حقوق وحريات

مصر بلا طوارئ.. سقط سهوا أم عائق دستوري أم صحوة حقوقية متأخرة

كان آخر قرار لتمديد العمل بقانون الطوارئ في مصر قبل 3 أشهر في كانون الثاني/يناير الماضي
كان آخر قرار لتمديد العمل بقانون الطوارئ في مصر قبل 3 أشهر في كانون الثاني/يناير الماضي

انتهت ظهر الخميس، حالة الطوارئ بمصر، وتعيش البلاد الجمعة أول يوم لها منذ عام دون تنفيذ بنود وأحكام قانون الطوارئ، عندما فرض قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي حالة الطوارئ بالبلاد في نيسان/أبريل 2017، إثر حادثتي تفجير طالتا كنيستين بمدينتي الإسكندرية وطنطا.

وكان آخر قرار لتمديد العمل بقانون الطوارئ في مصر قبل 3 أشهر في كانون الثاني/يناير الماضي.

"محمودة وتظل نظرية"

وفي سؤاله حول دلالة عدم تجديد السيسي للعمل بقانون الطوارئ؟ وهل تعد انفراجة متوقعة بالحريات؟ أم تهدئة أمام الرأي العام المصري والعالمي بهذا الملف؟ قال المحامي المصري عاطف عواد، إن "رفع حالة الطوارئ خطوة محمودة، لكنها تظل نظرية حتى تتحول لإجراءات عملية بتعامل السلطة التنفيذية مع الناس".

النائب السابق بمجلس الشورى، أكد لـ"عربي21"، أنه "غالبا ما تتغول السلطة التنفيذية على حقوق الأفراد"، موضحا أن "هذا التغول لا يقابله محاسبة على هذا التجاوز"، مضيفا: "لكنها بالنهاية خطوة محمودة لا يجب أن نتغافل عنها أو نتسرع في الإفراط بالتفاؤل حولها".

وأشار عواد، إلى أنه "يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر حتى نرى تطبيقا على أرض الواقع للقانون واحترام أحكامه وعدم التغول على الشعب"، متمنيا أن يرى الشعب مقولة (مصر تسع الجميع) واقعا على الأرض لإنهاء حالة الانقسام المجتمعي والإقصاء".

"لم يعد بحاجة له"

وأعرب الحقوقي المصري، علاء عبدالمنصف، عن أمله أن تنتهي حالة الطوارئ ويكون الخميس، آخر أيامها، مشيرا إلى أن "الأمر بمصر أصبح لا يحتاج لقانون الطوارئ بالأعمال كافة، التي تتم أو معظمها خارج إطار القانون والدستور والمواثيق الدولية"، مضيفا أن "حاجة النظام للطوارئ لم تعد ذات قيمة".

عبدالمنصف، أكد لـ"عربي21"، أن "النظام يستطيع أن يسوق انتهاكاته وجرائمه بشكل لا يسمح له بالخضوع للمراقبة والمحاكمة والمحاسبة، مع الادعاء على وسائل الإعلام أن مصر تحارب الإرهاب وأنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبالتالي فإن الإجراءات كافة التي تتم تتخطى فكرة قانون الطوارئ"، مبينا أن "النظام لم يعد بحاجة للطوارئ لتخرج بعدها المنظمات الحقوقية، لتقول إن هذه الإجراءات غير صحيحة"، متوقعا أن "يكون ذلك سبب عدم تمديد الطوارئ".

ورجح رئيس المنظمة السويسرية لحقوق الإنسان، أن يكون السبب الآخر هو أن "النظام تعلم من فرض حالة الطوارئ الأخيرة حيث لم يجددها، ولكنه أنشأ حالة جديدة متجاوزا بذلك الانتقادات التي تقول إن تجديد الطوارئ يكون لمرة واحدة وفقا للدستور مع استفتاء شعبي"، معتبرا "إنشاء حالة طوارئ برقم تشريعي جديد، تحايلا من النظام يسمح له بتجديدها بشكل قانوني".

وقال عبدالمنصف، إن هناك عوارا دستوريا تشريعيا بالنص الذي يتيح إنشاء قرارات بقوانين حالات طوارئ"، موضحا أن "نص الدستور معيب فيما يتعلق  بالتضييق على تجديد الطوارئ، أما ما يتعلق بإنشاء حالة جديدة برقم وقانون جديد لم يتناوله الدستور أساسا"، مرجحا أن يصدر النظام حالة طوارئ جديدة قريبا.

"سقط سهوا"

من جانبه رفض المنسق العام للتجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام، محمد سعد خيرالله، اعتبار نهاية حالة الطوارئ وعدم تجديدها انفراجة بملف الحريات، ولا تهدئة أمام الرأي العام المصري والعالمي، وقال: "ليس هذا ولا ذاك".

خيرالله، أوضح رؤيته لـ"عربي21"، وقال "أولا: السيسي لا يضع الرأي العام الداخلي أصلا بالحسبان"، مضيفا "وثانيا: فإن السيسي أصبح أيضا غير مهتم بما يقال بالخارج عن النظام بالإحصائيات التي تهتم وتبرز مقاييس الديمقراطية والشفافية".

وأكد السياسي المصري، أن "النظام وصل لمرحلة كما لو كان يتفاخر بأنه حوّل دولة ذات 100مليون إنسان لـ(جمهورية الصمت)، ويستعيض عن ذلك بشراء الصمت الدولي"، مشيرا إلى ما يعلن عنه من وقت لآخر من تنازل وبيع وتفريط (معاهدات دولية وقرارات تنازل عن أراض)، بجانب الاستدانة بفوائد هائلة، وشراء أسلحة راكدة، بمعنى أن أي دولة تتحدث عما يحدث بمصر داخليا يمكن إسكاتها ببعض ما سبق".

وخلص خيرالله بقوله إن "الموضوع لا يتعدي بأي حال أن الأمر (سقط سهوا)"، مضيفا "وقد حدث ذلك من قبل"، متوقعا "أن يتم التجديد الأسبوع القادم"، نافيا الحديث عن تهدئة بالمجال الحقوقي، ومشيرا لإحالة المستشار هشام جنينة القاضي السابق والرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، وأحد أهم الرموز المدنية في مصر لمحاكمة عسكرية".

 

اقرأ أيضا: انتهاكات ومخالفات قانونية في "إحالة جنينة للقضاء العسكري"

وقال: "إذن لو كان الأمر كذلك لأحال جنينة، للقضاء المدني المثبت والمفضوح عالميا بأنه مسيس أيضا، ولكنه إمعانا في إيصال الرسالة بـ(جمهورية الصمت)، تم الإحالة العسكرية التي ستحكم بحكم لن يقل عن ثلاث سنوات".

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال الحقوقي جمال عيد، انتهت حالة الطوارئ، مضيفا عبر "فيسبوك"مصر دون طوارئ لأول مرة من سنة، مضيفا: "هذا لو أن هناك احتراما للقانون والدستور".

وتساءل نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية مجدي حمدان، عبر ""تويتر" قائلا: "بالمخالفة للدستور؛ هل سيمدد السيسي الطوارئ للمرة الرابعة، منتهكا الدستور الذي سيقسم على احترامة بعد أيام؟ وهل سيرتضي أعضاء برلمان (موافقون) أن يتمادوا في انتهاك الدستور الذي أقسموا عليه".

التعليقات (0)