دور المثقف في مجتمعه هو تنويري بامتياز، يسعى إلى انتزاع الإنسان من قاع التخلف والجهل إلى آفاق رحبة من التفكير والإبداع والاختلاف الحر، وإزالة كل العوائق والسدود التي تحول دون ذلك، وأكاد أجزم مؤمنا بما أذهب إليه أن في المثقف بقية إصلاح رسولية، يشارك فيها بقية المصلحين.
معرّض كغيري للتورط في كل ما يسقط في صندوق رسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو لم تبحث عنها فستأتيك «على رغم أنفك»، حتى لو رفضت كل دعوات الإضافة، أو تجنبت تحميل كل ما يصلك من الملفات، فستتسرب إليك «عنوة» من قريب أو صديق عزيز، وكلها تقريبا متشابهة، لا تختلف إلا باسم الناقل.
في زيارته لمكتبة الملك فهد الوطنية على هامش استضافة مصر ضيف شرف على مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وفي المؤتمر الصحافي الذي انعقد في قاعة المكتبة الكبرى الخميس الماضي، سألت وزير الثقافة المصري الدكتور حلمي النمنم ما يلي:
تاريخ «الكُفر» عريق عراقة الإنسان، وارتباطه به حدد علاقته بالكون والحياة، وتمظهرت إشكالاته مع نفسه بناء على رؤية مسكونة بالخوف، حتى ارتمى في أحضان المردة والشياطين من الجن والإنس، الذين اتسعت أطماعهم إلى أقاصي الأرض.
كيف لنا اجتياز الحد الفاصل بين هوية المثقف وهمومه المثقلة بتباريح وعذابات جمة، يعبّر عنها بأي شكل يروق له، ويزوده بالمؤونة الملائمة للتواصل بالآخرين، مفكرا كان أم شاعرا أم روائيا، وبين الهوية الأشمل التي باتت مثل «إكسير» الحياة المفقود وضاع بين نظريات غير قادرة على الإفهام أو الإقناع؟
كانت مفاجأة معلوماتية صادمة تلك التي فاجأنا بها دليل الهيئة العامة للإحصاء، الذي نشر عبر كل الوسائل الإعلامية. لم نصدق أن عدد السكان في السعودية يصل إلى 32 مليون نسمة، وأن الرياض وحدها تقتص من هذا العدد ما يقترب من ثمانية ملايين، يشكل السعوديون ثلثي هذه النسبة، والثلث الآخر لوافدين من مختلف الجنسيات
اليوم، وقد بلغ السيل الزبى، وطحنت الأجساد العربية تحت آلة القتل بسبب أو من دون سبب، حق لنا أن نتوقف برهة لنعيد إلينا وعينا المسروق منا قبل أن تجتر جنازير الإبادة الهوجاء ما بقي من عالمنا العربي المغدور.
كنا -ولا نزال- نتمنى ألا ينظر إلينا إلا علي أننا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، وإن اختلفنا في المذاهب والطوائف والأعراق. وقد كتبنا وما زلنا نكتب رؤيتنا عن واقعنا كمجتمع يفترض فيه أن يكون متآلفاً ومتكاتفاً ومتسقً في لُحمة وطنية واحدة، واستشرفنا واقعنا بين أيدي كل المعطيات..