كتاب عربي 21

العنف بين المعالجة الامنية والمعالجة القانونية او الديموقراطية

1300x600
تعيش بلادنا منذ قرابة العشر سنوات على وقع حرب غير معلنة بين الدولة واجهزتها وشباب الجماعات العنيفة . ظن الكثير ان ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس قد مثلت نهاية ومخرجا لهذاه الحرب التي اتخذت في الاقليم طابعا دمويا وبدات تتحول كذلك في بلادنا مع احداث مدينة سليمان قبيل سقوط المخلوع.
انفراط عقد الدول التي قادت الحل الامني في تونس وليبيا ومصر واليمن سوريا مع ما صاحبه من اضمحلال او ضعف القبضة الامنية ومن انتشار السلاح بشكل غير مسبوق خاصة في ليبيا الا بعد الحرب العالمية الثانية عندما فر الجيش الالماني تاركا في ايدي السكان الاصليين في المنطقة ترسانة من السلاح ساهمت في انفجار الثورات المسلحة في دول المنطقة وقتها. وهي تساهم اليوم في انفجار الفوضى المسلحة التي تكاد تقضي على اي اجتماع سياسي.
 هذه التطورات وما تبعها من تحولات في اولويات السياسة الامريكية التي قادت الحرب على الارهاب جعلت من الاقتصار على الحل الامني سياسة عاجزة عن معالجة المشكل ان لم تكن ذات مفعول عكسي.. اذ التنظيمات العنيفة على عكس تنظيمات الاسلام السياسي الجماهيرية تعتمد سياستها على استدعاء الحل الامني وتوسيع ما يصاحبه من تجاوزات وانتهاكات على اوسع رقعة اجتماعية بما يدفع الى الغضب الشعبي والفوضى ومن ثم الميل والتعاطف مع الحلول الجذرية في صراع المجتمع مع الدولة.
ولئن كانت سياسة الدولة المستبدة هي المحرك الرئيسي لالة الاستقطاب لدى الجماعات المتطرفة فان الديموقراطية بما توفره من مناخ لحرية التنظم والتعبير وبما تفتحه من مجال لقوى المجتمع وافراده في الانخراط في الشان العام وبما تملكه من قوة جذب في اتجاه الأعتدال والوسطية وبما يحكمها من رقابة الراي العام على كل الظواهر الاجتماعية والسياسية  والتنظيمات وبما تتمتع به من قدرة على استيعاب الاختلاف والتعايش مع الظواهر الشاذة  اقدر على معالجة تيارات العنف والتشدد من خلال الصمود امام جاذبية وسهولة الحلول الامنية قصيرة المدى والنظر وابداع المعالجات الشاملة التي لا تهمل الجانب الامني بل تقويه بالغطاء الذي يوفره الراي العام وبالانضباط لقواعد العدل وتجنب الانتهاكات والاعتداء على الحرمات الجسدية والمعنوية بما يعطي للرجال المكلفين بتطبيق القانون اليد الاخلاقية العليا وينزع كل مبررات استباحة الدماء والاعراض.  
المسؤولية الرئيسية في مواجهة هذه الظواهر في النظام الديموقراطي تقع على عاتق السياسيين الذين ينتخبهم الشعب وهم مسؤولون عن تنسيق الجهود بين الامني والتنموي والسياسي والثقافي والاجتماعي وتحديد الجرعات التي تحتاجها المواجهة في كل مرحلة من مراحلها هذا الى جانب اعمال الة القضاء العادل في معاقبة كل تجاوز للقانون مهما صغر. 
ولكن ما نشاهده الى حد الان هو فشل السياسيين في تحقيق الحد الادنى من اهداف الثورة الاجتماعية بما هي تشغيل وتنمية عادلة واهتمام بمحاربة الفقر وتطوير خطاب يعبئ الفئات الشابة ويدفعها الى الانخراط في مشروع التقدم والتحرر  كما فشلت الطبقة السياسية بحكامها ومعارضتها في اطلاق الحوار مع الشباب الغاضب وفي انهاء مرحلة الانتقال الديموقراطي وعجزها عن التوحد في برنامج انقاذ سريع وقد اعاد ذلك للوجود اشباح الماضي التي اغلب ضحاياها من الشباب المهمش من هجرة سرية وادمان على المخدرات وسقوط في مهاوي التشدد والعنف الذي يكاد يتحول خاصة في مناطق الفقر والتهميش الى ملاذ ضد الظلم الاجتماعي  وتلك هي الطامة..  فهل من يقظة؟؟