صحافة دولية

رسائل مشفرة من مطاعم واشنطن لحفلة تنصيب ترامب

واشنطن بوست: تحاول بعض المطاعم إظهار ردود فعلها بطريقة حذرة في أسبوع تنصيب ترامب- أرشيفية
تقول صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير للكاتب تيم كارمان، إنه في أجواء سياسية يولد فيها أي فعل رد فعل مساويا له في المقدار، ومعاكسا له في الاتجاه، فإن المطاعم في أمريكا، التي تريد إظهار عدم ارتياحها من سياسات الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب، تحاول أن تظهر ردود فعلها بطريقة حذرة في أسبوع التحضيرات لتسلمه الرئاسة، حيث إن كل علامة تجارية أو ما يمكن فهمه احتجاجا ربما ووجه بنوع من رد الفعل. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه عندما بدأ مطعم "ناندوز بيري بيري" بتوزيع ملصقات #everyoneiswelcome (هاشتاغ الكل مرحب به)، على ستة مطاعم، كانت سلسلة المطاعم الجنوبية أفريقية - البرتغالية للدجاج، تقدم لفتة عن قيم التعامل التجاري، وليس انتقادا للرئيس المنتخب وداعميه، مستدركا بأن من صوتوا لترامب قد يكون لديهم رأي آخر، حيث يحتوي الملصق على بيانات مثل:

"ناندوز بيري بيري" هو 

مطعم يوظف المهاجرين
ويحب المثليين
ويحترم المسلمين
ويعارض العنصرية 
والمساواة
والتعددية الثقافية
مطعم للدجاج يرحب بالجميع.

وينقل الكاتب عن مدير سلسلة مطاعم "ناندوز" الأمريكية بيرتون هيس، قوله معلقا على البيان: "إنه موقف واضح وجريء، وهو صحيح وصادق ويمثل من نحن"، لافتا إلى أن شركة "ناندوز" أنشئت في جنوب أفريقيا القرن العشرين، حيث عانت الغالبية السوداء من الحرمان والتشريد، ما أثر في طريقة تعامل الشركة مع القرن الحادي والعشرين، بحسب ما يقول هيس، الذي أضاف: "قد شاهدت الشركة، وعبر السنين، الأثر المدمر لنظام الأبارتيد، الذي حط من شأن التنوع، وهو ما قاده (المطعم) إلى التحدث ضد هذا المعتقد"، وتابع قائلا إن الشركة "كانت ولمدة طويلة منظمة ناشطة فيما يتعلق بالوقوف ضد أنظمة كهذه".

وتورد الصحيفة نقلا عن هيس تأكيده أن ماركة "ناندوز" للدجاج صممت على أن تكون شاملة للجميع وليست انقسامية، ولهذا، فإن دعوة المطعم للآلاف من زوار واشنطن أثناء حفلة التنصيب، هي دعوة للتعرف على السلسلة، التي تدير عشرات المطاعم في واشنطن وبالتيمور وشيكاغو، مشيرة إلى أن الشركة ستقوم يوم غد بإرفاق 60 ألف ملصق داخل ملحق  "إكسبريس"، وهي الصحيفة المجانية التي توزع على ركاب القطارات والحافلات، وتصدرها شركة "واشنطن بوست"؛ أملا في أن يقوم المسافرون على القطارات بإظهاره، حيث إن الملصق متاح للتحميل في everyoneiswelcome.us، ولا يحتوي إلا على جزء من شعار المطعم "القلب الأحمر"، بالإضافة إلى هاشتاغ نرحب بالجميع، وقال هيس: "كل ما نقوم به هو أن نكون صادقين وأن #everyoneiswelcome يعني أننا نرحب بالجميع"، وأضاف: "بعيدا عما قلناه، فإن هناك خلافا في وجهات النظر، وهذا لا يعني ألا نأكل معا، وربما يكون النقاش حول خلافاتنا". 

ويعلق التقرير قائلا إن "رسالة (ناندوز) الحذرة تهدف إلى التعبير عن معتقداتها التقدمية، دون تنفير داعمي ترامب، أو حتى إثارة غضبهم، وتبدو مثل بقية المطاعم الأخرى، التي حاولت تقديم مواقف متوازنة، ولا تريد التعبير عن موقف واضح أو أي شيء آخر خلال عملية التنصيب". 

ويقول كارمان إن هناك 30 مؤسسة استجابت لدعوة ألين دين وأماندا كاربنتر، اللذين قاما بالدعوة في حملة All In Service DC المطاعم والحانات إلى دعم الجمعيات الخيرية التي تختارها في أسبوع التنصيب، لافتا إلى أن الجمعيات التي تم اختيارها ستواصل رسالتها في المساواة، مثل Planned Parenthood، التي هدد الجمهوريون بقطع الدعم عنها، و Ayuda,، التي تقدم الدعم للمهاجرين غير الشرعيين. 

