مقالات مختارة

أفغانستان..قرار «نصف جيد»!

1300x600
كتب جيمس جيفري: من خلال قراره القاضي بالإبقاء على قرابة 10 آلاف جندي أميركي في أفغانستان بعد 2014 ثم سحبهم كلهم بنهاية 2016، يمكن القول إن الرئيس باراك أوباما اتخذ نصف قرار جيد، ولكنه سرعان ما عرّضه لخطر حقيقي بوساطة النصف الآخر.

فأفغانستان يمكن أن تمثل نجاحاً على الميدان، حيث تستطيع الولايات المتحدة أن تفند الانطباع الذي تشكل عنها في العالم باعتبارها أخذت تضعف؛ غير أن ذلك سيتطلب التزاماً محدوداً بالقوات من أجل إنجاز المهمات، وليس من أجل احترام جدول زمني فقط.

ونحن نؤمن إيماناً قوياً بالحاجة إلى الإبقاء على قوات أميركية وأخرى تابعة لحلف «الناتو» في أفغانستان؛ غير أنه قبل تحديد المدة التي يمكن أن تمكثها تلك القوات ثمة عوامل أخرى لابد من أخذها في عين الاعتبار.

أما العامل الأول، فهو التصور المتمثل في أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الحزم والصرامة في مواجهة التحديات التي تقف في وجه النظام الدولي. والسبيل الوحيد لتبديد هذا التصور الخاطئ - في اعتقادنا - هو عمل أميركي؛ علما بأن أفغانستان تمثل المكان المناسب والمهمة المناسبة لمثل هذا العمل. ذلك أن الإبقاء على قوة قوامها قرابة 10 آلاف جندي أميركي من شأنه أن يعزز الزخم الذي شوهد خلال الانتخابات الرئاسية في أفغانستان التي أظهرت مقاومة شعبية قوية لـ«طالبان»، والتقدم الكبير الذي حققه الجيش الأفغاني خلال الآونة الأخيرة. ومما لا شك فيه أن لدينا الكثير لنبني عليه، ولكن المساعدة الأميركية ضرورية وأساسية لاستمرار الجيش في القتال.

ثم هناك النصف الثاني من القرار والمتمثل في تقليص عديد القوات الأميركية إلى النصف في غضون عام ثم سحبها في غضون عامين. ولكنه أمر يفتقر للمنطق في الحقيقة. ذلك أننا نقوم بتسخير أشخاص للنهوض بمهمة قد يفقدون فيها أرواحهم ويفترض أنها أساسية بالنسبة لنا، ونعلن في الوقت نفسه أنه في غضون أقل من ثلاث سنوات لا شيء من ذلك سيبقى موجوداً. إنه مخطط يكرر نموذج العراق المتمثل في وضع مهمات التدريب والتجهيز ومحاربة الإرهاب داخل سفارة ومكتب التعاون العسكري. وهذا طريق يفضي إلى الفشل.

ذلك أنه عندما حاولنا ذلك في العراق في 2011، صعّبت العراقيل البيروقراطية التي تراوحت من مسائل الحصانة القانونية إلى معارك الميزانية جهودَنا وعقّدتها. وعلاوة على ذلك، فإن العراقيين كانوا مترددين في السماح لنا بالمراقبة والتدريب من خلال مؤسسة دبلوماسية، بدلاً من أن يتم ذلك من خلال شراكة عسكرية. ولعل الأهم من ذلك هو أنه من دون قوات «في خطر» وقائد يشحذ الهمم فقدت واشنطن التركيز. القدرة على القول إن البيت الأبيض استطاع في عهد الرئيس أوباما «إنهاء حربين بنهاية 2016»، يمكن أن ينسف أكثر من عشر سنوات من الجهود؛ غير أن الحل سهل ويكمن بكل بساطة في تغيير تاريخ الانسحاب إلى «عندما يتم تحقيق الهدف من المهمة التي جازف هؤلاء الجنود بحيواتهم من أجلها».

(عن الاتحاد)