كتاب عربي 21

خالتي بتسلم عليكو!

عبد الرحمن يوسف
1300x600
1300x600
"كثير من الذين يتحدثون عن شرعية "مرسي" في وسائل الإعلام ليسو إلا مرتزقة"!

هكذا قال لي عدد ممن يحسبون من قيادات التيار الإسلامي المؤيد لـ"الشرعية".. حينها بادرت محدثي قائلاً: "إذن كفّوا أذاهم عن الناس، فقد طالت ألسنتهم بتخوين كل الشرفاء، وهم يعملون لصالح "سيسي"، عرفوا أو لم يعرفوا، يؤذون كل من يعارض الاستبداد، ويشوهون سمعة المقاومين للانقلاب". وكانت الإجابة حينها: "ليس لنا عليهم من سلطان".. وما زالت الإجابة كذلك حتى وقتنا هذا!

الإجابة ليست مقنعة للكثيرين، فهؤلاء الذين نتحدث عنهم (بعد أن حذرنا منهم مرارا وتكرارا) لهم أسوأ الأثر، وهم يخدمون عدونا خدمة لا تقدر بثمن. فهم أساس من أسس تفريق الصف الثوري، ولهم دورهم في تخدير الجماهير بوعود مستحيلة التحقق.

***

كيف نبدأ قصة الواحد من هؤلاء؟

دائماً نبدأ من نقطتين... الأولى: منصة رابعة، والثانية: قناة الجزيرة أو الجزيرة مباشر مصر.

في تلك الفترة، كان المجال مفتوحاً تماماً لأي شخص (مهما كان تافهاً أو دنيئاً) يريد أن يؤيد "الشرعية"، أو يقول إن ما حدث في الثالث من تموز/ يوليو انقلاب عسكري.

لو أرادت السيدة نادية الجندي نفسها أن تأتي إلى منصة رابعة لتقول: "خالتي بتسلم عليكم وبتقول لكم مرسي راجع"، لهتفت لها الجماهير كما هتفت لأناس هم حثالة الأرض.

***

"منصة رابعة" كانت من أسوأ أحداث ثورة يناير!

كان الخطاب غوغائياً بامتياز، ليس له أي ضوابط سياسية، وليس له علاقة بالواقع المعاش، ولا بما هو ممكن وما هو مستحيل، وبذلك رفعت تلك المنصة آمال الناس إلى عنان السماء، في حين أن الحقائق على الأرض أبعد ما تكون عن تلك الأحلام.

لقد قاد عجائز التيار الإسلامي الجماهير إلى مهلكة، كل ذلك من أجل أوهام في أدمغتهم، ومن أجل أن يستمروا في مواقع قيادية لا يستحقونها، في زمن ليس زمنهم، وفي واقع لا يفهمون ولا يدركون أبعاده.

حين حاول بعض شباب التيار الإسلامي أن يغيروا الخطاب الأهوج الذي تطلقه منصة رابعة ليل نهار؛ باءت كل محاولاتهم بالفشل الذريع، وسبب ذلك أيضاً هم القيادات التي ذكرت، وظل الأمر هكذا... حتى منحت تلك المنصة بخطابها المتطرف ذرائع المجزرة للسفاح، فأطلق الرصاص، وسقط الأبرياء.

***

كثير ممن انضم لرابعة وارتقى منصتها كان يظن أن النصر لهذه الجماهير التي لم تر مصر لها مثيلاً، وبالتالي... كان كثير من هؤلاء يعشم نفسه بأنهار السلطة، ظنا منه أنه يراهن على الحصان الرابح. لقد كانت عملية حسابية قائمة على المصالح، ولم يكن هؤلاء الانتهازيون يدركون أن من يقودون هذه الجماهير لا يملكون الرؤية ولا الجرأة لحسم المعركة.

