قضايا وآراء

هل ستتلاشى مشاهد الإحراق في المنطقة؟

1300x600
أخطر ما يمكن أن يواجهه إنسان يوم يستلم كتابه عند تطاير الصحف أن يجد أفعالاً لم يفعلها مسجلة عليه ويفجع بجرائم تشيب لها الولدان محسوبة عليه!! لسان حاله يقول: "يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه".

بعيداً عن كل التحليلات السياسية والنفسية و"المؤامراتية". علينا أن نوطن أنفسنا على أن نكون مع الحق الذي نزل به الروح الأمين على سيد المرسلين وأن ننكر كل جريمة كائنا من كان فاعلها. علينا أن نرفع صوتنا عالياً في ضمير العالم أن يتحرك للقصاص من الذين قتلوا وأحرقوا الأبرياء في رابعة والنهضة وسيناء وشوارع مصر وما يزالون. والقصاص من المجرم بشار الأسد وجنوده ومن يساندهم (حزب الشيطان وإيران وبعض شيعة العراق وروسيا والصين) على كل ما ارتكبوه من جرائم لم يسبق لها مثيل منها إحراق البشر بالبراميل المتفجرة وما يزالون. ونطالب بالقصاص من الصهاينة الذين أمعنوا في الإجرام بحق الشعب الفلسطيني على مدى عقود دون حسيب ولا رقيب، مع التذكير بجريمة إحراق الفتى محمد أبو خضير حياً الماثلة في حاضر الأذهان هو وأطفال ونساء وشباب وشيوخ غزة، مع جرائم متواصلة لا تنتهي. وكذلك كل الجرائم التي يرتكبها الدواعش صنيعة المخابرات "الصهيوأمريكية العربانية" الإيرانية الشيعية وما يزالون.

بل إن علينا أن نوطن أنفسنا على نبذ ورفض أي جريمة تحدث في الكون ضد البشر أو البيئة نباتاً وحيواناً وتربة وهواءً بغض النظر عن هوية مرتكبها كائناً من كان. نضع نصب أعيننا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا عُمِلتِ الخطيئةُ في الأرضِ؛ كان من شهِدَها فكرِهَها كمن غاب عنها، و من غاب عنها فرضيَها كان كمن شهِدَها) الألباني- صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 689 خلاصة حكم المحدث: حسن.

ما زالت الأمور تتفاعل وسيول الدماء تتفجر، والغريزة الوحشية عند الكثير من الأطراف تطالب بالمزيد، وما زلنا نقف مدهوشين حيال حجم السَّادية وشهوة القتل التي تعيدنا إلى أعماق القرون الجاهلية الغابرة ومجاهيل الأدغال وحلبات الموت الرومانية.

ما زلنا نشهد ذلك الانفصام القذر في التعامل مع النفس الإنسانية بتفاوت بغيض يجعل العالم يقف على رجليه لمقتل بضعة رسامين فرنسيين في ظروف مريبة غامضة، فيما هو أعمى أصم على ما جرى ويجري في غزة وسوريا ومصر والعراق وميانمار وأفريقيا الوسطى، وغيرها من الدول التي يسيل فيها الدم المسلم غزيراً على أيدٍ خبيثة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالقوى العالمية المحتكرة للقرار الأممي والإعلام الدولي والاقتصاد العالمي.

ما نزال نرقب سقوط المزيد من الضحايا بالعشرات أو المئات أو الألوف بل مئات الألوف، فالدلائل تشير إلى أن الذين يحركون البيادق والأحصنة والقلاع على رقعة الشطرنج العالمية لم يملُّوا بعد من تقديم القرابين تلو القرابين للظفر بانتصار ساحق ماحق على شعوب جريمتها أنها تاقت للحرية وضاقت ذرعاً بوكلاء تلك القوى رؤساء وملوك وأمراء وجنودهم.

