ملفات وتقارير

لماذا ينسق السيسي مع إسرائيل سرا ويتجنب لقاءات علنية؟

يتبع السيسي سياسة الاتصالات من تحت الطاولة مع الإسرائيليين - أرشيفية
أثارت لقاءات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي المتعددة مع الوفود اليهودية والمسؤولين الإسرائيليين؛ الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقات التي تربط السيسي بهذه الأطراف.

وكان من اللافت في لقاءات السيسي بالأطراف اليهودية، كثرة لقاءاته العلنية مع قادة المنظمات اليهودية الأمريكية، في مقابل حرصه على عدم لقاء أي مسؤول إسرائيلي بشكل علني، منذ وصوله للسلطة، وبما يتناقض مع ما كشفته تسريبات وزير الخارجية المصري سامح شكري الأخيرة، والتصريحات المتتالية من تل أبيب والتي تؤكد وجود تفاهم وتعاون غير مسبوق بين نظام السيسي والدولة العبرية على مختلف الأصعدة خاصة السياسية والأمنية.

لقاءات علنية وأخرى سرية

وكان السيسي قد التقى يوم الأحد الماضي ممثلين عن مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية، وهو اللقاء الخامس من نوعه في غضون أقل من عامين، حيث كان أول تلك اللقاءات في تموز/ يوليو 2015 بالقاهرة، تلته ثلاثة اجتماعات في 2016، اثنان بالقاهرة في شباط/ فبراير وكانون الأول/ ديسمبر، وبينهما لقاء في أيلول/ سبتمبر بنيويورك.

وفي تصريحات صحفية، أوضح المتحدث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، أن السيسي أكد خلال لقاء زعماء اليهود الأمريكيين حرصه على استقبال وفود تمثل مختلف أطياف المجتمع الأمريكي، لتعزيز التواصل والتفاهم حول التحديات التي تواجه المنطقة، وخاصة الحرب ضد الإرهاب، وشدد على أن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو أحد أهم أولوياته.

وجاء اجتماع الأحد الماضي بعد ساعات من كشف وسائل إعلام إسرائيلية عن لقاء سري عُقد في مدينة العقبة الأردنية العام الماضي، جمع السيسي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وملك الأردن عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، لبحث إطلاق مبادرة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

من جهته، أكد نتنياهو أن الاجتماع السري عقد بناء على دعوة منه، وأنه رفض مشروعا للسلام الإقليمي قدمه كيري؛ يتضمن اعتراف العرب بإسرائيل كدولة يهودية مقابل استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بدعم عربي، بهدف التوصل لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحيا،ة مع الإعلان عن القدس عاصمة للدولتين.

من جانبها، لم تنفِ رئاسة الجمهورية المصرية عقد اللقاء، واكتفت بالقول، في بيان لها، إن "مصر تدعم أية مبادرات أو لقاءات تهدف إلى إحياء عملية السلام".

ظل السادات

وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع؛ إن "السيسي يتقمص منذ توليه السلطة شخصية الرئيس الراحل أنور السادات، حيث أعلن منذ سنوات أنه حلم بالسادات ويريد أن يصبح مثله، ويظهر كزعيم ملهم أو بطل الحرب والسلام، ولذلك فهو يريد أنه يتوصل لاتفاق سلام عربي إسرائيلي حتى ولو على الورق فقط ودون حل حقيقي للقضية الفلسطينية، فكل ما يهمه هو الحصول على الـشو الإعلامي"، على حد قوله.

وأضاف ربيع، في حديث لـ"عربي21"، أن "السيسي يرتدي نفس عباءة السادات تماما ويقلده في تحركاته السياسية، ويريد أن يقال عنه أنه الزعيم الذكي صاحب الدهاء الذي تفاوض سرا مع إسرائيل وصنع السلام في الشرق الأوسط".

وحول حرص السيسي على أن تكون اتصالاته مع إسرائيل سرية، أوضح ربيع أن هذا يحدث دائما منذ توليه السلطة، "وكان آخر تلك الاتصالات التي كشفتها التسريبات الأخيرة، عندما تفاوض السيسي سرا مع إسرائيل حول ترتيبات اتفاقية تيران وصنافير دون علم الشعب المصري، وهذا ليس جديدا عليه؛ لأن طبيعة عمله في المخابرات جعلت حياته محاطة بالسرية، وهو لا يجد عيبا في ذلك بل يعتبره دهاء وذكاء دبلوماسي"، وفق تعبيره.

السيسي يتجنب الغضب الشعبي

ويقول الباحث السياسي والاستراتيجي، محمد السيد، إن "السيسي منفتح على دول العالم حتى الأعداء مثل إسرائيل"، معتبرا أن السيسي "يريد أن يحقق مجدا شخصي عبر محاولة حل الصراع العربي الإسرائيلي، والتوصل لمعاهدة سلام تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وعودة الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967، التزاما بثوابت السياسة الخارجية لمصر التي لم تتغير بتغير التوجهات السياسية للنظم المختلفة".

وأضاف السيد لـ"عربي21"؛ أن السيسي "يُكثر من استقبال الوفود اليهودية الأمريكية بسبب التقارب الشديد لسياساته مع توجهات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، بالإضافة إلى اقتناعه بأن علاقة إسرائيل بمصر الآن ليس علاقة حرب بل علاقة تعاون في مواجهة الإرهاب الإسلامي".

وحول حرص السيسي على إبقاء اتصالاته بالمسؤولين الإسرائيليين سرية، قال السيد إن "السيسي يعرف جيدا أن الشعب المصري ما زال يكره إسرائيل كرها تاريخيا، ولا يريد السيسي أن يُظهر تنسيقه مع القادة الإسرائيلين متحديا الرأي العام"، مضيفا: "في المقابل، يجيد السيسي لغة السرية، خصوصا في المفاوضات مع دولة بيننا وبينها صرعات طويلة، بحكم عمله السابق كمدير للمخابرات الحربية".