والحقيقة أن الانتصار كان ممكنا، فقد كانت الدولة المصرية منذ تموز/ يوليو 2013، ولمدة عام كامل، بل أكثر؛ كتفاحة ناضجة تنتظر من يقطفها، ولكن المسؤولين عن اتخاذ القرار في تلك اللحظة كان متوسط أعمارهم قد تجاوز السبعين، وهم يعانون من ضعف النظر (فعلا ومجازا)، ومن أمراض الشيخوخة (الجسمانية والسياسية)، وهذا يمنعهم من رؤية "التفاحة" ومن القدرة على قطفها.

***

بعد مجزرة رابعة جاءت "سبُّوبة" الجزيرة، وقد استغلها من استغلها من هؤلاء المرتزقة (بالطبع لا أتحدث عن جميع ضيوف الجزيرة الكرام، بل عن أناس نعرفهم جميعا)، وبعد ذلك وصلنا لمرحلة اسطنبول، وهكذا حتى أصبحت الحياة مغارم لا مغنم فيها.

مع الوقت بدأت بعض الحقائق تظهر، حقائق حذرنا منها كثيراً، ولكن لا أحد يسمع.

لقد قلنا ألف مرة... المرتزق يقول لك ما تريده، فإذا أردت أن يقول هذا انقلاب عسكري غاشم... سيقول ذلك بكل حماس، وإذا أردت أن يقول الشرعية مع مرسي... أو أن من لا يرى عودة الشرعية هي الحل خائن... أو أن من يعارض مدير قناة الشرق خائن... إلخ، كل ما تريده سيقوله... هكذا هم المرتزقة... وحين ينقلب المرتزق على سيده الذي يطعمه سيذهب إلى كفيل آخر، وسيقول ما يريده هذا الكفيل... ليس في الأمر أي ذكاء.

وليس في الأمر أي مؤامرة، فالموضوع برمته أتفه من أن تشتغل عليه الأجهزة الأمنية. صحيح أنهم سوف يستثمرون بعض هؤلاء المرتزقة الآن، ولكن لا يعني هذا أن الأمر كان مرتبا من البداية.

***

من المسؤول عما يحدث؟

قيادات التيار الإسلامي يقولون "لا دخل لنا"، والحقيقة أن هذا الكلام غير مقنع وغير مقبول.

لقد بنى هؤلاء المرتزقة أنفسهم وأصبحوا "رموزاً" بفضلكم، وبفضل منصاتكم، وتزكيتكم، أو على الأقل بفضل سكوتكم عنهم وسماحكم لهم بالتمدد (رغم التحذيرات المتواصلة).

لقد تركتم الجماهير فريسة لهؤلاء؛ لأنهم يرددون الفكرة الرئيسية التي تعجبكم، ولأنهم ينهشون في خصومكم الذين لا يتفقون معكم في هذه الفكرة، وحين انقلبوا عليكم لم ينقلبوا عليكم وحدكم، بل على مئات الأشخاص، وعلى فكرة نقية تتلوث بمثل هؤلاء المرتزقة.

***

كلمة أخيرة... ما زالت شعارات "الشرعية" تُستغل من بعض أناس تحركهم أجهزة المخابرات، ومن آخرين لا همَّ لهم سوى أرصدتهم في البنوك أو ظهورهم على الشاشات، ومن أناس آخرين مخلصين ولكنهم أجبن من أن يواجهوا الجماهير بالحقيقة.

لذلك يستمر مسلسل الكذب، وتلميع السفهاء والمرتزقة، فيظهرون فوق منصة رابعة... ثم تدور السبُّوبة حتى نرى الواحد منهم يدّعي البطولة في بيت خالته!

