كتاب عربي 21

أفكار إسلامية لمواجهة الضغوط المتزايدة: محور تركي إيراني عربي

قاسم قصير
1300x600
1300x600

تراقب الأوساط الإسلامية في بيروت سلسلة التطورات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية التي تستهدف بعض دول المنطقة والقوى المقاومة؛ بغرض فرض خريطة سياسية جديدة في الإقليم، والتحضير لإعلان ما يسمى "صفقة القرن" بشأن القضية الفلسطينية، وإعادة ترتيب الأوضاع في سوريا، وفقا لبعض الحسابات الدولية ودون الأخذ بالاعتبار دور القوى الإقليمية والمقاومة.

وتتوقف هذه الأوساط أمام جملة تطورات خطيرة ومنها: استمرار الضغوط الاقتصادية والمالية على تركيا وإيران وقوى المقاومة وبعض الدول غير الموافقة على "صفقة القرن"، وتزايد الدور الروسي في سوريا على الصعيد الميداني؛ والتخوف من أن يكون على حساب الدور الإيراني وحزب الله، والضغوط المتزايدة على قوى المقاومة في فلسطين، ولا سيما في قطاع غزة؛ ردا على مسيرات العودة، وازدياد الحملات على القوى والحركات الإسلامية في كل دول المنطقة، وصولا لاستئصال دور هذه القوى أو تحجيمها إلى الحد الأدنى بكل الوسائل والأساليب، وعودة تفعيل دور تنظيم داعش في بعض المناطق العراقية والسورية، والضغوط الإسرائيلية من أجل فرض معادلات جديدة في سوريا عامة، وفي الجنوب خاصة، والتطورات المتسارعة في العراق بهدف رسم خريطة سياسية جديدة.

 

طرح عدد من القياديين الإسلاميين المخضرمين خلال لقاء جمع ممثلين عن الاحزاب والحركات الإسلامية في بيروت؛ رؤية إسلامية شاملة لمواجهة هذه التحديات، ومن أجل التصدي للخطط التي تهدف لرسم خريطة جديدة في المنطقة

وعلى ضوء هذه المعطيات والمخاوف من أن تكون الخرائط والخطط الجديدة التي ترسم للمنطقة تستهدف دور القوى والحركات الإسلامية والقوى المقاومة والدول الراعية لهذه القوى، ولا سيما تركيا وإيران، طرح عدد من القياديين الإسلاميين المخضرمين خلال لقاء جمع ممثلين عن الأحزاب والحركات الإسلامية في بيروت؛ رؤية إسلامية شاملة لمواجهة هذه التحديات، ومن أجل التصدي للخطط التي تهدف لرسم خريطة جديدة في المنطقة. وتتلخص هذه الرؤية بالأفكار التالية: العمل من أجل تفعيل المحور التركي - الإيراني - العربي المقاوم والمعارض لصفقة القرن، وإجراء مراجعة شاملة من قبل الحركات والأحزاب الإسلامية للمرحلة الماضية، والبحث عن كيفية معالجة آثار الصراعات والخلافات التي برزت؛ بسبب الأوضاع في العراق أو سوريا أو بعض دول المنطقة، والتعاون من أجل منع رسم مستقبل سوريا بعيدا عن دور القوى المقاومة والإسلامية، وإعاد تفعيل التواصل بين هذه الاطراف بدعم تركي - إيراني؛ كي يكون أي حل سياسي في سوريا بما يحفظ مصالح الجميع، ويؤكد وحدة سوريا، ويساهم في بناء نظام سياسي جديد يحقق المشاركة الواسعة ويحمي دور سوريا المقاوم. كما تتضمن الرؤية التعاون الاقتصادي والمالي على المستوى الإقليمي لمواجهة الضغوط الإقليمية والدولية، وإقامة منطقة اقتصادية حرة بين كل دول المشرق، مع الانفتاح على دول المغرب العربي، التعاون مع الجهات الدولية والإقليمية للرد على العقوبات الأمريكية أو الخطط الهادفة لضرب اقتصادات دول هذا المحور، إلى جانب البحث في إمكانية إيجاد تواصل مع الدول الأوروبية المعترضة على السياسات الأمريكية، وإعادة تفعيل اللقاءات والاجتماعات بين الحركات والأحزاب الإسلامية والقوى القومية المعارضة لصفقة القرن والخطط الأمريكية في المنطقة، وتعزيز الدور الشعبي وتفعيل الإجراءات الاقتصادية البديلة ردا على الضغوط الاقتصادية.

 

تتلخص هذه الرؤية بالعمل من أجل تفعيل المحور التركي - الإيراني - العربي المقاوم والمعارض لصفقة القرن


ومن أجل تفعيل التواصل بين القوى والحركات الإسلامية والقوى المقاومة في هذه المرحلة، تمت الاستفادة من مناسبة يوم القدس العالمي وإحياء الجمعة الأخيرة من شهر رمضان؛ من خلال إحياء سلسلة الأنشطة الداعمة للقدس والشعب الفلسطيني في العديد من دول المنطقة.

وأقيمت في بيروت وغزة وعواصم عربية وإسلامية؛ سلسلة لقاءات وندوات وأنشطة، بمشاركة معظم القوى المقاومة وحضور إيراني بارز، وتم خلال هذه الأنشطة التأكيد على دور القوى المقاومة، وكيفية الرد العملي على صفقة القن وتهويد القدس ومخططات التطبيع مع الكيان الصهيوني. ورغم إدراك بعض القيادات الإسلامية لوجود تباينات بين الموقف التركي والإيراني في بعض الملفات، وكذلك بعض التباينات في وجهة النظر بين محور المقاومة وروسيا في مقاربة الأوضاع في سوريا والمنطقة، فقد جرى التأكيد على ضرورة العمل لتعزيز التواصل التركي - الإيراني - العربي، واستيعاب الإشكالات مع روسيا، وإعادة تفعيل العلاقة بين إيران وروسيا والصين، وهذا ما برز في اجتماع منظمة شنغهاي، كما أن هناك سلسلة إجراءات بدأت تتخذ في إيران وتركيا للرد على الضغوط الاقتصادية.

 

إمكانيات وقدرات وفرص كبيرة يمكن الاستفادة منها لمواجهة هذه الضغوط، وأن الأوضاع في هذه المرحلة لن تكون أصعب مما كانت عليه في حزيران/ يونيو 1982

وتعتبر القيادات الإسلامية في بيروت أنه رغم حجم الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة في المنطقة على القوى الإسلامية ومحور المقاومة، فإن هناك إمكانيات وقدرات وفرص كبيرة يمكن الاستفادة منها لمواجهة هذه الضغوط، وأن الأوضاع في هذه المرحلة لن تكون أصعب مما كانت عليه في حزيران/ يونيو 1982، خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، وأن قوى المقاومة آنذاك، وبدعم سوري - إيراني، ومن خلال التعاون بين كل القوى الإسلامية والقومية والوطنية، حوّلت الهزيمة إلى نصر كبير، وتغيرت كل الأوضاع في المنطقة والعالم.

التعليقات (0)