ما زال النقيع يغطي المشهد بأسره ولا نسمع سوى صرخات الاستغاثة وحشرجات أرواح الضحايا، دون أن يلوح في الأفق أي إشارات على إمكانية تبدل الأوضاع في المنظور القريب. وهو ما يجعلنا مؤهلين لرؤية المزيد والمزيد من الفظائع والكوارث، ويعني أيضاً الدخول مجدداً في جدليات: مَن المجرم ومن الأكثر إجراماً؟ والسؤال عن السبيل الأمثل للخروج من تلك المحرقة دون إذن أو شرط من مشعليها ومضرمي أوارها، ما يستدعي بداية عدم التورط في الوقوع ضمن دوائر الهيمنة والجذب والاستقطاب للقوى الإقليمية والعالمية، فلكلٍ منها مشروع يستهدف بدرجة أولى إضعاف الأمة وتفكيكها وتفتيتها من أجل ضمان أمن الكيان الصهيوني وبقائه بعيداً عن الحرائق المشتعلة من حوله وتقوية الجدر المحيطة به، بما يشمله ذلك من الحفاظ على كيانات هزيلة خاضعة للإرادة الغربية، تشكل في ما تشكله حزاماً آمناً للكيان الصهيوني، تدافع عن أمنه وأمن حدوده أكثر مما تدفع عن أمنها وحدودها!! وكيانات يحكمها طغاة مستبدون يفرغون ساديَّتهم وأمراضهم النفسية في شعوبهم كي لا يفكروا بغير الرغيف ولقمة العيش، لتتحول قضية فلسطين لدى أكثر تلك الشعوب إلى مجرد ترف فكري، أو على أفضل الحالات قضية هامشية ثانوية تحتل المرتبة الثالثة أو الرابعة أو ما دون ذلك من الاهتمام، ومع تراكم الأعمال الإجرامية يبدو الصهاينة حمائم سلام إلى جانب من ابتلينا بوصولهم سدة القيادة في عالمنا العربي.

إن بداية الطريق تقتضي الانسلاخ عن كل المعسكرات الشرقية والغربية واليقين بأن الشرق والغرب لا يحتمل أبداً الوقوف مكتوف اليدين أمام مشهد سقوط الطغاة أمثال بشار الأسد والسيسي ومن على شاكلتهما، لأن ذلك يعني بداية الصعود لهذه الأمة، بما يعنيه من توحيد لمكوناتها في مشروع مضاد للمشروع الصهيوني وداعميه الغربيين. يضاف إلى ذلك الانسلاخ تماماً عن المعسكر الطائفي الذي تتزعمه إيران، والذي بدأت أذرعه تمتد إلى أبعد من اليمن ولبنان وسوريا، وأظهر قدرة فائقة على اختراق أهل السنة وضربهم بعضهم ببعض، من خلال خطط خبيثة يتم من خلالها توظيف حماس شباب الأمة للتغيير ولهفته لإحياء فريضة الجهاد، بحرف ذلك كله عن مساره الصحيح عبر تنظيمات مختلقة ومخترقة كتنظيم داعش الذي اختُرع في العراق كي يمتص كالإسفنجة كل محاولات ضرب المحتل الأمريكي والتغلغل الشيعي، وليقوم بتصفية علماء ومشايخ وقادة أهل السنة، ويتسبب في إعطاء الذرائع والمبررات لأعمال القتل والإبادة بحقهم، ومن ثمَّ تم تصديره إلى سوريا للغرض ذاته والأهداف ذاتها.

إن مما نحتاجه للمرحلة المقبلة مزيداً من الثقة بما نملكه من مقومات النصر والتمكين، وهي راسخة في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين، نحتاج إلى تتبع السنن الإلهية التي لا تخطئ، نواجه من خلالها مكر الليل والنهار بعباد يبتغون مقاماً محموداً بتهجدهم في الليل وصيامهم في النهار، عباداً لله يواجهون غفلة الأمة ولهوها بالصلة بالله تعالى، فهم الرجال "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله"، نحتاج لعمل جمعي جماعي يوحد ولا يفرق لنواجه الكيد الدولي كافة كما يواجهوننا كافة. نحتاج مع ما سبق إلى الاستيئاس التام من كل حبال النجاة إلا حبل الله المتين ونصره المكين.