موقع الكتروني: www.arahman.net
بريد الكتروني: [email protected]
التعليقات (3)
خالد سعد كرداسة
الثلاثاء، 20-03-2018 07:36 ص
عارف ان البوست دا هايكون صادم للبعض بازعل جدا لما ألاقي حد في مصر ، وخاصة لو من أهالي المعتقلين ، يكون متعشم أو رامي أمل إن فيه حل ما للوضع اللي البلد فيه ممكن ييجي من الموجودين في تركيا .. يا جماعة والله وبقولها بمنتهى الإخلاص والصدق . وأنا واحد من اللي مغتربين في تركيا ؛ " ماتنتظروش أي حاجه من أي تنظيم أو هيئة أو حركة أو شخص أو مجموعة في تركيا " مفيش حد هنا عنده رؤية أو خطط أو أمل أو إراده انه يعمل حاجه تستاهل تتعشموا فيها أو تنتظروها للحلحلة الوضع في مصر . الناس هنا مش متقسمة مجموعات وتنظيمات .. الناس هنا متقسمة طبقات .. كالتالي : - طبقة الكبار والمسئولين والقادة السابقين والحاليين سواء في الاخوان او الاحزاب والتيارات أو غيره ودول "بدون تعميم" مشغولين بتأسيس استثماراتهم الشخصية وشراء العقارات والمزارع والمصانع والسعي للجنسية البديلة وبناء شبكات علاقاتهم الشخصية . وبالنسبالهم الثورة قضية انسانية تثير الشفقة من بعيد . - طبقة المنتفعين والمستفيدين ودول شخصيات اعلامية أو سياسية أو تنظيمية بعضها شهيرة او غير شهيرة . بتحاول تكون من الطبقة الأولى . ومشغولين لتحقيق دا من خلال - تملق وخدمة الطبقة الأولى - بناء مجد شخصي وزيادة مساحة أدوارهم بالمزايدة في قضايا الثورة مثلا أو الإخوان أو تقمص أدوار بطولية - بناء أكبر رصيد من الفلوس . وبالنسبالهم الثورة سبوبة والوضع الحالي فرصة . مهما قالوا عكس دا وتباكوا على الثورة وماضيها ومظالمها . الطبقة الثالثة والاكبر عددا ودول المسحوقين . المهاجرين جبرا . اللي بيدوروا على أكل عيشهم لمحاولة النجاه من موعد استحقاق ايجار السكن آخر الشهر . غالبيتهم شباب كان ثوري في مصر وعليه أحكام وقضايا لكنهم فقدوا الأمل واتقطع نفسهم وفقدوا كل شئ في رحلتهم من الثورة للانقلاب للهجرة . دفعوا دم قلبهم واتبهدلوا على ما وصلوا تركيا واتداس عليهم بالجزم في تركيا لحد ما جابوا لمس أكتاف ومبقاش الواحد منهم قادر يرفع راسه ونفسهم في اليوم اللي تقوم الثورة تاني في مصر يمكن يقدروا يرجعوا ويستعيدوا روحهم اللي سابوها في رابعه والتحرير .. وبعضهم شيوخ او كبار مخلصين وطيبين غلابه . مكانوش منتفعين في دايرة البزنس ولا القياده ولا السياسة واتفاجأوا انهم في العمر دا مضطرين يهربوا ويشتغلوا أي حاجه عشان يعيشوا . أو ينتظروا دعم من جهة ما يساعدهم على العيش . وطبعا الدعم بيستلزم السكوت ... والطبقة التالته دي كلها مافيش في أيدها اللي يغير حالها . وبالتالي مفيش حاجه يقدروا يعملوها للي في مصر . اللي كتبته دا مش تعميم له استثناءات فردية .. ماتغيرش من النتيحة . وبناء عليه : فيقيني الشخصي إن الأمل الوحيد بعد الله تعالى موجود في ركن ما في مصر .. في الداخل .. هايظهر لما ينضج ويتم استدعاؤه. وربنا يتولانا #خالتى_بتسلم_عليك
احلام كسار
الإثنين، 19-03-2018 11:50 ص
واخيرا ياشاعر بقيت البحصه التي تقف في الزور .. كما يقول اللبنانيون.. وكنت شجاعا.. وظعت النقاط على الحروف.. وسميت الاشياء بئسمائها دون مواربه.. ولاظحك على الذقون.. احيك لشجاعتك وشكرا.
مصري جدا
الإثنين، 19-03-2018 12:36 ص
نحن الان بين مطرقة نظام انقلابي قاتل وسندان معارضة فاشلة تجاوزها الزمن ،،، واقصد المعارضة بكافة تيارتها الاسلامية والمدنية