تونس.

ومن جهته، حمّل النائب محمد الحامدي الحكومة التونسية مسؤولية ما حدث، مبينا أن العداء التونسي موجه للكيان الصهيوني المحتل، لا إلى اليهود، مبرزا أن تبرير رئيس الحكومة مهدي جمعة للمسألة منذ أيام في غير محله.

فيما دافع النائب خميس قسيلة عن الوزيرين، مبديا استغرابه من اتهامهما بالتطبيع. ونقد قسيلة  بشدة الضجة التي تبعت دخول الإسرائيليين، مقللا من أهمية الموضوع بالمقارنة مع المشاكل الموجودة على الساحة.
  
فيما قال النائب الصحبي عتيق، إن الشعب التونسي صدم بدخول الإسرائيليين إلى تونس بجوازات إسرائيلية مطالبا الوزراء بالاعتذار عما قاموا به لإنهاء الموضوع. 

النائب سامية عبو ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين شككت في وطنية كربول، واتهمتها "بتنفيذ إملاءات غربية"، والتعدي على ثوابت المجتمع التونسي. 

ودافع النائب محمد الطاهر الإلاهي عن الوزيرة قائلا، إنه تم الزج بها في مسألة "لا ناقة لها فيها ولا جمل"، محملا البرلمان وزر المسألة كلها، لعدم وضعه قوانين تضبط العلاقة مع الكيان الإسرائيلي.

في اتجاه آخر، اتفق النواب في عديد من النقاط، منها أن الشعب التونسي لا يعادي اليهود الذين يمثلون جزءا منه، والتاريخ شاهد على التعايش السلمي بين اليهود والمسلمين التونسيين. وأن الموقف التونسي من التطبيع مع الكيان المحتل "مبدئي وواضح وغير قابل للتغيير تحت أي مبرر".