ملفات وتقارير

الاتفاق السياسي الليبي وحكومة الوفاق عرضة للانهيار

الاتفاق السياسي عرضة للانهيار بسبب مادة مرتبطة بمكان حفتر- أرشيفية
أدت مطالبة مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق شرق ليبيا بإلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي، الموقّع في مدينة الصخيرات المغربية، إلى إمكانية انهيار الاتفاق كله، بحسب مراقبين ومحللين.

وكان البرلمان الليبي وافق على كل بنود الاتفاق، وألغى المادة الثامنة من الأحكام الإضافية المتعلقة بشغور المناصب العسكرية والأمنية والمدنية العليا، بعد عدم اتفاق مجلس رئاسة وزراء حكومة الوفاق على شاغليها، وذلك بجلسته التي عقدت في الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي.

حفتر عقدة الاتفاق

وقال محللون ومهتمون بالشأن السياسي الليبي، إن المادة الثامنة جردت قائد عام جيش مجلس النواب من أية صلاحيات عسكرية، ومن أي مستقبل سياسي في المشهد الليبي، باعتباره أكثر الشخصيات الليبية المتصدرة جدلا على الساحة الليبية.

وبحسب هؤلاء، فإن حفتر لا يعاني من رفض شعبي في أغلب مدن غرب ليبيا سواء من العسكريين أم السياسيين فيها وحسب، بل إن شعبيته تصدّعت حتى بين حلفائه وأنصاره في شرق ليبيا بعدما اتهمه الناطق باسم عملية الكرامة محمد الحجازي، بنهب أموال وقتل وتعذيب خارج دائرة القانون، وذلك في الكلمة التي ألقاها في 21 كانون الثاني/ يناير الماضي.

ومدينة درنة شرق ليبيا لا تخضع لنفوذ حفتر، وهناك انقسام كذلك بين قبائل الشرق بشأن عملية "الكرامة" وجدواها في مدن كانت موالية في السابق لحفتر كالبيضاء وطبرق، كما أن أكبر قوة عسكرية بمدينة أجدابيا غربي بنغازي بقيادة إبراهيم الجضران - وهي جهاز حرس المنشآت النفطية/ الفرع الأوسط - وصف حفتر وتنظيم الدولة، بأنهما وجهان لعملة واحد في كانون الثاني/ يناير الماضي، إضافة إلى أن الإعلان عن تكليف آمر الكتيبة "204 دبابات" المهدي البرغثي بحقيبة وزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، زاد من عمق الشرخ بين أنصار اللواء المتقاعد، وقسم القبائل إلى مناوئة لحفتر وأخرى مؤيدة له.

ولا يسهل على مجلس النواب ورئاسته في طبرق أن يوقع ببساطة على اتفاق يخرج حفتر ويجرده من صلاحياته العسكرية، وهو الذي شرعن عملية "الكرامة" وجعلها ضمن أذرعه العسكرية، بل إنه أسند إلى حفتر منصب قائد عام الجيش ورقاه إلى رتبة فريق أول في شباط/ فبراير من العام الماضي.

أعضاء بالحوار يهددون بتفخيخه


بدوره، دعا صالح المخزوم، رئيس فريق حوار المؤتمر الوطني العام، الموقع على اتفاق الصخيرات، أعضاء فريق الحوار ورئيس البعثة الأممية، إلى اجتماع طارئ لبحث الإجراءات الكفيلة بمنع خرق نصوص الاتفاق من قبل مجلس النواب.

وبشأن ما صدر من ردود أفعال على زيارة رئيس الحكومة فائز السراج، لحفتر بمدينة المرج شرق ليبيا، تمثلت في تعليق وزير الدولة محمد عماري زايد لعضويته بالمجلس، ورفض نواب بالحكومة وأعضاء بالحوار لهذه الزيارة التي رأوا فيها أنها تعرقل وتعطل دخول الحكومة إلى العاصمة طرابلس. 

