سياسة عربية

عائلات يمنية: الفساد يمنع وصول المساعدات الغذائية إلينا

اليمن على شفا الموت
اليمن على شفا الموت
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا تحدث فيه عن تأثير الحرب اليمنية على الأوضاع الإنسانية في البلاد، حيث يعتمد الملايين من الأشخاص على المساعدات الغذائية الخارجية، لكن هذه المساعدات لا تصل لوجهتها المقصودة بسبب الفساد المستفحل داخل اليمن، الذي مزقته الحروب.
 
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من المواطنين اليمنيين يشتكون من عدم وصول المساعدات الغذائية الدولية إليهم، مما يضطرهم لشرائها من المتاجر. ومن بين هؤلاء المواطنين، ذكرت حالة عبد الحميد، الذي يعيش داخل خيمة في مديرية الشمايتين من محافظة تعز، رفقة عائلته التي تضم خمسة أطفال. وقال عبد الحميد إنه يعتمد على أطفاله من أجل تسول الطعام سواء من المنازل أو من المحلات المجاورة.
 
وأورد الموقع أن عبد الحميد يعتبر واحدا من بين 200 ألف مواطن يمني يقطنون في مديرية الشمايتين، مركز عمليات المنظمات غير الحكومية في تعز. وخلال الحرب، فر عبد الحميد إلى هناك ظنا منه أنه سيتمكن من إطعام أفراد عائلته ليفاجأ بأن الواقع مختلف عن تطلعاته، حيث صرح قائلا: "حاولت الحصول على المساعدات من طرف هذه المنظمات، لكنهم رفضوا تقديم المعونة".
 
وأضاف المواطن اليمني أن اللجنة المحلية لبرنامج الأغذية العالمي في مديرية الصافية أخبروه أنهم لا يستطيعون إضافة اسمه للائحة المنتفعين بالمساعدات، في حين يعجز ممثلو اللجنة عن منع ثلاثة رجال مسلحين من أخذ المساعدات بالقوة.
 
وتطرق الموقع إلى الدور الذي لعبه برنامج الغذاء العالمي خلال الحرب التي تدور رحاها في اليمن. في الواقع، تعتبر هذه المجهودات محدودة، إذ يعاني الملايين من الأشخاص من الجوع. 

وحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة، يعاني حوالي 3.3 مليون طفل وامرأة حاملا ومرضعة من سوء التغذية في اليمن، ويشمل ذلك 462 ألف طفل تحت سن الخامسة.
 
وبين الموقع أن برنامج الأغذية العالمي صنف حالة سبع محافظات يمنية ضمن مستوى الطوارئ القريب من المجاعة. وحيال هذا الشأن، أوردت هذه المنظمة أنها قد شاركت في توزيع أكثر من 80 ألف طن من المساعدات الغذائية لأكثر من سبعة ملايين شخص منتشرين على حوالي 30 ألف نقطة توزيع مختلفة. ومع ذلك، يزعم الكثيرون أن الطرق المعتمدة في توزيع المساعدات يشوبها الفساد. نتيجة لذلك، شهدت تعز عدة احتجاجات ضد ما أسماه المتظاهرون بالنظام الفاسد.
 
ونقل الموقع شهادة عبد الحميد الذي أفاد بأن الفساد لا يقتصر فقط على العصابات التي تستولي على المواد الغذائية بالقوة فحسب، بل يحظى اليمنيون الأغنياء الذين يمتلكون علاقات داخل برنامج الأغذية العالمي  بعدة امتيازات. وفي سياق متصل، صرحت فاطمة صالح، أرملة يمنية تعيش رفقة أطفالها الستة في تعز، بأن "برنامج الغذاء العالمي يمنح الأغذية للأغنياء، الذين يقومون ببيعها للمحلات التجارية، في حين يتوجب علينا تسول الطعام من الآخرين".
 
وأورد الموقع وجهة نظر أحد أثرياء اليمن حول موضوع الفساد، ويدعى عماد طه السقاف، مؤسس مركز يمن ميديا جايد، الذي أشار إلى أن المساعدات التي يتلقاها من برنامج الغذاء العالمي تعتبر قانونية تماما، فيتلقى ثلاث رزم بالنيابة عن زوجتيه ووالده. في الأثناء، أكد السقاف أن المساعدات تذهب لمن يطالب بها، ولا تقتصر فقط على المحتاجين.
 
وذكر الموقع أن المساعدات تذهب لغير مستحقيها في بعض الأحيان، حيث تظهر هذه المساعدات على رفوف المتاجر في تعز، وعدة أماكن أخرى. ويعزى ذلك إلى قيام التجار بشراء المساعدات التي تقدم للأغنياء، ثم بيعها لأصحاب المتاجر. في هذا الصدد، أفاد معتصم حيدر، أحد متساكني مدينة تعز، بأنه لا يتحصل على أية مساعدات شهرية، وهو ما يضطره لشراء المواد الغذائية من المتجر، والتي تحمل أحيانا ختم برنامج الغذاء العالمي على الجانب.
 
واستطرد حيدر قائلا إنه سعى جاهدا رفقة العديد من المتضررين إلى إدانة الممارسات غير السليمة للمنظمات غير الحكومية، لعل أبرزها مشاركته رفقة العديد من الأشخاص في الاحتجاجات المطالبة بالحد من تجاوزات هذه المنظمات، بتاريخ 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
 
وتحدث الموقع عن سعي العديد من النشطاء، على غرار ربى حسين، مؤسسة مبادرة "نحن نحبك" المنادية بجمع الأموال من أجل توفير الغذاء للمحتاجين، إلى لفت نظر السلطات إلى التجاوزات التي ترتكبها المنظمات غير الحكومية. ومن جهته، أكد عبد العزيز الشيباني، المشرف على عمليات توزيع إعانات برنامج الغذاء العالمي في مديرية الشمايتين، وقوع عدة تجاوزات في الماضي، مبينا أنهم سيعملون على معالجتها في الأشهر القادمة.
 
ونقل الموقع تصريحا للمتحدث باسم برنامج الغذاء العالمي، الذي أفاد بأن البرنامج يستهدف 6.8 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، لكن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد تردي الأوضاع. وأضاف المتحدث أن السلطات المحلية تلعب دورا كبيرا في هذه الاختلالات، حيث يتم تسجيل أسماء أشخاص في غنى عن المساعدات في قائمة المنتفعين.
 
وفي الختام، يأمل عبد الحميد أن يقوم قادة برنامج الغذاء العالمي باتخاذ نظرة فاحصة على الظروف التي تشوب عملية توزيع المساعدات، وأن ينظروا للعائلات المعوزة بعين الرحمة ويخصصوا لها إعانات شهرية، حتى يتمكن من إرسال أطفاله للمدرسة بدلا من التسول.
التعليقات (0)