مقالات مختارة

العالم يدور حول "الجماعة"!

1300x600
"بينما كنت في أول مراحل النوم.. لامستغرقاًً ولايقظاًً، انطويتُ همّاًً على أمة محمد والأتراك خصوصاًً. تنهّدت وقلت، "يا رسول الله.. كيف سيكون حالنا؟ "، فتمثّل الرسول الأكرم فجأة -ليس حلماً- وقال:"نحن تركنا أمر تركيا لكم" (فبكى كل من في "الجماعة"..) هذا هو القول! هذا هو ظنُّ النبي فيكم ! حاشا.. فقوله حق.. ورؤيته حق.. لا أعلم ماذا تفكّرون بحسن الظن هذا؟ "



هذه الكلمات مأخذوة من أحد دروس "فتح الله كولن" في التسعينيات؛ يدّعي "كولن" بنفسه أنّ مستقبل تركيّا تُرك وسلّم له ولجماعته!.. كما يظهر من خلال هذا الكلام سبب إطلاق أتباع "كولن" على أنفسهم مصطلحات مثل "الأمة الذهبية"، و"الأرواح المكرّسة"، بالإضافة إلى مصطلحات تطلق على الصحابة الكرام، وكيف غرسها "كولن" فيهم، فاستخدم اسم الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل زيادة أتباع "الجماعة"، وربطهم بها من أجل زيادة أعداد المتابعين على "تويتر"، كما تم تمثيل الرسول في إحدى المسلسلات كضيف شرف -حاشاه- من أجل ذلك!

وأنا أكتب عن كل هذه الانتهازية والأنانية تختنق روحي!.. ولكن لابد من المزيد من الصبر..
ما كتبه الكاتب "علي أونال" في آخر ثلاث مقالات له في صحيفة "زمان" يعد كافياً لتلمّس آثار فكرهم المتكبّر، ولِفَهم الانحراف الحاصل عندهم. 

يدّعي "أونال" في مقالته التي تحمل عنوان "شكراً أردوغان!.. شكراً حزب العدالة والتنمية!" بأنّ كل الوقائع التي أجراها الله على وجه الأرض هي من أجل "جماعة فتح الله كولن"، فيقول : "تعد الجماعة التي تخدم وتمثل الإسلام اليوم جماعة عالمية، وبالتالي فإن جناب الله عز وجل نسج كل الوقائع، بغض النظر عن ظاهر وماهية أسباب حدوثها، فإنها نُسجت بالأساس من أجل الجماعة"..
نعم، ما قرأتموه صحيح!.. الرسول صلى الله عليه وسلم سلَّمَ أمانة تركيا فقط لـ"جماعة فتح الله كولن"، وبالوقت نفسه الله عز وجل وجّه كل وقائع العالم وحوادثه نحو "جماعة فتح الله كولن" !
 
كما يدّعي "أونال" في مقال آخر بعنوان "هذا وعد الله ورسوله" بأنّ تمكين "جماعة فتح الله كولن" قد ذكر في القرآن، فيقول:"إنّ مضي الأحداث بهذه الطريقة، وكما أحاول أن أقول دائماً هي أكبر الأدلة على صدق الجماعة واستقامتها؛ لأن الطريق هكذا.. حيث إنّ القرآن ذكر أن هذا سيحصل، وستُعاش مثل هذه الأحداث، وبالتالي نقول لكل من تأذّى كما قال الصحابة الكرام في غزوة الخندق: "هذا وعد الله ورسوله.. إن وعد الله ورسوله حق" ".

 "في هذه الأزمة كل المظلومين الذين اعتُقلوا أو تم وضعهم تحت المراقبة، هم "متصدّرو الصفوف في الجماعة".
يقول "فتح الله كولن" إنه لايعرف معظم الشرطة والمعتقلين، مع أنهم "متصدّرو الصفوف في الجماعة"!

إنّ عنوان مقال "أونال" لهذا الأسبوع هو: "ألا تُخطئ الجماعة ؟.. ألم تُخطئ؟" بصراحة تفاءلت قليلاً عندما رأيت العنوان، وظننت أنه ترك فكرة قدسيته، وقبل فكرة أنّه أخطأ، وأنّ كل من في هذه الدنيا فانٍ. لكنني ارتكبت خطأً فادحاً بهذا التفكير، فحسب ما جاء في المقال: "إنّ أصحاب القلوب الضعيفة والنيّات السيئة ليس لهم الحق بأن يسألوا سؤال "هل أخطأت الجماعة؟" وحتى المقربون -بما فيهم هو- لايمكن لهم أن يسمحوا أن تحصل إهانة لـ"فتح الله كولن". ويقول "أونال":"إن جماعة تخدم الإسلام بكل معنى الكلمة، وصاحبة ولاية كبيرة.. هذا يعني أنها تُعد بمنزلة خلافة للأنبياء".

لقد وصلت الجماعة داخلياً إلى حال بدأ فيه يُفهم أنها ارتكبت خطأ، وبدأت التفرّقات تظهر في الميدان، وربما "أونال" -المعروف بأنه مقرب من "كولن"- كتب ذلك المقال من أجل أن يضع حدّاً للذين يسألون وبدؤوا يفهمون ما يحصل.

إنهم بفعلهم هذا يقتربون من فكرة "براءة الإمام"، التي كانوا يسخرون منها لسنوات عديدة عند الشيعة!.. لقد أصبح "كولن" -المسبب لمشكلة عقدية كبيرة- يُفسّر حاله من خلال هذه الجملة "حتى لو يؤسس "جابريل" حزب لن أصوّت له!" 

هناك أيام صعبة ستمر على "كولن" الذي اعتاد أن يُقبل كلامه من غير شروط ولاتوثيق!..

(عن صحيفة يني شفق)  

(ترجمة وتحرير تركيّا بوست)