سياسة عربية

فرح مصري وشماتة بإقالة مدني وترحيب بترشيح العثيمين

الأمين العام للمنظمة إياد مدني قدم استقالته من منصبه أمس- أرشيفية
تنفَّست أوساط دبلوماسية، وإعلامية، وبرلمانية، رسمية، في مصر، الصعداء، وأظهرت مشاعر عارمة من الفرحة والشماتة، إثر إعلان منظمة التعاون الإسلامي، مساء الاثنين، استقالة أمينها العام، إياد مدني، من منصبه، لأسباب صحية، وأعلنت وزارة الخارجية المصرية ترحيبها بترشيح السعودية، وزيرها الأسبق للشؤون الاجتماعية، يوسف بن أحمد العثيمين، أمينا عاما جديدا للمنظمة.

ورأت وسائل إعلام مصرية أن استقالة مدني، جاءت نتيجة الضغوط التي مارستها الحكومة المصرية، ضد الرجل، عقابا له على سخريته من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في قصة ثلاجته. ولم تمر سوى ساعات قليلة على إعلان استقالة مدني، مساء الاثنين، حتى أعلنت السلطات المصرية ترحيبها، وأظهر إعلاميون موالون لها الشماتة.

بيان الخارجية المصرية لا يسمي "إياد مدني"

وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، مساء الاثنين، إن "مصر تلقت مساء هذا اليوم مذكرة الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تشير إلي استقالة أمين عام المنظمة، (لم يسمه البيان)، وترشيح المملكة العربية السعودية للدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق، كأمين عام جديد لمنظمة التعاون الإسلامي".

وقال البيان: "تعرب جمهورية مصر العربية عن دعمها للمرشح السعودي الجديد للمنصب تقديرا للدور الهام الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في دعم أنشطة وأهداف منظمة التعاون الإسلامي".

وأشار إلى أن مصر "تثمن عاليا؛ الدور الرائد الذي يقوم به الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، في تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي، كإطار تعاوني جامع، يعزز تضامن الدول الإسلامية، من خلال عمل المنظمة، ويحمي ويصون مصالح الشعوب والدول الإسلامية، في مواجهة التحديات المختلفة، التي تواجه الأمة الإسلامية".

وأضاف البيان أن مصر تتطلع إلى استمرار تعاونها الوثيق مع أمانة منظمة التعاون الإسلامي وأمينها العام الجديد عند اعتماد توليه المنصب، اتساقا مع سياسة مصر المستقرة في إيلاء المنظمة كل الاهتمام، والإسهام الفعّال في كل أنشطتها من منطلق مسؤوليتها في الحفاظ على التضامن بين الدول الإسلامية الشقيقة.

خفايا استقالة "مدني"

وتحدثت تقارير محلية مصرية، عن كواليس وخفايا ما قبل استقالة مدني. 

وادعى عضو مجلس النواب، مصطفى بكري، أنه تم استدعاء مدني إلى القصر الملكي السعودي، وأنه طُلب منه تقديم استقالته من منصبه، كما بعث القصر بمندوب إلى القاهرة ينقل تقدير خادم الحرمين الشريفين للرئيس المصري.

وفي سياق متصل، نسبت تقارير إعلامية إلى مسؤول دبلوماسي مصري قوله إن مصر هددت بتجميد عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي، إذا لم يتقدم أمينها العام السابق باستقالته، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية مارست ضغوطا شديدة، وحشدت الكثير من الدول الأعضاء في المنظمة؛ لإقالة مدني بالفعل.

دبلوماسيون مصريون: استقالته كانت متوقعة
 
وأعرب دبلوماسيون مصريون عن عدم مفاجأتهم باستقالة مدني من منصبه، مشيرين إلى أنها كانت متوقعة.

وقال الدبلوماسي المصري السابق، مصطفى الفقي، إن استقالة مدني، كانت أمرا متوقعا؛ نتيجة لخروجه عن السياق السعودي، خلال تصريحاته عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحسب قوله.

وأضاف، في مداخلة هاتفية مع فضائية "سي بي سي"، أن الجانب السعودي يتميز بالتحفظ، ويميل إلى الأدب في التعامل والتصريحات، خاصة في ما يتعلق برئيس دولة بحجم مصر، ولا يحب الإساءة إلى الآخرين، متابعا: "كان من الواضح أنه وضع نهاية لوجوده بالمنظمة، وسيظل يُذكر بهذه الواقعة، التي لم يكن لها مبرر".

