صحافة دولية

أفغانستان: مستنقع المنافسة بين حركة طالبان وتنظيم الدولة

المنافسة احتدمت بين عناصر تنظيم الدولة، الفارين من العراق وسوريا، وعناصر حركة طالبان، في الأراضي الأفغانية- أ ف ب
المنافسة احتدمت بين عناصر تنظيم الدولة، الفارين من العراق وسوريا، وعناصر حركة طالبان، في الأراضي الأفغانية- أ ف ب

نشرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الوضع في أفغانستان، الذي يشهد تدهورا على نحو متزايد، خاصة منذ توافد عناصر تنظيم الدولة إلى هذه الأراضي، بعد الإطاحة به في معاقله في العراق وسوريا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المنافسة احتدمت بين عناصر تنظيم الدولة، الفارين من العراق وسوريا، وبين عناصر حركة طالبان، في الأراضي الأفغانية. وخلال الفترة الأخيرة، شن تنظيم الدولة هجمات في هذه البلاد.

وبينت الصحيفة أن عناصر حركة طالبان في أفغانستان استهلوا الربيع الحالي بتنفيذ هجمات كبرى في البلاد، بعد أن قضت أفغانستان شتاء قاسيا نوعا ما. وخلال الأيام العشر الأخيرة، نفذت حركة طابان هجومين قاتلين، خلفا وراءهما عددا هائلا من الضحايا.

 

لكن الجانب الذي يشد الانتباه بشأن هذه الهجمات، التي نفذت على التوالي يومي 20 و27 كانون الثاني/ يناير الحالي، يتمثل في كونها تعد إعلانا عن المنافسة المفتوحة ضد فرع تنظيم الدولة في أفغانستان. وردا على حركة طالبان، شن تنظيم الدولة من جهته هجومين في 24 و29 من الشهر الحالي على التوالي. 

وأضافت الصحيفة أنه بعد هذه الموجة من الهجمات التي تحركها نزعة المنافسة بين هذه التنظيمات، منع البنتاغون نشر بيانات حول عدد المقاطعات الأفغانية التي لا تزال تحت سيطرة حكومة كابول، والأخرى التي تستحوذ عليها حركة طالبان. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نشر مثل هذه المعلومات يعتمد على موافقة المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار)، وتنشر عادة للعموم بعد كل ثلاثة أشهر. علاوة على ذلك، تعد هذه المرة الأولى منذ سنة 2009، التي يصرح خلالها البنتاغون أنه ليس المسؤول عن نشر هذه المعلومات المهمة، التي تعد من مشمولات حلف شمال الأطلسي في البلاد.

وبينت الصحيفة أن هذا التعتيم الإعلامي يحيل إلى أن الأوضاع تدهورت في أفغانستان منذ تاريخ آخر عملية نشر لبيانات سيغار، أي خلال 30 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وفي هذا العدد، تبين أن 231 مقاطعة أفغانية (أي ما يعادل 56.8 بالمئة من أراضيها) تحت سيطرة الحكومة الأفغانية بشكل كامل أو جزئي. في الوقت ذاته، تنامى عدد المناطق التي تسيطر عليها حركة طالبان من 33 إلى 54 منطقة في غضون سنة. أما باقي المناطق، حوالي 100 منطقة، فتعد من الأراضي المتنازع عليها.

وأوضحت الصحيفة أنه وفي ظل هذه الظروف كثف تنظيم الدولة من نشاطه في أفغانستان، خاصة أنه يملك على الأقل معسكر تدريب على هذه الأراضي. وقد عمد تنظيم الدولة إلى تسليط الضوء على وجوده في المنطقة، خاصة عبر الظهور ضمن دعاية حركة طالبان. ومن المرجح أن يساعده هذا الجانب على إبراز عناصره الجديدة والتعريف بهم، والظهور في صورة الجيش المنظم والحديث، الصورة التي كان يدعيها تنظيم الدولة دائما. 

وكشفت الصحيفة أن تنظيم الدولة حاول الانتشار على مستوى عالمي، عبر كسب مجالات ريفية، التي من شأنها أن تضمن له التغلغل في أماكن أخرى، على غرار ما قام به التنظيم في السابق.

 

علاوة على ذلك، اغتنم تنظيم الدولة الانشقاقات في صفوف حركة طالبان، ليتمكن في وقت لاحق من ضم عناصرها إليه وتعزيز صفوفه.

وأضافت الصحيفة أن السفير الأفغاني، حمد الله محب، أكد شخصيا أن "صفوف تنظيم الدولة في أفغانستان تضاعفت خلال الفترة الأخيرة، وكان غالبية المنضمين إليه من الأجانب... من بينهم مقاتلون من العراق وسوريا، ومن باكستان، وآسيا الوسطى، والقوقاز".

وأفادت الصحيفة بأن العديد من الأسئلة لا تزال قائمة حول مصير الإرهابيين، الذين تم الاتفاق سابقا على إجلائهم من الرقة، في سوريا. وحول هذا اللغز، أشار العديد من المراقبين إلى أن هزيمة عناصر تنظيم الدولة في معاقلهم الرئيسية في سوريا والعراق ترتب عنها نزوح هؤلاء المقاتلين إلى أفغانستان. وبدا من الواضح أن هؤلاء المتطرفين لم يعودوا إلى بلدانهم، بل بحثوا عن أماكن أخرى تشهد وضعا متوترا.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن جزءا من هذا السر كُشف عن طريق تحقيق نشرته قناة "بي بي سي" البريطانية. وأوضحت هذه البيانات أن حوالي أربعة آلاف شخص، من مدنيين وإرهابيين، تم إجلاؤهم في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى دير الزور ومناطق أخرى لا تزال تدور فيها معارك. ولا يمكن الجزم بأن جميعهم استقروا فعلا في هذه الأماكن.

التعليقات (0)