قضايا وآراء

أبانا الذي في المخابرات .. سئمنا فرط وصايتك علينا

1300x600
أبانا الذي في المخابرات, عظمت أعمالك وجلت, وتجبرت واستذلت, نراك في كل مكروه, وكل عمل مشبوه, في التصويبات والتفجيرات, وفى كل هم , أو نزيف دم, التي بفضل جهودك العظيمة في سهر الليالي وحياكة المؤامرات, صارت أنهارا, لذلك فنحن نراك وراء نساء ثكلت وزوجات ترملت وأبناء تيتموا وشباب أهينوا, نراك تصنع قطيعا من المغيبين , وتجتهد في تسطيحهم وتجهيلهم , حتى يتسنى لك لتقودهم, ثم توجههم يمنى ويسرى كيفما تولى وجهك فيولوا كما القطيع, دونما يرونك بينهم , لأنك صرت فيهم, نراك تستذل من تشاء وتعز من تشاء , ونسيت أنه لا يوجد سوى الله هو المعز المذل.

 أبانا الذي في المخابرات , نشتم رائحتك في الإعلام والإعلاميين وفي الهواء وعبر الأثير, نشتم رائحتك في نشرة الأخبار, وفي البرامج والأغنيات, نراك بين المذيع وبين الضيوف, وفي الكاميرا وفي الميكرفون , بل نراك بين الجمهور والمشاهدين, بل وبين الخصوم المتناحرين.

 نراك تتربع في ميزان العدل, وفوق منصة العدل, وبين الدفاتر والأوراق , وفي جيوب القضاة, وبين المحابس والمكابح. 

نراك في منظمات حقوق الإنسان ترعى كل شئ, دولارات ودينارات وريالات وشيكالات , إلا حقوق الإنسان , وأحزاب منزوعة الدسم , عديمة المعنى , يعمل راكبوها بكل شئ إلا السياسة , وبدلا من أن تمثل تلك الأحزاب والمنظمات الناس رأيناها ورآها الجميع تمثل عليهم. 

أبانا , نراك في معارضة لا تعارض إلا في كل دنية , ولا ترتدي أبدا رداء البهية , ومواقفها كلها تعد طبقا لأرقام في دفتر شيكات , أو تعيينات في وظائف تعلق فيها رقاب العباد.

 أبانا , عرفنا كم أنت عظيم , تفوقت على إبليس , فزرعت الكراهية بين أبناء الشعب الواحد , وجعلت الأخ يعادى أخاه , والجار يعادي جاره , بذرت بذور الشقاق والفتنة في المجتمع , وقلبت المنطق والحقائق , فصارت الاتجاهات متداخلة , والهمم والشهامات متخاذلة , والضمائر عفنة , والعقول صغيرة , والأعمال حقيرة.

 أبانا , توقعنا منك أن تكون سوطا ليجلد من يعادينا, وأن ترعي فينا ذمة أو دينا, لكننا وجدناك تفعل أكثر مما يرجوه المعادي فينا, وصرت سوطا يجلدنا بل ويتفنن, وأعجزتنا ألاعيبك وحيلك, وبانت كل دفينة.

 إن كنت تعتقد أنك تحسن فينا صنعا, وأنك تلقى بحمولة السفينة كي لا تغرق , فرجاء إليك وتوسل, أن تدعنا لحالنا نغرق, أن تجلي عنا رداءك الذي يخنقنا وتقول أنت أنه يحمينا . فما عاد لدينا خطر إلا أنت, والمهم المهم هو أن ترحل , فبعدك قطعا سنكون الأفضل.