صحافة دولية

فايننشال تايمز: لهذا تبدو خطة ابن سلمان محفوفة بالمخاطر

فايننشال تايمز: يبدو ابن سلمان أضعف مما يظهر على المستوى الجيوساسي- أ ف ب
فايننشال تايمز: يبدو ابن سلمان أضعف مما يظهر على المستوى الجيوساسي- أ ف ب

كتب المعلق في صحيفة "فايننشال تايمز" ديفيد غاردنر مقالا، يقول فيه إن خطة الإصلاح السعودية جريئة لكنها محفوفة بالمخاطر. 

 

ويبدأ غاردنر مقاله بالقول إن "أكثر زعيم فعالية في الشرق الأوسط هذا العام، وإن بطريقة كسولة، هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاما، الذي سيطر على السلطة، وبدأ مرحلة مذهلة من حكم عائلة تتسم بالتحرك البطيء حول قواسم مشتركة بحذر وإجماع، مثلما هي شعاراتها". 

 

ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "محاولة السعودية دعم اقتصادها بالاستثمارات الخاصة، وفطمه عن الموارد النفطية المتراجعة، هي قصة ذات تداعيات ضخمة، ولا أحد يشك في الطاقة والطموح اللذين يدفعان ابن سلمان، وبترخيص من والده؛ لدفع الاقتصاد أو الإصلاح الاجتماعي، حيث أن نجاحه مهم للمملكة والمنطقة". 

 

ويجد غاردنر أن "لبرلته الاجتماعية الدينية جريئة، وتنفث هواء جديدا في المجتمع السعودي الخانق، فقصقص أجنحة الشرطة الدينية المتشددة، ويقوم ببطء بتفكيك الفصل بين الجنسين وتقييد النساء، ويروج للمزج بين الجنسين في الترفيه، ويرفع الحظر السخيف عن الحفلات ودور السينما، وسيسمح في العام المقبل للمرأة بقيادة السيارات". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "الأمير الشاب الذي يدرك أن المؤسسة الدينية لا تزال مركزا للسلطة الرجعية، قام بملاحقة المتشددين الإسلاميين والمعارضين في كانون الأول/ أكتوبر، يعتقد أن على المملكة العودة إلى (الإسلام المعتدل)، وأن نسبة 70% من سكان السعودية هم تحت سن الثلاثين". 

 

ويعلق غاردنر على تصريحات ابن سلمان قائلا إنها "كلمات قتالية وإن كان يعني ما يقول فعليه اقتلاع قوة المؤسسة الوهابية، التي تعد إحدى قواعد الشرعية لآل سعود منذ القرن الثامن عشر، وهذا يعني وقف المليارات التي تنفقها الرياض على تصدير الوهابية الشمولية، كونها أيديولوجية غير شرعية تغذي الجهادية المعاصرة، والسيطرة بالتالي على النظام التعليمي".

 

ويلفت الكاتب إلى أن السعودية أعلنت عن ميزانية مقدارها 261 مليار دولار بعد حملة لمكافحة الفساد. 

 

ويعتقد غاردنر أن "التعليم الحديث للجماهير السعودية هو شرط مسبق لإنشاء اقتصاد مبتكر مدفوع بالاستثمار، الذي وضعه ابن سلمان نصب عينيه في رؤيته 2030، التي تهدف إلى تحديد عجلة التنويع في المملكة وإخراجها من مرحلة ما بعد النفط، ونظرا لأن النظام الملكي المطلق ليس لديه خطط لتحرير السياسة فإن النظام التعليمي يحتاج إلى تعبيد الطريق أمام نوع من التشاركية". 

 

ويفيد الكاتب بأن "الحكومة تقوم بإعادة النظر في الأهداف والأجندة التي رأت أنها ليست وافعية، وفي جوهر البرنامج الاقتصادي خطط لعرض أسهم في شركة النفط السعودية (أرامكو)، لكن هل تصل قيمتها لتريليوني دولار أو أكثر؟ إلا أن ما يهم هو مسار الرحلة، وفي الوقت الذي تتغير فيه وتيرة الإصلاح والخطة المالية إلا أن الطريقة لم تتغير، لكن بعض تحركات الأمير تبدو طائشة وجريئة". 

 

وينوه غاردنر إلى أن "عملية اعتقال 11 أميرا ورجل أعمال وعدد من مسؤولي الحكومة السابقين والحاليين بتهم فساد هي خطوة حظيت بشعبية، حيث كشفت وسائل التواصل الاجتماعي إنها تضرب على وتر عميق وحساس من الشعبوية، وبهذا الحس فإن مبادرات الأمير تخلق شرعية بديلة، خاصة بين الشبان الذين يحاول تجسيد طموحاتهم، لكن هذه الخطوات تتسم بنوع من التعمد والعشوائية لتقنع المستثمرين في المستقبل".

 

ويقول الكاتب إن "خطط ابن سلمان لجذب المستثمرين إلى منطقته الحرة، التي ستكلف 500 مليون دولار على البحر الأحمر، ستعتمد على الثقة وحكم القانون، فالقوة المطلقة ستترك الكثير من العيوب، خاصة إن كان حاكم المملكة يسيطر على الأرصدة في أي وقت يريده".

 

ويرى غاردنر أن "خطة مكافحة الفساد كانت مجرد مبرر لتطهير الأمير متعب بن عبدالله، نجل الملك عبدالله الراحل وقائد الحرس الوطني، وأدى ذلك إلى إزالة العقبة الأخيرة أمام ابن سلمان ليعتلي عرش السعودية، بعدما دفع جانبا بابن عمه الأمير محمد بن نايف من ولاية العرش في حزيران/ يونيو".

 

ويستدرك الكاتب بأن "رسالة الإصلاح تأثرت بتقارير حول شراء ابن سلمان يختا بقيمة 500 مليون دولار، ولوحة ليوناردو دافنشي بقيمة 450 مليون دولار، بالإضافة إلى 320 مليونا ثمن أغلى بيت في العالم".

 

ويقول غاردنر: "يبدو الأمير أضعف مما يظهر أنه على المستوى الجيوساسي، فالسعودية تعيش مواجهة منافسة مفتوحة مع إيران، ولا تستطيع السعودية مواجهة مليشيات إيران، التي استغلت أخطاء الغرب في العراق وسوريا ولبنان من أجل السيطرة على مناطق واسعة من الأرض العربية، تمتد من جبال زاغروس إلى البحر المتوسط، وأصبحت إيران جزءا من قوة ثلاثية إقليمية، جنبا إلى روسيا وعضو الناتو تركيا، فيما يتراجع الأمريكيون حلفاء السعودية من المنطقة، وهذا كله بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب النارية والفوضوية".

 

ويذهب الكاتب إلى أن "محمد بن سلمان قد يجبر على تأكيد الهوية الدينية، سواء رضي أم لم يرض، وذلك بعد اعتراف ترامب هذا الشهر بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث يطلق حاكم السعودية على نفسه خادم الحرمين الشريفين بدلا من ملك". 

 

ويختم غاردنر مقاله بالقول إن "ابن سلمان يحمل دما ملكيا، وربما اعتقد أن علاقته مع ترامب وعائلته، خاصة زوج ابنته جارد كوشنر، تضع في يديه (آسات)، وعلى ما يبدو فإنه يحمل (الجوكر)".

التعليقات (0)