ملفات وتقارير

سكان حي عشرين بالرمادي يبحثون عن بقايا منازلهم بين الركام

تغيرت معالم المنطقة بسبب الدمار - عربي21

مع احتدام العمليات العسكرية بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم الدولة الذين باتوا يفرضون سيطرتهم على مساحات واسعة من أراضي محافظة الأنبار، لا يمكن للداخل إلى المحافظة إلا أن يلحظ حجم الدمار الواسع، من جسور ومبان حكومية، ومؤسسات تعليمية، وأخرى خدمية، فضلاً عن عشرات الأحياء السكنية المدمرة.
 
واضطر بعض أهالي مدينة الرمادي للعودة إلى ما تبقى من منازلهم وأحيائهم السكنية، ليصابوا بصدمة كبيرة لهول الخراب الذي شاهدوه لحظة وصولهم إلى المناطق التي نزحوا منها قسرا تحت القصف المدفعي والجوي والاشتباكات.
 
يحاول جمال عبد، الملقب بأبي سجى، العثور على منزله المهدم في حي شارع عشرين بمدينة الرمادي، يتنقل بين عشرات المنازل المدمرة لعله يجد آثارا تدل على منزله، في مشهد مشابه للمناطق التي تضربها الزلازل والكوارث الطبيعية، لكن هذه الكارثة كانت نتيجة العمليات العسكرية المتواصلة في المدنية.

يقول جمال في حديثه مع "عربي21": "بعد جهد جهيد من البحث، وتيقني من موقعه، أخيرا عثرت عليه، إذ تعرضت أجزاء من المنزل إلى الانهيار والتدمير". وبحسرة وصمت، يتخلله بكاء يقول: "لقد أصبت بصدمة كبيرة وأنا أرى بيتي قد تحول إلى أكوام من الركام، كنت أحاول السيطرة على أعصابي وجسدي النحيل من هول ما رأيت، لكنني سقطت مغشيا عليّ على الأرض".
 
ولم يتوقف عن الحديث عن ذكرياته في بيته غرفة غرفة، وعن الأيام القاسية التي عاشها، وساعات العمل الطويلة المتواصلة والتعب لبناء هذا المنزل.

ويضيف: "الدمار والخراب يلف الحي، وعلى امتداد البصر يمكنك أن ترى العديد من المحال التجارية، والمنازل السكنية التي أصبحت أثرا بعد عين"، وتساءل: "لماذا يقصفون كل هذه المنازل للسكنية للناس العزل؟ بالتأكيد هدفهم تدمير المحافظة وجعلها خرابا، ولم يجدوا أمامهم من خيار إلا هذه الطريقة البربرية، لتخريب كل شيء، وتدمير البنى التحتية".
 
ورغم ما يعتصره من ألم، لكنه أكد لـ"عربي21" أن "همجية" التدمير للآلة العسكرية المليشياوية، وعمليات الهدم والدمار "المتعمدة" من قبل القوات الأمنية، بحسب وصفه، لن تفلح مع أهل الأنبار، فهم يمتلكون الإرادة والعزيمة لإعادة تعمير منازلهم ومدنهم، والنهوض من جديد، شرط إيقاف القصف العشوائي، وهذا ما يصعب تحقيقه، وفق تقديره.
 
لم تأخذ أم وسام (50 عاماً) وقتا طويلا للعثور على أنقاض منزلها المجاور لمنزل جمال، وعندما رأت هول المصاب والدمار الواقع في الحي أخذت تصرخ وتكبي بحرقة، حيث لم تستطع أن تتمالك أعصابها.

تقول أم وسام في حديث مع "عربي21": "لم أتوقع أن أعود إليه، لكنه الآن عبارة عن أحجار متناثرة وقد سوي بالأرض، أنا لم يعد لي مكان آوي إليه."
 
وتضيف: "لي خمسة أولاد أكبرهم لم يبلغ 14عاما، وزوجي معتقل لدى الحكومة العراقية منذ أربع سنوات بوشاية المخبر السري. اضطررت للسكن مع أحد أقاربي في بيت يحوي ثلاث عائلات". تقول: "إن تهديم بيتي هو مصيبة جديدة تضاف إلى معاناتي، فضلا عن الفقر الذي أعيشه، وصعوبة توفير لقمة العيش لأبنائي الخمسة، إنني لا أملك المال الكافي لإعماره من جديد، وإعادته مثلما كان".