مقالات مختارة

تركيا ..قبل فوات الأوان

1300x600
كتب فهمي كورو: أصابتنا حالة من الاندهاش والخوف في الآونة الأخيرة! خصوصاً بعد حدثين إرهابييّن حدثا في اسطنبول. الأوّل احتجاز المدعي العام محمد سليم كيراز الذي كان يتابع قضية الطفل بركين ألوان والذي قتل في احتجاجات "حديقة غزي بارك" عام 2013. والحادثة الإرهابية الثانية هجومٌ قام به مسلحون على مديرية الأمن العام في اسطنبول, جرح إثرها شرطيٌ وقتل أحد المهاجمين واعتقل الآخر.
 
ظهر إلينا الإرهاب بوجهه القبيح مرّة ثانية, وكان ظاهر الأمر أن العمليّتين لا صلة لهما ببعض ! لكن المهم هنا أننا نحاول تحليل الأحداث من منظورٍ واحد ولا ندخل في تفاصيلها الخارجية الأخرى, لذلك لانستطيع فهم الذين يستخدمون الإرهاب وسيلة للوصول إلى غاياتهم ونجهل الرسائل التي يرسلونها من خلال عملياتهم الإرهابية.
 
قُتل الإرهابيان اللذان احتجزا المدعي العام والذي كان يتابع قضايا ومشاكل عامة الناس. لكن المؤسف أن المدعي العام لم يستطع النجاة من غدر الإرهابيين أيضا. بعد انتهاء العملية ما الذي قامت به الحكومة ؟ هذا كان السؤال البديهيّ لكلّ واحدٍ منا.  خلال احتجاز المدعي العام شاهدنا الإرهابيين ومعهم أعلامٌ وشعاراتٌ لحزب جبهة التحرر الشعبي الثوري الإرهابي, لذا كان من السهل إلقاء التهمة على جماعة الحزب. وفعلا بعدها قامت الشرطة بعمليات دهم شنتها ضد المشتبه بهم واعتقلت البعض منهم. لكن هل كان هذا كافيا ؟
 
في اليوم التالي نشرت بعض الصحف صورة المدعي العام وهو تحت قبضة الإرهابيين. حيث أثارت جدلاً واستنكاراً لدى البعض في داخل تركيا وخارجها !, لكن لماذا اغتاظ البعض من نشر الصور؟ لقد بدأت العملية على أنها عملية انقاذ للمدّعي العام واعتقال "للمتظاهرين" ثم حرّفوا المشهد , حيث سردوا القصة وكأن هناك سوءُ تدبير من رجالات الشرطة والأمن, بعدها جاء مقتل المدعي العام واتهم بعضهم"بأمر من الخارج" الشرطة بقتل المدعي العام!.
 
بعد هذه العملية وبعد الاتهمامات لعناصر الأمن, يبدو أن صدى هذه العملية الإرهابية سيتحوّل إلى سلبيات تخض البلاد لفترة وجيزة. هذا النوع من الاتهامات المتبادلة والمختلقة لها تأثيرٌ كبير في مدّ الشرخ والصراع بين المجتمع لذا يجب الحد منه.
 
لكن لماذا كلما بَدر جديد قمنا كالثيران الهائجة دون إقامة حسابات لتصرفاتنا الهوجاء متّهمين ومتعصبين...؟! الجواب أننا أصبحنا مثل الساعة الموقوتة التي ستنفجر بأية لحظة. ولهذا السبب بالتحديد يحاول بعض المتشدّقين ممن هم من أبناء هذا البلد أو الأجانب في الخارج تعكير صوف النفوس وزيادة الشرخ بين المجتمع. وللأسف نحن من نسمح لهؤلاء بالتلاعب بنا واعطائهم فرصة النيل منا واستجرار البلد إلى النحو الذي يحبونه ويريدونه.
 
قرّرت الحكومة أخذ بعض الاحتياطات, بعد العملية الإرهابية في القصر العدلي, وكان مضمونها تفتيش المحامين قبل دخولهم القصر العدلي, حيث أن المحامين كانوا لا يفتشون أثناء دخولهم القصر. بعد هذا القرار وجدنا استنكاراً عجيبا من المحامين! إذ أن هذا الإجراء سيكون لصالحهم ولحمايتهم, سيما أن الإرهابيين دخلوا إلى القصر العدلي وهم متنكرون بزيّ المحامين, لذلك دخلوا دون حسيبٍ أو رقيب!. بعد الادانات التي صدرت من المحامين يحاول البعض الآن زرع فتنة بين القضاة أيضا ! لنشر البلبلة على نطاق واسع!.
 
ربما سيكون غريبا, فقبل يومين تعرّض لاعبوا وطاقم فريق فنربهجة التركيّ لاعتداءٍ مسلّح وهم عائدون من مدينة ريزة الواقعة على شواطئ البحر الأسود شمال تركيا. حيث أصيب سائق الحافلة بطلقٍ ناري. أرادو به إلقاء التهمة على انصار طرابزون سبور من خلال الاعتداء, لتصل البلبلة والكراهية الى أندية الفرق التركية!.
 
والآن ونحن على أبواب الانتخابات التشريعية ! كل حزبٍ يأمل في الحصول على أكبر عددٍ من المقاعد تمثله في البرلمان, لكن ما الذي سيحدث إذا تحوّلنا إلى بلدٌ تنشر فيه النزاعات والنعرات والصراعات اللامحدودة!؟ علينا الإدراك بأهمية حلّ الخلافات كي لا ننتقل إلى بلد تسوده الفوضى.

عن صحيفة خبر ترك