وأكد الفقي أن وجود مسؤول سعودي آخر في المنصب نفسه، سيؤدي إلى فتح صفحة جديدة في التعامل، محملا مدني "وزر الصفحة القديمة".

إعلاميو السيسي يشمتون

وأشاد الإعلاميون الموالون للسيسي بإقالة مدني، واعتبروها تكليلا للجهود المصرية الحثيثة من أجل إقالته، وأظهروا شماتة شخصية في مدني بعد استقالته.

وأشاد الإعلامي أحمد موسى بتحركات الخارجية المصرية، وما اعتبره "موقف الدولة من تصريحات إياد مدني التي تطاول فيها على مصر".

وقال موسى في برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، إن مدني من الشخصيات التي تناصر جماعة الإخوان الإرهابية، ويعمل لحساب الأتراك، وفق وصفه.

ومن جهته، توجه مصطفى بكري بالشكر للملك سلمان، بعد استقالة مدني.

وكتب بكري سلسلة تغريدات، عبر حسابه بموقع التدوينات المصغرة "تويتر"، قائلا فيها: "شكرا لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، علي موقفه النبيل، الذي يعبر عن أصاله عروبية، وتمسك بالقيم واحترام للمشاعر".

ترحيب برلماني: لم يستقل لأسباب صحية

وبالتماهي مع موقف إعلاميي السيسي، صدرت مواقف مشابهة لأعضاء بمجلس نواب ما بعد الانقلاب.

وقالت عضو لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، أنيسة حسونة، إن استقالة أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، كانت متوقعة وحتمية، لما بدر منه من ألفاظ بذيئة في حق مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدة أن استمراره في منصبه كان سيؤثر بالسلب على أمانة التعاون الإسلامي.

وأضافت أن استقالة "مدني" من منصبه أقل ما يجب فعله تجاه شخص غير مسؤول ولا يصلح لهذا المنصب الدولي، مؤكدة أنه لم يستقل من منصبه بسبب ظروفه الصحية كما صرح، فهذه التصريحات لحفظ ماء الوجه، مؤكدة أنه استقال بسبب ما فعله في حق مصر من إهانة وسخرية، بحسب قولها.

الطريق إلى الاستقالة؟

وكانت منظمة "التعاون الإسلامي"، التي تتخذ من جدة مقرا، قد أعلنت مساء الاثنين، في بيان مقتضب، تقديم الأمين العام للمنظمة، إياد مدني، استقالته من منصبه، موضحة أن الاستقالة جاءت لأسباب صحية، ومضيفة أنه اغتنم هذه الفرصة للتعبير عن كامل تقديره واحترامه لكل الدول الأعضاء في المنظمة.

ومن جهتها، رشحت السعودية يوسف بن أحمد العثيمين، وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق، كأمين عام جديد للمنظمة.

وكان مدني أثار غضب الحكومة المصرية بعد أن سخر، الخميس، أمام مؤتمر وزراء التعليم في تونس، من تصريح للسيسي، كان قد أدلى به في المؤتمر الوطني للشباب الأسبوع الماضي بمدينة شرم الشيخ.
وأخطأ مدني في نطق اسم الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، بتحويله إلى السيسي.

وقال مدني للرئيس التونسي: "فخامة الرئيس الباجي قايد السيسي رئيس الجمهورية العربية التونسية.. السبسي أسف.. هذا خطأ فاحش".

وأضاف ضاحكا: "أنا متأكد أن ثلاجتكم فيها أكثر من الماء.. فخامة الرئيس".

وسارع مدني، لتوضيح ما حدث في بيان جاء فيه: "إن ما ذكره أمام مؤتمر وزراء التعليم في تونس كان على سبيل المزاح والدعابة، ولم يقصد من خلاله توجيه أي شكل من أشكال الإساءة للقيادة المصرية، ممثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسي".

لكن الخارجية المصرية أدانت تصريحات مدني، ولم تقبل باعتذاره. وقال وزير الخارجية، سامح شكري، إن تصريحات الأمين العام للمنظمة تعتبر "تجاوزا جسميا في حق دولة مؤسسة للمنظمة وقيادتها السياسية".

وأشار إلى أن التصريحات تدعو القاهرة لمراجعة موقفها من المنظمة، وأمينها العام.

وكان السيسي قال: "والله العظيم.. أنا ظللت عشرة سنين ثلاجتي كان فيها مياه فقط ولم يسمع أحد صوتي"، ثم كررها مرة أخرى، وهو ما أثار ردودا ساخرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.