بورتريه

ناصر جودة.. ضحية اغتيال سياسي أم ضعف الأداء؟! (بورتريه)

تعرض ناصر جودة إلى هجمات على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن - عربي21
خصومه ومعارضوه على مواقع التواصل الاجتماعي لا يتوقفون عن انتقاده ومهاجمته على كل صغيرة وكبيرة.

فإذا صمت الرجل واكتفى بالقليل من التصريحات فهو وزير غائب ومقصر في أداء مهامه، وإن كثف من ظهوره في وسائل الإعلام أو المناسبات فهو يضمر شيئا ما في نفسه، وربما يفكر في التخلص من رئيس الوزراء

لا يتحدث كثيرا لوسائل الإعلام، ومع ذلك فإن حجم النقد والتهويل حوله يجعل منه شخصية محيرة فهو يواجه حروبا شبه شخصية، وكذلك يلاقي دفاع شبه شخصية أيضا.

فلسطينيون وأردنيون ومعارضون وموالون ينبرون لمهاجمته أو للدفاع عنه.

لا خصومه ولا مريديه لديهم رواية واضحة ومحبوكة ومحكمة لموضوع الخلاف أو الاتفاق.

بقائه في موقعه لنحو ست سنوات أثار حزمة من التكهنات والتأويلات والشائعات والعداوات، وهو ما يدفع مناكفوه إلى وصفه بـ"الوزير الدوار" أو" العابر للحكومات"، وبأن تصريحاته بلا عمق ولا تخرج عن إطار "الكلاشيهات الجاهزة" والتي يحفظها أي إعلامي عن ظهر قلب.

تتعدد الروايات التي لا تستند إلى أية معلومات موثقة حول سر قوته وتسلمه وزارة الخارجية في خمس حكومات متعاقبة ومتناقضة ومتصارعة أيضا.

يلبسه كثيرون ثوبا أكبر من مقاسه، ويحمله البعض مسؤولية ملفات خارجية أثقل بكثير من صلاحياته المقننة بحكم حساسية موقعه الذي لا يمنحه حرية حركة بعيدا عن سلطة القصر.

مراوغ يحسن التهرب من المطبات والقفز من فوق الألغام التي يضعها مناكفوه في طريقه.

يتهم بأن إدارته لوزارة الخارجية ضعيفة ومزاجية وتفتقر إلى العدالة والعشوائية في التعيينات أو التنقلات في أوساط السفراء والدبلوماسيين. 

دبلوماسيون أقالهم هاجموه ووصفوه بـ "ديكتاتور" في قيادته لوزارة الخارجية.

والده هو سامي جودة وزير المواصلات ووزير الاقتصاد الوطني ووزير الدولة الأسبق وعضو مجلس النواب عن منطقة رام الله.

يعود أصله إلى بلدة سنجل قضاء رام الله لكن جده هاجر قبل نكبة فلسطين عام 1948 إلى شرق الأردن فهل يضعه ذلك على "الكوتة الفلسطينية" التي ظهرت بعد النكبة وقرار وحدة الضفتيتن؟! هو نفسه لا يقول بذلك.

 تزوج والده سامي جودة من ابنة رئيس الوزراء الراحل سمير الرفاعي، أي أن رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي خاله، ورئيس الوزراء الأسبق سمير زيد الرفاعي ابن خاله.

ولد في عمان عام 1961، أكمل المرحلة الثانوية من دراسته  في بريطانيا، والجامعية في جامعة جورج تاون في الولايات المتحدة الأمريكية وتخرج منها حاملا شهادة البكالوريوس في العلاقات الدولية والقانون والمنظمات الدولية.

عمل في بداية حياته بين عامي 1985 و1992 في الديوان الملكي في المكتب الصحفي للملك الراحل الحسين بن طلال، ثم سكرتيرا خاصا للأمير الحسن بن طلال ولي العهد آنذاك الذي ناسبه بزواجه من الأميرة سمية بنت الحسن بن طلال.

انتقل إلى لندن عام 1992 لتأسيس وإدارة مكتب الإعلام الأردني هناك، عاد إلى عمان عام 1994 عندما عين مديرا للتلفزيون الأردني ثم مديرا عاما لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون. 

تدرج في عدد من الوظائف الحكومية من بينها رئيس ديوان الخدمة المدنية، وعين وزيرا للإعلام وناطقا رسميا باسم الحكومة عام 1998 ثم عمل في القطاع الخاص بعد استقالة الحكومة عام 1999.