وأشار المخزوم، في كتابه، إلى أن مثل هذه التصرفات، سواء من البرلمان أم من رئيس الحكومة، تعد خرقا للتوافق ولنصوص ومواد الاتفاق السياسي، ومن شأنها أن تعرضه للانهيار.

وفي السياق ذاته؛ وقع عشرة أعضاء بالحوار السياسي على بيان حملوا فيه البرلمان بطبرق مسؤولية تعريض الاتفاق للخرق والانتهاك، إذا ما أقدم على تعديل نص المادة الثامنة من الأحكام الإضافية.

الموقعون ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وأكدوا أن دور البرلمان ينحصر فقط في حجب الثقة عن الحكومة بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وليس قبول التشكيلة الوزارية أو رفضها.

صعوبة المعادلة

من جهة أخرى، حاول مجلس النواب البقاء ضمن المعادلة السياسية الليبية، إذ إن شرعية وجوده وبقائه هو الاتفاق السياسي الليبي، الذي يمتنع تعديله أو إلغاء بعض مواده بإرادة منفردة من البرلمان، ومن ناحية أخرى هو يحاول الإبقاء على حفتر، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتجميد المادة الثامنة أو إلغاء العمل بها، أو تحوير نصها بما يحقق هدف بعض أعضاء مجلس النواب.

ويقع البرلمان تحت ضغط المجتمع الدولي الذي لا تهمه مسألة بقاء حفتر أو مغادرته، قدر اهتمامه بإنجاز الاتفاق والحكومة كأحد أهم مخرجاته، للحصول على غطاء سياسي على أهم خطرين يواجههما في ليبيا بعد سوريا والعراق، الأول "الإرهاب" متثملا بالجماعات التي صدر بحقها قرار من مجلس الأمن كتنظيمي الدولة والقاعدة، والثاني الهجرة غير الشرعية التي باتت ليبيا أحد أهم محطات عبورها إلى أوروبا، وخاصة إيطاليا واليونان ومالطا الأقرب للشواطئ الليبية.

حفتر من جديد


نواب بالبرلمان يقولون إن تعيين المهدي البرغثي وزيرا للدفاع، شكل علامة فارقة في رفض البرلمان للتشكيلة الحكومية المقدمة من رئاسة مجلس الوزراء.

وأضافوا أن النائب بمجلس رئاسة الحكومة علي القطراني، فشل في تعيين وزير دفاع موال لحفتر، بينما نجح النائب فتحي المجبري في تكليف البرغثي، إذ إن المجبري لديه تحالفات في شرق ليبيا مع مناوئين لحفتر، خاصة في ما يعرف في منطقة برقة البيضاء، التي تمتد من أجدابيا وحتى سرت وسط ليبيا.

الموالون لحفتر من أعضاء مجلس النواب، يعللون رفض التشكيلة الوزارية بأنها كبيرة في العدد، إذ إنها بلغت اثنين وثلاثين حقيبة، وهم يسعون لتشكيل حكومة مصغرة لا تتجاوز الخمس عشرة حقيبة.

وقالت مصادر مقربة من مجلس رئاسة وزراء حكومة التوافق، بتصريحات لـ"عربي21"، إنه من المحتمل ألا يمس بالحقائب السيادية الخمس في التشكلية الوزارية (الدفاع، والخارجية، والداخلية، والعدل، والمالية"، إذ إنها جاءت بناء على تفاهمات سياسية بين المؤيدين لعملية "الكرامة"، والمؤيدين لعملية "فجر ليبيا" المعارضة لحفتر، إضافة إلى أنها لا تخلو من الجغرافيا، فوزعت بين أقاليم ليبيا الثلاثة، الشرقية والغربية والجنوبية.

تصدعات كثيرة تشهدها الحكومة لم تتشكل ملامحها بعد، وخلافات حادة على تعديل الاتفاق السياسي، تتوسطه مصالح بعض الأطراف بانهيار الحكومة والاتفاق تحاول أن تتموضع في صدارة ليبيا.