كتاب عربي 21

كارثة تذاكر مترو الأنفاق

آيات عـرابي
1300x600
1300x600


أربعة ملايين يستقلون مترو الأنفاق يومياً أي ما يقارب خمس عدد سكان القاهرة الكبرى. أي أن مترو الأنفاق هو الشريان الذي يغذي العاصمة اقتصادياً. ويبدو أن الانقلاب قد حسب توقيت زيادة سعر تذكرة المترو بدقة، حيث جاءت الزيادة مساء يوم الخميس الذي يليه الجمعة وهو يوم إجازة وبهذا يمتصون جزءاً من ردود الأفعال الغاضبة التي قد يثيرها القرار إضافة إلى أن إقرار هذه الزيادات جاء قبل أيام من بدء شهر رمضان، حيث تتكفل دوامة الإعداد لرمضان بامتصاص جزء آخر من ردود الأفعال وما يتبقى من ردود أفعال غاضبة لن يكون مقلقاً للانقلاب ويمكنه التعامل معه عن طريق الإعلام بتصدير صورة كاذبة لحالة سكون في الشارع تجاه القرار. بالإضافة إلى الخطط الإعلامية المعتادة التي تعود العسكر على التعامل بها مع الشعب مثل الإلهاء بفضيحة ما أو بتصريح كوميدي ما تتجه إليه الأنظار ليمتص ما بقي من ردود أفعال ساخطة وبهذا يكون الانقلاب قد استطاع تمرير قرار كهذا عن طريق حسن اختيار التوقيت. 

وتأتي خطورة القرار في أنه يضرب الشريحة المتوسطة من السكان ويغير تصنيفهم من طبقة متوسطة إلى طبقة فقيرة بضغطة زر، وتصور موظفاً صغيراً يتلقى راتباً متوسطاً سيحتاج بعد تطبيق هذه الزيادة إلى أن يقتطع من راتبه حوالي 400 جنيه شهرياً لإنفاقها كمصروفات تنقل فقط. الكارثة هي أن هذا وغيره سيضغطون إنفاقهم في مصارف أخرى ليعوضوا هذه المصروفات. ثم ستتبع ذلك بكل تأكيد زيادات أخرى في أسعار المواصلات غير الرسمية التي يستعملها الشعب في مصر والتي قد يفكر البعض في استخدامها كملاذ من ارتفاع أسعار المترو، وهو وضع سينتج زيادات أخرى في أسعار الخدمات والسلع المرتبطة بأسعار المواصلات وهكذا يجد الموظف نفسه في مواجهة زيادات يومية لا يمكن لموازنته المحدودة في أغلب الأحوال أن تتحملها. 


نحن نتحدث هنا عن تأثير سيطول أربعة ملايين يمثلون عدداً مساوياً من الأسر أو أقل قليلاً بل وحتى لو افترضنا جدلاً أن الأربعة ملايين الذين يستقلون مترو الأنفاق يومياً يمثلون مليونين فقط من الأسر، وأن الأسرة على أقل تقدير تتكون من ثلاثة أو أربعة أشخاص, فالأمر يتعلق هنا بإفقار فوري لشريحة سكانية يبلغ تعدادها من 6 ملايين إلى 8 ملايين نسمة من سكان العاصمة. 

الخبراء الاقتصاديون المحايدون بطبيعة الحال أقدر على وضع تصورات لنتائج الزيادة, لكن بوسعنا أن نتصور. العاصمة مقبلة على حالة من تردي الأوضاع الاقتصادية وموجة غلاء مسعورة تلطم شريحة بالملايين. ثم بعد هذا تبدأ التأثيرات الاجتماعية لهذا التردي. تأثيرات هبوط من موقعهم الاقتصادي الحالي إلى موقع اقتصادي أكثر انخفاضاً. وهي تأثيرات تحتاج إلى عدد من علماء الاجتماع لرصدها وتحليلها. 

الملفت في الأمر ليس فقط النتائج المرعبة للزيادة، بل إن سلطات الانقلاب تعمدت أن يتم الأمر كله في توقيت محسوب لتخفيف ردود الأفعال، وهو ما يعني أن الانقلاب رغم انه آمن بنسبة كبيرة من ردود الأفعال الشعبية نتيجة لركود الحراك تماماً منذ فترة ليست بالقصيرة إلا أنه ما يزال يخشى عواقب قرارات كهذه. 

ومن المثير للفضول أن نعرف لماذا خفتت أصوات البعض بل واختفت تماما في كارثة كهذه. أولئك الذين كانوا يسخرون من انخفاض سعر كيلو المانجو في عهد الرئيس مرسي ولا يعتبرونه نجاحاً ولا مؤشراً على أي شيء، فأين هم الآن من زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق والإلقاء بكل هذه الملايين إلى المجهول بجرة قلم ؟

التعليقات (1)
مصري جدا
السبت، 12-05-2018 02:46 م
الشعوب التي لا تحركها عقولها وقلوبها ،، وتحركها بطونها ،، شعوب لا تصنع ثورات ،، وان تحركت صنعت الفوضى ،، وسرعان ما تسكتها العصا والكرباج