كتاب عربي 21

فائض الكهرباء المصرية مُخطط أم عشوائي ؟

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
ظلت مشكلة عجز قدرات توليد الكهرباء بمصر عن الوفاء باحتياجات الإستهلاك المحلي من الكهرباء مستمرة منذ عام 2008 ، وتم استثمارها بعام تولى الرئيس مرسى من قبل معارضيه ، لكن المشكلة زادت حدتها العام أوائل فترة تولي الجيش السلطة بيوليو 2013 .

مما دفع الجمهور للتساؤل عن الفرق بين فترة مرسي وما بعده ، ومع زيادة العجز بالقدرات الإنتاجية للكهرباء ، تحرك النظام بخطة عاجلة بيونيو 2014 لإقامة محطات توليد بعضها متنقلة ، لتوفير 3636 ميجا وات تم إنجازها خلال ثمانية أشهر ونصف، لتكون البلاد جاهزة لإستقبال صيف 2015 حيث يزيد الإستهلاك صيفا .

ونظرا لتسبب مشكلة نقص الكهرباء بتعطل المصانع والمستشفيات والأعمال التجارية والورش والإستخدامات المنزلية ، فقد تحرك النظام بخلاف الخطة العاجلة بأكثر من إتجاه، حيث قام بسبتمبر 2014 بالإعلان عن مشروع لإقامة محطات إنتاج للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تحت مسمى تعريفة التغذية بتحديد سعر شراء الكهرباء من المشروعات المنتجة لها.

وتم عمل برنامج للصيانة الكاملة لمحطات الإنتاج لضمان الحفاظ على قدراتها الإنتاجية بالصيف، وإجراء حملة قومية لإستبدال لمبات الإنارة العادية بالمنازل والمصالح الحكومية والشوارع بأخرى موفرة للطاقة، واستكمال محطات التوليد التى بدأ العمل بها قبل 2014 ولم تستكمل. وقامت برفع كفاءة الإنتاج بمحطات أخرى تعمل بالدورة البسيطة لتحويلها لتعمل بالدورة المركبة .

تأجيل الخطة الخمسية للإنتاج

وبمؤتمر الإستثمار بشرم الشيخ مارس 2015 جرى توقيع 23 مذكرة تفاهم وإتفاقات ، لمشروعات لإنتاج الكهرباء بقدرات تتعدى 43 ألف ميجاوات ، منها 22 ألف ميجاوات من الطاقة التقليدية و11 الف من الطاقة المتجددة من الشمس والرياح وعشرة آلاف ميجا وات من محطات الدورة المركبة ، وكان الإتفاق مع شركة سيمنس الألمانية أحد تلك الإتفاقات لإنشاء ثلاث محطات لإنتاج أكثر من 14 ألف ميجا وات .

وبالفعل نجحت القدرات التى تم إضافتها بالخطة العاجلة فى عدم تخفيف الأحمال بسبب القدرات الإنتاجية منذ يونيو 2015 ، ومع اقتراب قدرات توليد الكهرباء من 39 ألف ميجا وات بيونيو 2016 ، وجدت الوزارة أن لديها فائضا كبيرا بالإنتاج مما دفعها للإعلان عن تأجيل الخطة الخمسية لإنتاج الكهرباء ما بين عامي 2017 وحتى 2022 من الطاقة التقليدية عدا الفحم .

 كما تباطأت فى الإعلان عن الشركات الفائزة بمشروعات المرحلة الأولى لتعريفة التغذية للطاقة المتجددة ، مما دفع كثير من الشركات للإنسحاب من المشروع ، ورغم الفائض بالإنتاج عن الإستهلاك لم تطلب الوزارة من شركة سيمنس الإبطاء فى تنفيذ محطاتها، نظرا لأنها تمت بالأمر المباشر من قبل الجنرال المصري وللحفاظ على العلاقة مع ألمانيا .

ووجدت الوزارة نفسها فى ورطة حيث ركزت بالفترة السابقة على محطات إنتاج الكهرباء ، ونسيت أن شبكة نقل تلك الكهرباء المنتجة لشركات التوزيع ، قدرتها الإسمية 32 ألف ميجا وات فقط ، أي أنها لا تستوعب الكميات الزائدة من الإنتاج . مما تسبب بإستمرار إنقطاع الكهرباء بالعديد من المناطق بأنحاء البلاد ، وعندما تقول الوزارة أنه لا يوجد إنقطاع بسبب قدرات التوليد ، فإن المستهلك يعنيه أن هناك تكرارا لإنقطاع الكهرباء ولا يهمه إن كان بسبب التوليد أو شبكة النقل.

نسيان شبكة النقل والتوزيع

وهنا اتجهت الوزارة لتطوير شبكات النقل والتوزيع بتكلفة 38 مليار جنيه، اقترضتها من البنوك المحلية لكن تنفيذ ذلك التطوير يستغرق ثلاث سنوات ، مما يعنى إستمرار انقطاع الكهرباء بتلك الفترة رغم الفائض بالإنتاج عن الإستهلاك . 

وفى ضوء إفتتاح محطات شركة سيمنس الثلاثة مؤخرا، بلغت القدرات الإنتاجية للكهرباء التى تم إضافتها منذ يونيو 2014 أكثر من 25 ألف ميجا وات ، موزعة ما بين : 3636 ميجا وات للخطة العاجلة ، و5550 ميجا  للمحطات التى تم إستكمالها و1840 ميجا وات لتحويل المحطات الغازية لدورة مركبة ، و14 ألف و400 ميجاوات لمحطات سيمنس ، لتصل القدرات الإنتاجية لحوالى 58 ألف ميجا وات . بينما كم الإستهلاك يصل الى 24 ألف ميجا وات شتاء ، ويزيد الى 30 ألف ميجا وات صيفا ، وأقصى حمل صيفا بلغ 32 ألف ميجا وات ، وفى  23 يوليو الماضى حين بلغت درجة الحرارة 40 درجة ، كان أقصى حمل للشبكة 29 ألف و900 ميجا وات ، أى أن هناك طاقات فائضة حالية حوالى 18 ألف ميجا وات ، ممولة بقروض ذات فوائد وهى القروض التى بلغت 280 مليار جنيه للشركة القابضة للكهرباء بنهاية يونيو من العام الماضي .

الأمر الذى دفع الوزارة لإيقاف 34 وحدة لإنتاج الكهرباء على مستوى الجمهورية أواخر فبراير الماضى ، منها جميع الوحدات المتنقلة العشرين بالخطة العاجلة ، ولا تستطيع الوزارة وقف إنتاج المحطات القديمة حتى لا يصيبها الصدأ ولهذا تلجأ لخفض إنتاجها.

وزاد مأزق الوزارة حينما تبين أن كمية الكهرباء المباعة بالعام المالى 2016/2017 ، قد إنخفصت بنسبة 3 % عما كانت عليه بالعام المالى الأسبق ، وشمل الإنخفاض الإستهلاك المنزلى بسبب زيادة أسعار الكهرباء ، والقطاع الزراعى والمرافق والإنارة العامة والمحلات التجارية والمبيعات لدول الربط .
0
التعليقات (0)

خبر عاجل