سياسة عربية

"الوطن" تتبرأ من رسائل باسمها تحدثت عن انقلاب عسكري بمصر

شفيق الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة يلقى قبولا لدى مؤيدي الانقلاب- أ ف ب
تقدمت إدارة صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات المصرية، صباح الأربعاء، ببلاغ إلى الأجهزة الرسمية، ضد ما اعتبرته "محاولة اختراق مغرضة"، وذلك بعدما نشرت خبرا عن انقلاب عسكري وشيك في مصر، مساء الثلاثاء.

وكان المئات من مشتركي خدمة "الوطن" للرسائل القصيرة تلقوا رسالة موجهة منها تقول: "أنباء عن تحرك لقيادات بالجيش تابعة للفريق أحمد شفيق للقيام بانقلاب عسكري".

إلا أن الصحيفة سارعت إلى إصدار بيان نفت فيه علاقتها بالرسالة، قائلة: "تعرضت خدمة الوطن للرسائل لمحاولة اختراق من مجهولين، وتمت السيطرة على الأمر بعدما تمكن المجهولون من بث رسالة مغرضة".

بلاغ للداخلية

وأعلنت الصحيفة، صباح الأربعاء، عبر موقعها الإلكتروني، أنها تقدمت ببلاغ إلى وزارة الداخلية "بسبب تعرض موقع الرسائل العاجلة sms لها، لعملية قرصنة، حيث قام مجهولون بالاستيلاء على الموقع لمدة دقائق معدودة، نجحوا خلالها بإرسال خبر مختلق لمشتركي الخدمة"، وفق وصفها.

وقالت "الوطن" إنها أوقفت الخدمة، على الفور، وتقدمت ببلاغ إلى إدارة تكنولوجيا المعلومات ونظم الاتصالات في وزارة الداخلية، وأبلغتها بالواقعة، مشيرة إلى أنها بدأت تحرياتها على الفور، وقام مسؤول الخدمة بتقديم المعلومات المطلوبة في محضر رسمي أمام ضباط الإدارة.



تناقضات "البرغوثي"

من جهته، أدلى مدير تحرير "الوطن"، المعروف بأنه إحدى الأذرع الإعلامية للسيسي، محمد البرغوثي، بتصريحات إلى الإعلامي الموالي للانقلاب، عمرو أديب، الذي بدت عليه حالة من الذعر، عبر برنامجه "كل يوم"، بفضائية "ON E"، مساء الثلاثاء، حذر فيها من تداول هذه الأنباء، مؤكدا حدوث اختراق لخدمة الرسائل النصية للصحيفة.

وأكد البرغوثي أن هذا الخبر لم يخرج من "الوطن" على الإطلاق. 

وأضاف: "لن تحدث إلى أن تقوم الساعة أن الجيش المصري يقوم بانقلاب عسكري".

وأردف أن "من ارتكب هذا العمل شخص منحط ومعروفة انتماءاته وأسباب اختيار هذا التوقيت"، وذلك دون أن يحدد من هو.

لكن قال إن هناك "هاكر" وصفه بـ"المنحط"، وراء بث "رسائل مغرضة للمشتركين في خدمة الرسائل النصية القصيرة.. في هذه اللحظة التي يحتفل فيها المصريون بما تم إنجازه في زيارة الرئيس للولايات المتحدة"، بحسب تعبيره.

آيات عرابي: احتمالات مختلفة

من جهتها، علقت الإعلامية المناهضة للانقلاب العسكري، آيات عرابي، على ما حدث، في تدوينة عبر صفحتها في موقع "فيسبوك"، بالقول: "إن الجهات القادرة على تنفيذ مثل هذا الاختراق (ودون علم القائمين على الخدمة في جريدة "الوطن" الانقلابيه) محدودة، ومنها المخابرات".

وأضافت: "إذا صح هذا، فيكون الهدف من الرسالة هو ببساطة تجهيز نفسي لجمهور الانقلاب لتقبل حدوث انقلاب (خلال سنة أو سنتين على الأكثر)، خصوصا أنهم قدموا لهم الموضوع تحت اسم شخص مقبول لديهم (شفيق)، بمعنى أن الرسالة المكذوبة الهدف منها ببساطة هو تحريك الآمال لدى معسكر الفلول وحزب الكنبة الذي يختلف مع قائد الانقلاب فقط لأنه فاشل على كل الأصعدة، وبالمرة جس النبض وقياس ردود الأفعال، وكذلك قياس ردود أفعال المعسكر المناهض للانقلاب على هكذا احتمال".

