مقالات مختارة

هتلر زمانه وخصومه يلعبون بالسلام العالمي

ياسر محجوب الحسين
1300x600
1300x600

لم يكن من المتوقع بأي حال من الأحوال أن تنزع القمة الملغاة بين واشنطن وبيونغ يانغ فتيل الأزمة بين البلدين النوويين بشكل نهائي وفوري، لكنها كانت من المؤمل أن تجنب العالم ولو لبعض الوقت الكارثة التي قد تنتج عن فعل أرعن من كلا رئيسي البلدين دونالد ترامب وكيم جونغ أون. بيد أن رعونة الرئيس ترامب كانت سباقة وألغى الخميس الماضي القمة التي كان مقررا لها في سنغافورة يوم 12 يونيو القادم.  


ترامب أو هتلر العصر أقدم بدم بارد خلال الأشهر القليلة الماضية باتخاذ أخطر ثلاثة قرارات، أي واحد كفيل بتهديد السلام والأمن الدوليين، ورغم المزاعم بوجود أمن وسلام دوليين، إلا أن الأمر بالقياس النسبي صحيح إذا ما تخيلنا احتمالية اندلاع حرب عالمية لواحة للبشر لا تبقي ولا تذر. بجرة قلم ورغم أنف القرارات الدولية بشأن فلسطين، قرر نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة منهيا أي بارقة أمل بإرساء سلام نسبي في فلسطين المحتلة. كذلك وبجرة قلم وصلف وعتجهية ألغى ترامب الاتفاق النووي مع إيران وها هو يلغي اجتماعا مع كوريا الشمالية كانت قد أعدت له وسائل الاعلام العالمية عدتها لتغطيته، باعتباره حدثا فريدا يأتي في ظل صراع مرير وحرب باردة بين البلدين تقف على حافة حرب نووية.   


كان أدولف هتلر قائد الحزب النازي الألماني، عنجهيا يتصرف بصلف فأدت سياسته الفاشية لبدء الحرب العالمية الثانية ومقتل ما لا يقل عن 11 مليون فرد. وحكم هتلر ألمانيا من خلال منصب مستشار الدولة ما بين عامي 1933 إلى 1945 لكنه في نهاية الأمر حصد نتاج تهوره، وأقدم هتلر على الانتحار هو وزوجته إيفا برون في مخبئه ببرلين في العام 1945 عندما أصبحت هزيمته محتومة.
القمة الموؤودة كانت ستتناول إزالة الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية. المدهش أن ترامب نفسه قال بعد قراره إن العالم خسر فرصة للسلام الدائم. وبالرجوع للسبب يتضح إلى أي مدى أن السلام في العالم واقع رهينة لعبث زعماء يتشاكسون بطريقة طفولية.  


يقول ترامب موجها كلامه لغريمه الكوري كيم: "إنك تتحدث عن قدراتكم النووية، لكن قدراتنا أضخم وأقوى". وأضاف أن الجيش الأمريكي مستعد إذا تطلب الأمر للرد على أي مجازفة من كوريا الشمالية. وغضب ترامب من تصريحات لكوريا الشمالية تشكك في احتمال عقد القمة. وزاد نائب ترامب مايك بنس الطين بلة حين اتهم كيم جونغ أون أن بخداع ترامب. وقال إن كوريا الشمالية "قد تنتهي نهاية ليبيا". وردت بيونغ يانغ بوصف تصريحات بنس بالحمقاء.


المشكلة أن ترامب يتأبط عقلية موغلة في المادية ويخلط السياسة خلطا مفزعا بمياكنزم السوق، ولا يأخذ في اعتباره أن غيره قد لا يلقي بالا لعقوباته وتهديداته الاقتصادية، إذ تتأبط أولئك أيدولوجيا لا تعبأ بما يعبأ به ترامب. ففي شأن الاتفاق النووي يرفع ترامب عصا العقوبات الاقتصادية على طهران آملا في أن تستجيب طهران وتزعن لشروطه، بينما إيران دولة تعلي من شأن أيدولوجيتها ولا تبيعها بدراهم معدودة.


وفي شأن كوريا الشمالية يراهن ترامب على الضائقة الاقتصادية التي تمر بها والتي يظن أنها بسببها لا محالة مذعنة لشروطه وصلفه. ولذا يرفع ترامب حينا الجزرة في وجه بيونغ يانغ ويقول إن الصين وكوريا الجنوبية واليابان مستعدون لمساعدة كوريا الشمالية اقتصاديا، لتكون بلدا غنيا، وأن واشنطن مستعدة كذلك لدعم بيونغ يانغ، كما فعلت مع كوريا الجنوبية من قبل، لكي تكون بلدا غنيا. بيد أن بيونع يانغ دولة تمسك الأيدولوجيا بتلابيبها ولن تثنيها ضائقتها الاقتصادية عن تحدي واشنطن، ولن يتوانى كيم في ضغط الزر النووي إذا ما بلغ صراعه مع ترامب حد الغليان.

 

الشرق القطرية
0
التعليقات (0)