ملفات وتقارير

"التحرير" حزب "رومانسي" هدفه "خلافة على منهاج النبوة"

خبراء يرون تشابها بين حزب التحرير وتنظيم الدولة في الأفكار مع اختلاف التطبيق - أرشيفية
في إحدى ضواحي العاصمة الأردنية عمان، يقيم حزب التحرير المحظور إفطاره الرمضاني في شقة سكنية، بعيدا عن أعين السلطات الأردنية، التي تحظر نشاطات الحزب، وتغض الطرف عنها في الوقت ذاته.
 
تتوسط هذه الشقة لوحة كبيرة لراية العقاب –راية الرسول عليه الصلاة والسلام- ذات الخلفية السوداء مكتوب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
 
يلتئم على مائدة الإفطار مجموعة من أعضاء الحزب حليقي الذقن ومدخنين، يكسرون الصورة النمطية للتيارات الإسلامية التي تسعى لإحياء "دولة الخلافة"، ويحاول التحريريون -كونه جزءا من أدبياتهم- التواصل مع المجتمع ووسائل الإعلام لشرح مبادئ الحزب والدعوة "لدولة الخلافة"، متخذين من "العمل السياسي والفكري طريقا لعمله، ومتجنبين ما يسمونه بـ(الأعمال المادية)، مثل الأعمال المسلحة لتحقيق غايته"، كما يقول عضو المكتب الإعلامي في الحزب أحمد حسونة.
 
ويرى خبراء في التنظيمات الإسلامية أن الحزب يقوم على أساس "تربية منتسبيه تربية فكرية سياسية بعيدا عن التربية العقائدية التعبدية، لذا يعود موضوع إطلاق اللحية وتحريم الدخان للشخص نفسه، وليس لأدبيات الحزب".

خلافة على منهاج النبوة

ويرفع الحزب -الذي تأسس عام 1953 في القدس على يد تقي الدين النبهاني- شعار "خلافة على منهاج النبوة"، وكسائر التيارات الإسلامية الجهادية يطمح التحريريون بإنشاء "دولة الخلافة"، ويسمون لها أميرا للمؤمنين يدعى عطا خليل أبو الرشتة.
 
ويقسم الحزب الدول العربية والإسلامية إلى ولايات يرأسها 46 إماما، ويعتمدون على راية العقاب علما لدولة الخلافة.
 
يحدد الحزب لنفسه ثلاث مراحل حتى إقامة دولة الخلافة، تتضمن العمل على التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية، مرحلة التفاعل مع الأمة، لتحميلها الإسلام، حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة، وأخيرا مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقا عاما شاملا، وحمله رسالة إلى العالم".
 
الخلاف والتشابه مع تنظيم الدولة الإسلامية


تتقاطع أدبيات الحزب مع أدبيات تنظيمات متشددة كتنظيم الدولة بضرورة إنشاء دولة الخلافة وتكفير الحكام العرب والغرب، إلا أنها تختلف معها في شروط إقامة الخلافة واستخدام العمل "المادي" أو القوة في إنشاء الدولة.
 
وبالرغم من تكفيره للقوانين "الوضعية"، إلا أن الحزب نجح في إيصال نائب له في مجلس النواب الأردني عام 1955، ليبقى من ذلك الوقت وحتى اليوم حزبا محظورا من قبل عدد من الدول العربية والغربية، بسبب "تكفير الحكام، والدعوة لتقويض أنظمة الحكم واستبدالها بدولة خلافة يرأسها أمير واحد".
 
وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة، لصحيفة "عربي21"، إن حزب التحرير من الأحزاب التي تعتبر الإسلام مرجعية له، ويسعى لإعادة الخلافة من خلال إيجاد جماعة لنصرته، والمتمثلة بجيوش الأنظمة السياسية القائمة، وتقوم استراتيجية الحزب في التغيير على الدعوة سلميا؛ إذ لا يؤمنون بالعنف لإحداث التغيير، ما أبقى أعمال الحزب لا تخرج من إطار العمل الإعلامي الدعوي المحض، فلم يستطيعوا خلال 70 سنة من الدعوة إقامة شرع الله أو إقامة الخلافة في أي بقعة من الأرض".
 
ولا توجد إحصائيات موثقة حول أعداد حزب التحرير في العالم، إلا أن الناطق باسم الحزب ممدوح قطيشات يؤكد أن الحزب "يتمتع بنفوذ كبيرة وأعداد منتسبيه يتجاوزون مئات الآلاف، متواجدين في القارات الخمس، مستشهدا بحفل ضخم للحزب في إندونيسيا شارك فيه الآلاف"، قائلا إن أعداد الحزب في الأردن "أقل من 40 ألف منتسب".
 
بينما لا يرى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية مروان شحادة "أن هنالك نفوذا وتأثيرا حقيقيا للحزب، خصوصا في ظل وجود تنظيمات جهادية استطاعت تطبيق الخلافة عمليا، ما جذب بعض الشباب إليها"، مضيفا أن "التحريريين من أشد المعارضين للخلافة التي أقامها تنظيم الدولة، معتبرينها غير مكتملة، ولا تحقق الشروط الشرعية".
 
ويجزم التحريريون أن "تنظيم الدولة سرق شعار خلافة على منهاج النبوة من حزب التحرير"، كما يقول عضو الحزب أحمد حسونة.
 
و يعلن حزب التحرير أن "خلافة داعش" باطلة، لعدم توفر عدد من الشروط، أهمها "عدم توفر السلطان الكامل على الأرض"، فيما يقول قطيشات إن سلطان داعش جاء بالقوة العسكرية، وفرض الكلمة والغلبة، وسفك الدماء".

مستعدون لاستلام الحكم

ويرسم الناطق باسم الحزب في الأردن ممدوح قطيشات سيناريو في حال أقام التحريريون الخلافة، يتمثل بـ "منع تعددية الأحزاب، وإغلاق الفضائيات ذات الخطاب غير الإسلامي"، ويرفض أيضا "أي عمل ديمقراطي والاحتكام للقوانين الوضعية"، مؤكدا أن "الحزب جاهز لاستلام الخلافة في أي وقت، بفضل البرامج التي يمتلكها لتسيير الدولة"، على حد قوله.
 
رومانسية حزب التحرير في الدعوة للخلافة، ورفضه " الأعمال المادية"، لم تمنع الخبير شحادة من إيجاد مقاربة بين فكر الحزب وفكر تنظيم الدولة، مع اختلاف المنهج والاتفاق على "تكفير الأنظمة والأحزاب والديمقراطية والتعددية"، قائلا إن "أفكارهم هي ذاتها أفكار داعش، لكن إعلاميا فقط".
 
وبالرغم من حظر نشاطات الحزب في الأردن، إلا أنه يمارس نشاطاته علنا، في خطوة يراها خبراء الجماعات الإسلامية "تفرغ السلطات الأردنية لمحاربة تنظيمات إسلامية أخرى، مثل الدولة الإسلامية التي تشكل خطرا حقيقيا".
 
وكانت آخر فعالية لحزب التحرير في الأردن اعتصام أمام مسجد الجامعة الأردنية، تحت اسم "النداء قبل الأخير"، دعا فيها الحزب الأمة الإسلامية "لإعادة حكم الإسلام ودولة الخلافة تُظلُّها رايةُ العقاب".