صحافة دولية

الغارديان: لهذه الأسباب أردوغان مصيب في حذره

الغارديان: أردوغان لا يثق بالسياسة الغربية تجاه سوريا ويتعامل مع معادلة كردية معقدة - أرشيفية
ناقشت صحيفة "الغارديان" الموقف التركي من المعارك الجارية في بلدة كوباني، قائلة إنه متأثر برؤية الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي لا يثق بالسياسة الغربية تجاه سوريا، ويتعامل مع معادلة كردية معقدة.

وتقول الصحيفة: "تتركز عيون العالم وخلال الأيام القليلة الماضية على البلدة الكردية في سوريا، التي لم يسمع أحد بها إلا القليل قبل أسابيع، فمصير كوباني، القريبة من الحدود التركية وتحاصرها قوات تنظيم الدولة، الذي يحاول السيطرة على مناطق واسعة في كل من سوريا والعراق، يقدم كحكاية أخلاقية. وتتزايد الضغوط على أنقرة لوقف تقدم عسكري جديد لقوات تنظيم الدولة المعروف بـ (داعش)، ومنع كارثة إنسانية جديدة في المنطقة والتي عانت كثيرًا". 

وتضيف "بعد كل هذا فلتركيا قوات مرابطة على الحدود أمام كوباني، وفي حالة عززت الحملة الجوية، التي تقودها الولايات المتحدة على الأرض، فستعوض تركيا محدودية الحملة العسكرية هذه. وناقش البعض بالتأكيد أن تركيا لا تريد أن يسيطر (داعش) على أجزاء من الحدود التركية- السورية، وستكون المشاركة التركية باعتبارها عضوا في حلف الناتو مع أن الحلف نفسه لا يشارك بشكل رسمي".

وتبين الصحيفة أن "إدارة باراك أوباما تستخدم هذا النقاش، وتضغط على الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث أرسلت مبعوثها الخاص إلى سوريا الجنرال جون ألين لأنقرة، لفحص تصميم تركيا وموقفها من (داعش) باعتباره تهديدا للأمن الدولي، ولكن الحكومة في أنقرة لا تزال تشتري الوقت، وتفعل هذا بالرغم من القرار الذي أصدره البرلمان التركي الأسبوع الماضي، الذي سمح ولم يدع إلى عملية عسكرية في داخل الأراضي السورية والعراقية. وعوضا عن ذلك فقد جعلت مشاركتها الكاملة في العمل العسكري مشروطة بتوسيع استراتيجية التحالف، لتشمل الإطاحة بنظام بشار الأسد، وهو هدف اختفى بشكل كامل في خطاب الدول الغربية".

وترى الصحيفة أن تركيا "تواجه معضلة حقيقية، وربما لم تتعرض للضغط مثلما تتعرض له الآن. فالحذر الذي يبديه أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داوود أوغلو، مهندس السياسة الخارجية التركية خلال العقد الماضي، ينبع في جزء منه من فشل وتناقضات السياسة. فسوريا، بعد كل هذا تشكل حجر الزاوية في مشروع تركيا (العثمانيون الجدد)، والذي يهدف إلى بناء علاقات مع دول الجوار دون مشاكل (صفر مشاكل)". 

وتذكر "الغارديان" أن حزب أردوغان "العدالة والتنمية" قام برسالته المؤيدة للسنة، والمرتبطة بالإخوان المسلمين، ومنذ خريف عام 2011 وقف إلى جانب القوى المسلحة المعارضة للأسد. وعبرت تركيا عن أملها بدعم الولايات المتحدة للمعارضة بأسلحة ثقيلة، لكن واشنطن رفضت وقدمت أسلحة خفيفة بدلا من ذلك.

وتتابع الصحيفة: "فوق كل هذا شعر المسؤولون الأتراك بالدهشة من تراجع الرئيس باراك أوباما عام 2013 عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري بعد استخدامه السلاح الكيماوي. ورأوا في التراجع فرصة ضائعة للتخلص من نظام الأسد، وعليه فتركيا، التي تشك في النوايا الغربية، ليست في عجلة من أمرها، ولن تسمح للولايات المتحدة بدفعها كي ترسل قواتها العسكرية إلى داخل سوريا، حتى ولو من أجل عملية محدودة لمنع سقوط كوباني، خاصة في ظل غياب التأكيدات حول الهدف الكلي للعملية ودون تفويض من الأمم المتحدة".

وتشير الصحيفة إلى أن "حالة ضبط النفس التركية نابعة أيضا من السياسة الداخلية الصعبة والتوازن العرقي. فمساعدة الأكراد في كوباني قد يعزز من قوة الجماعات المؤيدة لحزب العمال الكردستاني -بي كي كي-، في وقت تخوض فيه أنقرة محادثات حساسة مع الحركة في تركيا نفسها. ولكن عدم مساعدة كوباني سيؤدي إلى قلق وتوتر الأكراد في داخل تركيا، أي ورطة لأردوغان".
 
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بـ "داعش" نفسه "فالدخول في المعركة ضد (داعش) يحمل مخاطر وتداعيات، حيث يحتفظ التنظيم -كما يقول الخبراء- بخلايا نائمة في داخل تركيا. وقامت حكومة أنقرة في الآونة الأخيرة بتأمين إطلاق سراح 46 دبلوماسيا تركيا وعائلاتهم، اختطفهم (داعش) في حزيران/ يونيو، وقد تكون شروط الإفراج قد تمت بمبادلة بين الطرفين"، بحسب "الغارديان".

وتعتقد الصحيفة أن أردوغان "يريد التأكد من أن أي قرار يتخذه يخدمه وبلده سياسيا. وفي مواجهة الكارثة الإنسانية في كوباني، فقد يعتبر الرأي العام الغربي هذا موقفا يعبر عن قلب بارد. ولكن أردوغان لا يختلف عن أي لاعب في المنطقة سواء كانت دمشق، طهران، الرياض أبو ظبي، وكلهم يبحثون عن مصالحهم، ولا يمكننا لوم تركيا، التي تطالب بإجابات واضحة حول نهاية اللعبة الغربية في العراق وسوريا، وهي تقوم بموازنة قرارها الصعب".