ملفات وتقارير

الانتخابات البرلمانية في مصر تنطلق "في حب السيسي"

من المتوقع أن تشهد الانتخابات البرلمانية نسبة مشاركة ضعيفة - أرشيفية
بدأت الأحد المرحلة الأولى من أول انتخابات برلمانية في مصر منذ انقلاب الجيش على الرئيس المصري محمد مرسي، وهو برلمان متوقع أن يرسخ سلطة زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي أسكت كل أصوات المعارضة.

وتجرى هذه الانتخابات، وهي الأولى منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه "الإخوان المسلمون" في 2012 ، في غياب كامل للمعارضة؛ لأن السلطات تقمع كل الأصوات المخالفة الإسلامية والعلمانية على حد سواء لها منذ الانقلاب في تموز/ يوليو 2013. 

ويبدأ التصويت الأحد في تمام التاسعة صباحا (7,00 ت.غ) وحتى التاسعة مساء (19,00 ت غ) في نحو 19 ألف مركز اقتراع في 14 مرحلة تضم 27 مليون ناخب.

وستجري الانتخابات المنتظرة على مرحلتين بين 17 تشرين الأول/ أكتوبر و 2 كانون الأول/ ديسمبر لشغل 596 مقعدا في أكبر بلد عربي، الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 88 مليون نسمة، وسيجرى انتخاب 448 نائبا وفق النظام الفردي و120 نائبا وفق نظام القوائم، فيما سيختار الرئيس السيسي 28 نائبا. 

لكن مراقبين لا يعتقدون أن هذا البرلمان سيشكل فارقا أو توازنا في الحياة السياسية في مصر التي يطغى عليها سلطة زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي قائد الجيش، الذي يحظى بتأييد المرشحين للبرلمان أنفسهم. 

ويقول يسري العزباوي الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن "مصر دولة مركزية ورئيس الدولة يلعب دورا كبيرا على صعيد السلطة التنفيذية وأيضا التشريعية، والسيسي لديه سلطات كبيرة، كبيرة جدا"، مستبعدا أن يُحدث البرلمان الجديد التوازن.

وغالبية المرشحين الذين يخوضون هذه الانتخابات يدعمون الجنرال الذي لم يستطع إعادة الاستقرار منذ الانقلاب، كما لم يتمكن من إنعاش الاقتصاد المتهاوي، منذ قيامه بالانقلاب في تموز/ يوليو 2015.

وبالرغم من أن الدستور المصري الجديد يعطي للبرلمان صلاحيات كبيرة، منها سحب الثقة من الرئيس، أيضا مراجعة كافة القوانين التي أصدرها في غيابه خلال 15 يوما، إلا أن حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، يعتقد أن هذا البرلمان "لن يكون ثوريا أو إصلاحيا، ولن يشكل معارضة حقيقية تكبح جماح سلطة السيسي".

وأضاف حسني قائلا: "سيكون هناك نوع من أنواع الاتفاق بين السلطة التنفيذية والتشريعية على هامش حركة محدود، ولكن بعيدا عن صلب القرارات المصيرية التي يتخذها النظام".

بلا معارضة

والساحة السياسية في مصر الآن بلا أي معارض حقيقي للسيسي. 

وحظرت السلطات المصرية جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي، والتي فازت في كل الانتخابات التي نظمت عقب إطاحة مبارك، كما صنفتها "تنظيما إرهابيا" وحظرت ترشيح كوادرها في الانتخابات.

وفي الأشهر التي تلت الانقلاب، شنت قوات الأمن المصرية حملة قمع على جماعة الإخوان المسلمين أدت إلى سقوط 1400 قتيل من أنصارها، كما تم توقيف عشرات الآلاف من المنتمين إليها وحوكم مئات، من بينهم مرسي، في قضايا جماعية أدانتها الأمم المتحدة.

أما الحركات الشبابية العلمانية واليسارية، فتم قمعها فضلا عن أنها غير منظمة، وستقاطع هذه الحركات الانتخابات، أو ستمثل تمثيلا ضعيفا؛ إذ إن لها قرابة مئة مرشح فقط من إجمالي 5000 مرشح. 

وفي غياب الإخوان المسلمين عن المشهد، يبرز حزب النور السلفي، الذي أيد الانقلاب على مرسي، الحزب الإسلامي الوحيد في هذه الانتخابات. 

ويتنافس مئات من الأعضاء والنواب السابقين للحزب الوطني الديمقراطي، حزب مبارك، في الانتخابات، بعد أن ألغى القضاء قرارا سابقا بمنع ترشحهم. 

وأكد تقرير لصحيفة الأهرام اليومية المملوكة للدولة والمؤيدة للانقلاب أن قرابة نصف المرشحين كانوا أعضاء في حزب مبارك الذي تم حله.

وتنحصر المنافسة بين تكتلات مؤلفة من أحزاب موالية للسيسي أو من "مستقلين" مؤيدين له سيتنافسون على 596 مقعدا نيابيا.

"في حب السيسي"

وتسعى قائمة "في حب مصر" التي تضم أحزابا من يمين الوسط ورجال أعمال ووزراء سابقين وأعضاء سابقين في الحزب الوطني، إلى الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان مع حلفائهم.

أما القائمة الثانية الموالية للسيسي، التي تتمتع بثقل فهي "الجبهة المصرية" التي يقودها مؤيدو أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

والسبت، دعا  السيسي المصريين "للاحتشاد بقوة أمام لجان الاقتراع" مع بدء التصويت للمصريين المقيمين في الخارج في الانتخابات، قائلا في كلمة متلفزة: "أدعو جميع المصريين للنزول إلى لجان الاقتراع والاحتشاد بقوة مرة أخرى لتنفيذ استحقاقنا الأخير".

وتأمل الحكومة المصرية أن تشهد هذه الانتخابات مشاركة كبيرة، خاصة أن آخر انتخابات برلمانية حققت نسبة مشاركة 54.9 بالمئة من أصوات الناخبين المسجلين.

ويعتقد الخبير السياسي حسني أن "المصريين فقدوا الاهتمام بالانتخابات"، متوقعا نسبة مشاركة ضعيفة في الانتخابات. 

وخصصت الحكومة المصرية نحو 360 ألف شرطي وجندي لحماية مراكز الاقتراع عبر البلاد التي تواجه قوات الأمن فيها هجمات متواصلة من جماعات مسلحة، أبرزها "ولاية سيناء" التابعة لتنظيم الدولة.

وتنطلق المرحلة الثانية للانتخابات، والمقررة في 22 و23 من تشرين الثاني/ نوفمبر في 13 محافظة تضم 28 مليون ناخب.