بورتريه

"النمر" المتهم بالتحريض على الاحتجاجات حيا وميتا (بروفايل)

اشتهر الشخص بإطلاقه العديد من التصريحات المعارضة للنظام السعودي - أرشيفية
أعلنت وزارة الداخلية السعودية، السبت، تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 ممن ينتمون إلى "التنظيمات الإرهابية"، بينهم رجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر، أحد أبرز معارضي النظام الحاكم في المملكة.

وفيما كان أحد أسباب اعتقال النمر ومحاكمته، إثارة الفتنة والتحريض على الاحتجاجات التي شهدتها القطيف عامي 2011 و2012، أثار إعدامه أيضا احتجاجات في صفوف الشيعة في عدد من الدول، بينها إيران، والعراق، والبحرين، وشرق السعودية، لتصبح تهمة التحريض على الاحتجاج تلاحقه حيا وميتا.

ونمر النمر، هو أحد أبرز رموز الشيعة في السعودية، وصاحب دور رئيسي في الأحداث التي شهدتها منطقة القطيف شرق المملكة عام 2011، زادت من شهرته خطبه الحادة التي وجّه عبرها انتقادات للنظام الحاكم في البلاد.

ولد النمر عام 1959 في منطقة العوامية في محافظة القطيف بالسعودية، ودرس في مسقط رأسه العوامية، ثم هاجر إلى إيران عام 1980، حيث التحق بالحوزة العلمية، وبقي هناك ما يقارب عشر سنوات قبل أن يتجه إلى سوريا.

اشتهر الشخص بإطلاقه العديد من التصريحات المعارضة للنظام السعودي، ففي آذار/ مارس 2009، وجّه انتقادات عنيفة للحكومة، وهدد السلطات "بانفصال القطيف، والإحساء، وإعادتهما إلى البحرين، لتشكيل إقليم واحد، كما كانت سابقا".

وفي خطبة ألقاها بتاريخ 16 حزيران/ يونيو 2012، عبّر عن ارتياحه لرحيل ولي العهد السعودي السابق وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، وأعرب في الخطبة نفسها عن استيائه لاختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد خلفا له، حينها.

وعلى خلفية آرائه ومواقفه، تعرض للاعتقال عدة مرات، منها عام 2006 عند قدومه للسعودية من البحرين، وعام 2008، وفي آذار/ مارس ،2009 عندما هدد السلطات بانفصال القطيف والإحساء وتشكيلها دولة شيعية مع البحرين.

وكان النمر من أبرز المنتقدين لعدم إشراك الشيعة بالمناصب الإدارية والعسكرية في السعودية، وهي الفكرة التي تجسدت بما عرف بـ"أحداث القطيف".

وفي مقابل الانتقادات التي يوجهها للسلطات في المملكة، نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية عن عمدة "جزيرة تاروت" بالقطيف، عبد الحليم آل كيدار في تموز/ يوليو 2012، قوله إن "أيادي الدولة على النمر بيضاء".   

وأضاف آل كيدار، أن "ثلاثة من أبنائه (أبناء النمر) يدرسون على حساب الدولة، ومدرجين في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن زوجته تعمل في جوازات المنطقة الشرقية، وتمَّ نقلها من جسر الملك فهد إلى جوازات الدمام؛ مراعاة لظروف تنقلاته".

ومع اندلاع احتجاجات ما سُمي "الربيع العربي" عام 2011، كسر الشيخ نمر باقر النمر، الحظر الرسمي الذي فرضته السلطات السعودية على ممارسته للخطابة والتدريس منذ آب/ أغسطس 2008، إذ استهل خطاباته التي قالت السلطات إنها تحوي تحريضا على الاحتجاج والعنف وإثارة الفتنة، فيما اعتبرها ذووه "مطالب سلمية لحقوق مشروعة".

وقد أُلقي القبض عليه في 8 تموز/ يوليو 2012، ووصفه بيان وزارة الداخلية آنذاك بأنه "أحد مثيري الفتنة".

 وأشار بيان اعتقاله إلى أن النمر "حاول ومن معه مقاومة رجال الأمن ومبادرته لهم بإطلاق النار، والاصطدام بإحدى الدوريات الأمنية أثناء محاولته الهرب، فقد تم التعامل معه بما يقتضيه الموقف، والرد عليه بالمثل، والقبض عليه بعد إصابته في فخذه".

وأوضحت وزارة الداخلية في البيان نفسه أن "قوات الأمن لن تتهاون في التعامل مع مثيري الفتنة والشغب ممن أساؤوا إلى مجتمعهم وَوطنهم، وجعلوا من أنفسهم أدوات في أيدي أعداء الوطن والأمة".

وبدأت محاكمة النمر في آذار/ مارس 2013، حيث وجهت له عدة تهم من بينها إثارة "الفتنة".

و في تشرين أول/ أكتوبر 2014، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، حكما ابتدائيا يقضي بإدانة النمر، والحكم عليه بالقتل تعزيرا بعد ثبوت ارتكابه عدة جرائم.

وأُدين الرجل الذي وصفته المحكمة، في حيثيات حكمها، بأنه "داعية إلى الفتنة"، وبأن "شره لا ينقطع إلا بقتله"، بعدة تهم بينها "الخروج على إمام المملكة والحاكم فيها خادم الحرمين الشريفين؛ لقصد تفريق الأمة، وإشاعة الفوضى، وإسقاط الدولة".

كما تضمنت الإدانة "قيامه بإعلانه عدم السمع والطاعة لولي أمر المسلمين في المملكة، وعدم مبايعته له ودعوته وتحريض العامة على ذلك، ومطالبته بإسقاط الدولة عبر خطب الجمعة والكلمات العامة، وتحريضه على الإخلال بالوحدة الوطنية".

وأُدين أيضا" بالتدخل في شؤون دول شقيقة ذات سيادة عبر التحريض من داخل المملكة على ارتكاب جرائم إرهابية فيها، وإثارة الشغب، وإذكاء الفتنة الطائفية وزعزعة أمنها، ودعوته أبناء السعودية إلى المشاركة في ذلك، واشتراكه في التخزين في الشبكة المعلوماتية لخطبه وكلماته باتفاقه مع أحد الأشخاص على تصويرها وتسجيلها ونشرها عبر الشبكة المعلوماتية، وهروبه وتخفيه من رجال الأمن بعد أن علم أنه مطلوب للسلطات".

وقالت المحكمة: "بما أن المدعى عليه داعية إلى الفتنة خارج عن الطاعة والجماعة، حريص على تفريق جماعة المسلمين، ولا يقر لولي الأمر بطاعة ولا بيعه، ونتج عن ذلك إزهاق لأنفس بريئة من المواطنين ورجال الأمن، وبما أن شر المدعى عليه لا ينقطع إلا بما نص عليه حديث رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال النووي : (فاقتلوه: معناه إذا لم يندفع إلا بذلك)... فقد قررت المحكمة الحكم بقتل المدان تعزيرا".

وأيدت محكمة الاستئناف الجزائية والمحكمة العليا، في 25 تشرين أول/ أكتوبر 2015، الحكم الابتدائي الصادر بإعدام "النمر"، في الشهر نفسه من عام 2014، ليتم تنفيذ حكم الإعدام يوم السبت 2 كانون ثان/ يناير 2016.