مقالات مختارة

رقص دولي على قبور السوريين!

1300x600
كتب راجح الخوري: من نصدق باراك أوباما المخاتل عندما يقول إنه حصل "تقدم متواضع" في الاجتماع الوزاري الخاص بسوريا في فيينا، تمثل باتفاق المشاركين على خريطة طريق للعملية الانتقالية في سوريا، أم نصدق وزير خارجيته جون كيري الواهم، الذي لم يتردد أمس في الحديث عن "عملية انتقال سياسي كبير [كبير؟] في غضون أسابيع بين النظام والمعارضة، وذلك أثر التسوية الدولية التي تم التوصل إليها في ختام مفاوضات فيينا"؟

قياسا بالوقائع الواضحة ليس علينا أن نصدّق شيئا من هذه الترهات، فإذا كان كيري يزعم "إننا على مسافة أسابيع من احتمال انتقال سياسي ونحن نواصل الضغط في هذه العملية"، فليس علينا سوى أن نتأمل الروزنامة التي حددها لهذا الموضوع، لكي ندرك ان العملية بعيدة جدا وقد يصبح أوباما وكيري خارج السلطة وربما خارج الذاكرة، قبل موافقة الروس ومن بعدهم الإيرانيون على عملية انتقال سياسي تنهي سلطة بشار الأسد على ما تقتضيه العناصر الأولية لأي حل.

يتحدث كيري عن عقد اجتماع بين النظام وأعضاء المعارضة السورية قبل نهاية الشهر المقبل، ولكن من الذي سيحدد أعضاء وعناصر هذه المعارضة، هل يحددها سيرغي لافروف الذي يحمل قائمة تقتصر على 38 أسما من أولئك الذين يسمّون معارضة الداخل التي تنام في أحضان النظام، وماذا نفعل بمعارضات الخارج؟

ويتحدث كيري عن الحاجة إلى وقف لإطلاق النار، ولكن من سيضمن التوصل إلى وقف إطلاق النار أو إلى إلحاق الهزيمة بالإرهابيين من الآن حتى نهاية كانون الأول المقبل، أم أن علينا أن نصدق أوهام فلاديمير بوتين الذي يدعو إلى جبهة دولية لمحاربة الإرهاب و"داعش"، وهو الذي بدأ حربه ضد المعارضة دعما لبشار الأسد قبل 49 يوما تحديدا، من دون أي تعديل كبير في سيطرة "داعش" الميدانية؟

ثم هل نسي كيري الملاكمة الكلامية بينه وبين لافروف في المؤتمر الصحافي بعد مفاوضات فيينا حول مصير بشار الأسد، وهل يظن هو وأوباما ومعهما بوتين أن عملية الانتقال السياسي التي يتحدث عنها يمكن أن تعني أن السلطة تنتقل من الأسد إلى الأسد، وأن مئات الآلاف من القتلى وملايين اللاجئين وسوريا المدمرة، مجرد تفصيل في سياق التسوية التي يتوهمونها؟

هل يمكن الحديث عن حل أو عن عملية انتقال سياسي، عندما يحاول بوتين مثلا وبكل فظاظة توظيف دماء الفرنسيين بدعوته فرنسوا هولاند إلى إعادة النظر في موقف فرنسا المعروف من ضرورة الرحيل الفوري للأسد، بالقول إن هذا الموقف لم يحمِ باريس من الاعتداء الإرهابي، لكأن موقف بوتين المتمسك ببقاء الأسد حمى الطائرة الروسية من التفجير الإرهابي؟

غريب استمرار الرقص الدولي فوق قبور السوريين.

(عن صحيفة النهار اللبنانية- 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)