مقابلات

عمر حميدان: السراج يرأس حكومة انقلابية بدعم دولي

حميدان للإمارات ونظام الانقلاب بمصر: لا تتدخلوا في ليبيا لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية- أرشيفية
كشف المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام بليبيا، عمر حميدان، عن كواليس عودة المؤتمر لممارسة مهامه في مقر قصور الضيافة بالعاصمة طرابلس، مبينا أن ذلك جاء بعد "فشل وإخفاق حكومة الوفاق الوطني، ومشروع الاتفاق السياسي برمته" الذي وصفه بأنه "مشروع انقلابي مدعوم دوليا".

وقال حميدان خلال حوار خاص مع "عربي21"، إن المؤتمر الوطني هو الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد، طبقا للقانون وللإعلان الدستوري، مؤكدا أن "المؤتمر لم ينقطع يوما عن ممارسة مهامه"، وأنه "عاد إلى مقره الرئيس بمساندة قوة من الثوار الذين طالبوه بالرجوع؛ بعدما انفض الجميع عن مشروع الاتفاق السياسي وحكومته".

وأشار إلى أن وضع خليفة حفتر ومكانه في المشهد السياسي؛ هو من الأمور الخلافية التي لم يُتفق بعد بشأنها مع البرلمان، مستنكرا الدور الذي تقوم به دولتي الإمارات ومصر في تأجيج الأزمة الليبية، ومحاولة استنزاف مقدرات الشعب الليبي، وخاصة النفط.

وإلى نص الحوار:

* ما هي أبعاد رجوع المؤتمر الوطني الليبي لممارسة المهام التشريعية، والاستيلاء على قصور الضيافة في طرابلس؟

- المؤتمر في الأصل لم ينقطع عن مباشرة السلطة، وكان يباشر جلساته في مقره المؤقت بحماية من أنصاره، لكنه فضّل أن لا يتصدى للمشروع الدولي المبني على الاتفاق السياسي، لا سيما وأن عرّابيه في الداخل -وهم حزب العدالة والبناء، وبعض السياسيين من أصحاب المصالح الفئوية- استطاعوا أن يحشدوا له سياسيا وعسكريا، ما جعل التصدي له يعني إدخال العاصمة طرابلس في حرب أهلية، وهذا ما رفضناه.. بالإضافة إلى أنه كانت هناك دعاية إعلامية كبيرة للاتفاق ومخرجاته؛ وعدت الناس بالسلام والرخاء، الأمر الذي رأى معه المؤتمر أن لا يكون شماعة يعلَّق عليها تردي الأوضاع في ليبيا، أو فشل مشروع الاتفاق السياسي، ففضّل أن يتنحى جانبا، ويترك هذا المشروع في مواجهة الليبيين.

* لكن بعضهم وصف رجوعكم إلى ممارسة المهام التشريعية بالانقلاب على حكومة شرعية، ما تعليقك؟

- هذ غير صحيح إطلاقا، والانقلاب السياسي والدستوري؛ هو ما قامت به حكومة الوفاق مدعومة من المجتمع الدولي، ودخلت بحماية دولية إلى قاعدة عسكرية في طرابلس، دون شرعية دستورية، ودون قبول أو إجماع سياسي من المؤسسات الشرعية في ليبيا، فأسقطت الدستور، وانقلبت على المؤسستين الشرعيتين المنتخبتين، وهما المؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ.

* وهل خططتم من قبل لهذه الخطوة، أم إن القرار كان مفاجئا؟

- لا لم يكن مفاجئا، وإنما جاء بناء على تنسيق ودعوة من الثوار، وكثير من كتائب الثوار عرضت خدماتها في استعادة القصور والسيطرة على طرابلس، لكننا فضلنا في موضوع اقتحام القصور الرئاسية واستعادتها؛ أن لا نستعين بكتيبة، أو بأي قوة، ووكلنا هذه المهمة للأمن الرئاسي أنفسهم؛ لأنهم المسؤولون عن تأمين القصور، واستجابوا للأمر.

* ولماذا ترفضون الاتفاق السياسي ومخرجاته، وخصوصا أنه كان لكم ممثلون وقعوا على نسخته النهائية؟

- نحن كمؤسسة لم نوقع على الاتفاق، ولم نرض به منذ البداية، ورغم أننا كنا مشاركين فيه بجدية، فإن مخرجاته لم تكن من صنع الليبيين، واستغل صانعوه تلاقي أطراف الحوار لفرض مشروع سياسي كان معدا مسبقا، وأُعلنت حكومة لم يعلم بها أطراف الحوار إلا عبر شاشات الفضائيات، ولم يشاركوا في تشكيلها، ومن ثم رفضنا التوقيع، واتفقنا بعدها مع البرلمان على رفض هذا المشروع؛ لأنه لم يعبر عن إرادتنا، ولا عن المشروع التوافقي الذي يجمعنا ويكوّن خارطة طريق لليبيا.

* ألا ترى أن وجودكم الآن ليس مرغوبا فيه من قبل قطاع كبير من الليبيين؟

- هذا ليس صحيحا، وقلت لك إن عودتنا للمشهد السياسي جاءت بناء على نداء وطلب من قوى الثورة؛ بعد الصحوة التي نتجت عن فشل المشروع الدولي في ليبيا.

* وهل تعدّ وجودكم الآن قانونيا؟

- نعم، نحن الوحيدون الشرعيون في ليبيا بحسب الإعلان الدستوري والقانون، ونحن على استعداد للتحاكم إلى القانون في ذلك، أما حكومة الوفاق فلا سند شرعيا أو قانونيا تستند عليه؛ إلا قرارات مجلس الأمن التي فرضت مشروعا للوصاية رغما عن إرادة الليبيين، وانتهاكا لسيادة ليبيا، وخرقا للإعلان الدستوري الليبي.