اقرأ أيضا:
 هل يلعب شفيق دور "المحلل" أم "البطولة" أمام السيسي؟

وتابعت آيات عرابي بأن "موعد بث الرسالة خلال زيارة سفيه الانقلاب لأمريكا يشير إلى جهات منظمة قد تكون المخابرات على الأرجح (جزء منها وليست المؤسسة كلها)"، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى تحليلات سابقة لها منذ 2015، أفادت بأن الانقلاب هو مرحلة مؤقتة تهدف لتدمير بنية الإخوان المسلمين ثم تحميل سفيه الانقلاب بكل جرائم المرحلة، وتمهيد الساحة لسحب الجيش إلى خلف الستار، وتقديم طراطير محتملة من الليبراليين غير القادرين على المنافسة، وربما جمال مبارك أيضا، وساعتها سيكون شفيق عرّابا للعبة الانقلابات الموسيقية.

وأضافت أن "هذا الاحتمال يعني أن هناك من يقوم بتشغيل ماكينة الكنس للبدء في تنظيف آثار الانقلاب الأول، وهذه الجهات لا يمكن إلا أن تكون الجهات التي دبرت الانقلاب من البداية"، مشيرة إلى أن "الاحتمال الثاني هو أن سفيه الانقلاب ذاته استجاب لفكرة قدمها له دابة من دواب مخابرات فيفي عبده، للتمهيد لإجراءات قمعية داخل الجيش، وعزل صدقي صبحي، والمجلس العسكري، وتعيين أفراد جدد (لأن الانقلابات عبارة عن عصابات لا تثق في بعضها البعض)"، على حد قولها.

وخلصت عرابي إلى أن السيسي الآن بين احتمالين كلاهما مر، "إما أن يتخذ إجراءات قمعية ضد الجيش فيزيد الغضب ضده داخل المؤسسة التي تحميه، وإما أن يتركها كما هي ويغامر بحدوث انقلاب يضع رقبته على المحك"، على حد قولها.

عزوز: لا اختراق.. وهناك حكاية

من جانبه، علق الكاتب الصحفي سليم عزوز على واقعة اختراق الصحيفة، قائلا: "في اعتقادي أن موقع جريدة "الوطن" لم يجر اختراقه.. وفي اعتقادي أيضا أن شفيق آخر واحد يعمل انقلاب عسكري.. أو يدخل في التحدي للسيسي.. ده لو قائد عسكري فعلا يدعو أنصاره لاستقباله في المطار، وهم كُثر، ويقود مواجهة حقيقية مع السيسي، ليس بانقلاب، ولكنه بمواجهة بالانتخابات، وهو قادر على إسقاطه، لكنه ضعيف أضعف من الضعف.. رسالة الوطن وراءها حكاية سنعرفها قريبا".

ترشح شفيق للانتخابات الرئاسية

وكان اللواء رؤوف السيد، نائب رئيس حزب "الحركة الوطنية"، الذي يتزعمه "شفيق"، قد أعلن قبل أيام، أن شفيق سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مضيفا أنه التقى به في "الإمارات" خلال زيارته لـ"أبوظبي"، وأن صحته جيدة عكس ما يتردد، وأنه سيعود قريبا لمصر للتجهيز للانتخابات الرئاسية.

ويرى مراقبون أن "شفيق" هو الورقة التي تستخدمها دول الخليج، وعلى رأسها "الإمارات"، للدفع به مرشحا رئاسيا تسعى من خلاله إلى تبريد الأجواء السياسية المصرية، حال ازدادت الأزمات التي تسبب بها نظام السيسي، سواء على المستوى الداخلي، أو على مستوى التعاون مع الخليج إقليميا، أو حتى على مستوى مصالحها في مصر، وبما يضمن عدم الخروج على سياستها وبقاء مصالحها.

وكان شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وعقب خسارته في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام الرئيس محمد مرسي في 2012، اتجه مباشرة لدولة الإمارات، واستمر هناك، برغم صدور حكم قضائي برفع اسمه من قوائم الترقب والوصول في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

و"الوطن" صحيفة مصرية خاصة، تأسست في أيار/ مايو 2012، وتنتهج خطا مؤيدا لنظام السيسي، ويرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال المقرب منه، محمد أمين.

وكان السيسي غادر مصر، السبت الماضي، متوجها للولايات المتحدة، في زيارة رسمية، للقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي رحّب به، وصرّح برغبته في إقامة علاقة "طويلة" و"رائعة" مع مصر، على حد وصفه.