وتنقل الصحيفة عن إيان هاميلتون، الذي يملك مطعم "جيز بيلي صاد" في جورج تاون، قوله إن مساعدة الجمعيات التي تقدم المساعدة للمهاجرين منطقي، خاصة أن الكثير من المطاعم وقاعات الطعام لا يمكنها العمل دون العمال المهاجرين، الذين لا يشعرون بارتياح للرئيس المقبل، ويضيف هاميلتون: "نلاحظ قلقا بين عمالنا، وهذا أمر مفهوم". 

ويتابع هاميلتون قائلا إنه لا يشعر بالراحة للمشاركة في حملة سياسية تقوم بالحط من شان أهم منصب في البلاد، ولهذا فإنه ينظر إلى مشاركته في حملة  All in Service DC على أنها لاسياسية، ويقول: "ربما لا تشعر دائما بالفرح من نتائج الانتخابات، لكن عليك أن تطوي الصفحة، وتأمل الأفضل، وأن تفكر بطريقة إيجابية"، ويضيف: "شخصيا شعرت بعدم الراحة يوم الأربعاء، اليوم التالي للانتخابات، ماذا عساي أن أفعل؟ علينا أن نواصل الحياة".

ويجد التقرير أنه "سواء كانت الطبيعة غير السياسية للنشاطات في فترة التنصيب تعبيرا عن موقف متوازن أم لا، فإنها محاولة من أصحاب المطاعم للنجاة، وهناك أدلة على معاقبة الزبائن من مؤيدي أو معارضي الرئيس المنتخب، حيث قرر زبائن أقدم حانة للخمر في الولايات المتحدة (يوينلنغ) التخلي عنها بعدما دعم صاحبها ترامب، وعانت شركة الخبز (غربهاب) المصير ذاته، عندما طلب مديرها من أي موظف الاستقالة، إن كان يوافق ترامب على مواقفه من الأقليات والنساء وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وخسرت الشركة 5% من أسهمها في السوق المالية". 

ويلفت الكاتب إلى أن شركة المرطبات "بن أند جيري"، التي تملكها مجموعة "يونيليفر" أصدرت رسالة مفتوحة بعد يومين من انتخاب ترامب، حيث أعدت الشركة، التي يقع مقرها في فيرمونت، رسالتين تحسبا لأي نتيجة، ووضعت جهدا أكبر في الرسالة الموجهة للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وعندما فاز ترامب سارعت وأكملت الرسالة، وأرسلتها إلى عاملي الشركة، مشيرا إلى أن اللغة في الرسالة  جاءت متسامحة، لكنها أكدت في النهاية القيم، مثل دعمها للناس مهما كان لونهم، وللنساء والمسلمين واللاجئين والمهاجرين والمثليين والفقراء، وأشارت إلى أنها ستدعم ترامب "لو دعم بناء عالم متساو وعادل". 

وتورد الصحيفة نقلا عن مدير الشركة كريس ميللر، قوله إن الرسالة كانت الأكثر تحميلا على موقع الشركة، وحظيت بردود إيجابية ، ولم يمنع هذا من وجود بعض التعليقات، مثل "هذا أمر تافه"، و"هذه شركة للمرطبات، أليست لديكم صفحة أخرى للسياسة"، منوهة إلى أن "بن أند جيري" لم تكن بعيدة عن الجدل، فعندما دعمت حركة "حياة السود مهمة"، هاجمها من يدعمون الشرطة "حياة الزرق مهمة أيضا"، ودعوا إلى مقاطعة عامة لمرطبات "بن أند جيري".

وتعلق الصحيفة قائلة: "لا تشارك المطاعم كلها (بن أند جيري) في موقفها، حتى في منطقة ليبرالية، ولا تشعر بالراحة للتعبيرعن مواقفها، رغم أن معظم سكانها صوتوا لصالح حملة كلينتون، والموقف الحذر ليس مرتبطا بحفلة التنصيب، التي ستجلب مؤيدي ترامب ومعارضيه في مكان واحد، لكنه مرتبط بفضيحة #pizzagate، التي تمحورت حول شائعات تشير إلى أن مدير حملة كلينتون جون بوديستا ضمّن في رسائله الإلكترونية رسائل مشفرة عن تهريب البشر، وتحدث في الرسائل التي سربتها (ويكيليكس) عن مطاعم مرتبطة بالجنس مع الأطفال".

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أنه "رغم المخاوف التي أثارتها الحملة، إلا أن (ناندوز) دخلت الحملة، وهي ليست ساذجة في هذا القرار، وحضرت فريقها لكيفية التعامل مع مؤيدي ترامب".