في عام 2005 عاد إلى العمل العام عندما عين ناطقا رسميا باسم الحكومة، ومن ثم وزيرا للدولة لشؤون الإعلام والاتصال عام 2007 المنصب الذي شغله حتى وصوله إلى مبنى وزيرا للخارجية عام 2009 مع حكومة نادر الذهبي. 

أعيد تعيينه وزيرا للخارجية في حكومة ابن خاله سمير الرفاعي عام 2009، وأيضا في حكومة معروف البخيت عام 2011 وفي حكومة عون الخصاونة عام 2011، وأعيد تعيينه وزيرا للخارجية في حكومة فايز الطروانه في عام 2012، وفي حكومة عبد الله النسور منذ عام 2012 وحتى اليوم.

احتضان وزير الخارجية الأميركي جون كيري له في "مجموعة أصدقاء سورية" في ختام اجتماعهم بلندن قبل عام، فهم في أكثر من عاصمة، ومن بينها صالونات عمان السياسية وديوانيات النميمة، والشائعات بأنه خيار واشنطن المفضل في هذا الموقع.

علت أصوات كثيرة مطالبة بإقالته بعد أزمة اختطاف السفير فواز العيطان في ليبيا، وحمله كثيرون مسؤولية الملف كاملا، والواقع أن جودة لم يكن على اطلاع نهائيا بتفاصيل الملف الذي تكفلت به الأجهزة الأمنية من الألف إلى الياء، لذلك كانت جانبت تصريحاته الدقة أحيانا.

لا يكترث كثيرا للشائعات التي تظهر هنا أو هناك فيما يتعلق بخلافه مع رئيس الوزراء النسور أو مع زميله السابق وزير الداخلية حسين المجالي.

يشيع منافسيه حاليا بأنه على وشك مغادرة مقعده في الدوار الرابع في أول تعديل قد يجريه النسور على حكومته، لكن مطلعون يستبعدون ذلك لأن جودة هو خيار القصر والديوان الملكي، وقد يكون خيار جهات دولية أو شقيقة، بل إن مناصريه يلمحون إلى أنه رئيس الوزراء المقبل.

يتعرض إلى هجمات غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية في الأردن وتحديدا بعد حضوره في اللقاءات المهمة للملك عبد الله الثاني في روسيا وفي غيرها.

حتى أن السفيرة الأمريكية لدى عمان نانسي ويلز اشتكت رسميا من أن جودة يتجاهلها تماما في كل الملفات ويحاول التجاوز عليها ومخاطبة الإدارة الأمريكية مباشرة بدون الرجوع إليها أوالتشاور معها.

ويقال إن شخصيات معادية لجودة ومنافسه له الصقت اسمه بخبر نشرته صحيفة "الغد" حول "تحرش مسؤول كبير بمسؤولة أجنبية" دون أن تذكر الصحيفة اسم المسؤول الكبير، وأثار الخبر موجة تكهنات وتساؤلات بين أوساط أردنية من مختلف المستويات، خصوصا على مواقع "فيسبوك" و"تويتر" والمواقع الإلكترونية المنفلتة من عقلها، ومن عقالها والتي أشارت صراحة إلى اسم نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية والمغتربين ناصر جودة على أنه هو "المسؤول الكبير" المتورط بالحادثة الأمر الذي وضع "الغد" في مأزق دفعها إلى إصدار بيان يوضح أن الخبر لا علاقة له بجودة الذي اعتبر الحملة ضده نوع من الاغتيال السياسي.

جودة، جزء من الدولة الأردنية وابنها المطيع والمتفي بظلالها، لا يقول قولا ولا يفعل فعلا دون أن يري الضوء الأخضر يلوح في الأفق، وقد يكون خيار واشنطن المفضل، لكن الأمر في النهاية هو خيار وقرار الملك.
يقول إعلامي كبير بأن الهجوم على جودة يضع الدولة الأردنية في خانة الاتهام والتشكيك خصوصا حين تخرج حملة النقد عن إطارها المحلي إلى الفضاء الدولي.

جودة هل هو ضحية قربه من العائلة المالكة ومن الملك تحديدا، أم أصله الجغرافي، أم ضعفه السياسي، أم حسد وغيره من منافسيه، أم قربه من عواصم دولية نافذة!

لا شيء مما يجري يحسم الأمر، والرجل لا يقول الكثير لذلك سيبقى عرضة  للقيل والقال ومناكفات من كثيرين لا يمتلكون أية معلومة حاسمة أو مؤكدة حوله.