* طالبتم أيضا حكومة الإنقاذ بالعودة وممارسة المهام.. ما صلاحياتكم لذلك؟

- حكومة الإنقاذ هي سلطة تنفيذية كلفها المؤتمر، وهي تتبع أمره باعتباره صاحب السلطة في ليبيا.

* لكن هذه الحكومة تواصلت مع حكومة الثني بهدف تشكيل حكومة موحدة.. ألا تعد ذلك خروجا عنكم، كونكم طرفا غير مرغوب فيه من قبل الثني؟

- لا؛ فنحن والبرلمان كان لدينا مشروع وطني للوفاق، وصلنا فيه إلى التوافق على رؤية موحدة، أو تكاد، عبر حوارنا الليبي-الليبي، ولكن هذا المشروع تم إفشاله عن طريق بعثة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ لأنهم يرونه غير جاد، وأنه يجهض مشروعهم للوفاق. وبعد فشل مشروعهم، وعودتنا لإدارة الشأن السياسي؛ نحاول أن نستأنف مشروعنا الليبي-الليبي، بالمشاركة مع البرلمان، وما قام به الغويل والثني يصب في هذا الإطار.

* حكومة الإنقاذ أيضا لم تستبعد التواصل مع خليفة حفتر.. ما موقفكم من ذلك؟

- وضع حفتر ومكانه في المشهد السياسي؛ هو من الأمور الخلافية التي لم نتفق بعد بشأنها في مشروعنا الليبي-الليبي مع البرلمان، لكن وجود بعض النقاط الخلافية داخل المشروع لا يعني إهمال المشروع بأكمله، فما لا يُدرك كله؛ لا يترك جله.

* أكد المجلس الرئاسي أن ما حدث من قبلكم لن يمر، وأن صبره لن يطول.. ما تعليقك؟

- هي رقصة المذبوح.. كان الأولى بهم أن يلتفتوا إلى ملفات أهم، ويعالجوا الوضع الإنساني والأمني والمعيشي في ليبيا، أو أن يوحدوا صفهم الداخلي، ويتوافقوا فيما بينهم.

* دوليا تم رفض خطوتكم الأخيرة نهائيا، وطالبكم المجتمع الدولي على لسان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر؛ باحترام الاتفاق السياسي، بالإضافة إلى مطالبة أمريكا والاتحاد الأوروبي إياكم بالتراجع.. ما موقفكم من ذلك؟

- نعم هذا حدث، لكن كل ذلك عبارة عن محاولات مستميتة لإحياء مشروعهم فقط، وعلى القوى العظمى أن تعي الواقع السياسي الليبي، وأن تتعامل مع القوى السياسية الفاعلة في ليبيا، وأن لا تتمسك باتفاق واه لا أمل في تنفيذه بحسب المعطيات الواقعية؛ لأنه لا يلبي مطالب الليبيين، ولا يحظى بقبول القوى السياسية الحقيقية على الأرض.

* ماذا عن رفض قوات "البنيان المرصوص" التابعة لحكومة الوفاق رجوعكم إلى المشهد السياسي؟ ألا تخشون من حدوث صدامات مسلحة بسببكم؟

- هذا الكلام غير صحيح، فقوات "البنيان المرصوص" هي قوات مدنية تداعت للدفاع عن الوطن بسلاحها، وقضيتها محاربة تنظيم "داعش"، ولم تتبنَّ أي مشروع سياسي آخر، وهي ترفض دعم أي تيار سياسي، أو القتال تحت مظلته، وقد بينت هذا الأمر في العديد من بياناتها ومواقفها. وما يدعيه المجلس الرئاسي من أنه هو القيادة السياسية لهذه القوات، وأنها تعمل تحت إمرته؛ غير صحيح، وهو توظيف سياسي غير مقبول لهذه التضحيات التي تقوم بها قوات البنيان المرصوص.

* تم الكشف مؤخرا عن قاعدة جوية إماراتية في الشرق الليبي تدعم حفتر.. كيف تابعتم الأمر؟

- نحن نستنكر هذه العملية من الحكومة الإماراتية، ونعتبر ذلك انتهاكا للسيادة الليبية، وتدخلا سافرا لإذكاء الصراع في ليبيا، وتغليبا لأحد أطراف النزاع الليبي، ونستنكر أيضا صمت المجتمع الدولي على ذلك، وهو الذي يدعي أنه يتولى مشروعا للوفاق في ليبيا لإنهاء النزاع بين الأطراف الليبية المتصارعة.

* ما تقييمك للموقف المصري من الأزمة الليبية، وما ينسب إلى نظام عبدالفتاح السيسي من محاولة استغلال ثروات ليبيا، وخصوصا النفط؟

- ما ذكرته عن دولة الإمارات ينسحب أيضا على ما يقوم به النظام المصري الحالي، ونعدّ هذه الممارسات، سواء دعم طرف من أطراف الصراع، أم محاولة استغلال مقدرات الشعب الليبي؛ تصرفات مسيئة لعلاقة الشعب الليبي بالشعبين المصري والإماراتي، في وقت أحوج ما تكون فيه ليبيا إلى دعم من البلدين للتهدئة والسلم والوفاق. وأقولها للبلدين صريحة: لا للتدخل في ليبيا لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية أو إذكاء صراع بين الليبيين؛ لأن هذا الأمر سيبقى ذكرى مؤلمة في وجدان الشعب الليبي، الذي لا شك في أنه سيخرج من أزمته الراهنة.

* ما شروطكم للتراجع عن خطوة تصدركم للمشهد السياسي؟

- شرطنا الوحيد هو أن يكون هناك مشروع وطني يصنعه الليبيون بأنفسهم؛ دون وصاية من أحد.