سياسة عربية

أزمة تضرب السياحة الدينية بالعراق بعد العقوبات على إيران

انخفضت الرحلات الجوية بين العراق وإيران إلى 12 رحلة يوميا بعدما كانت 34 رحلة- جيتي
انخفضت الرحلات الجوية بين العراق وإيران إلى 12 رحلة يوميا بعدما كانت 34 رحلة- جيتي

تعيش مدينة النجف جنوب بغداد، أزمة اقتصادية حادة بعد فرض العقوبات الأمريكية على طهران ما أدى إلى تراجع أعداد الزوار الإيرانيين وتحول فنادقها إلى مبان خاوية وركود محالها التجارية.


والمدينة التي تحتضن مرقد الإمام علي بن أبي طالب (أول الأئمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية) وترتفع فوقه منارة ذهبية وتحيطه جدران مزينة بالأحجار والآيات القرآنية، إحدى أبرز العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم.


ويتوافد إلى النجف كل عام، نحو مليون ونصف المليون زائر، باستثناء المشاركين في الزيارة الأربعينية التي تعد أكبر تجمع شيعي يشارك فيه الملايين.


وأكد صائب أبو غنيم رئيس هيئة اتحاد فنادق النجف، أن "أكثر من 85 بالمئة من الزوار يصلون من إيران".
وتتوزع في شوارع النجف (150 كلم جنوبي بغداد)، علامات لإرشاد المارة باللغة الفارسية وهي متداولة بشكل واسع بين السكان حتى بين النساء.


لكن أعداد الزوار مرشحة للانخفاض إلى حد كبير هذا العام لأن سعر صرف الريال الإيراني سجل هبوطا لأكثر من ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.


"الريال فقد قيمته"


تمكن فرزاد رضا الذي يضع حول عنقه شريطا بألوان العلم الإيراني لمكتب سفريات إيراني، من دفع ثمن رحلته الى النجف، مرجحا أن يكون عدم توافد الإيرانيين إلى العراق "بسبب فقدان الريال قيمته".


وأعادت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فرض عقوبات قاسية على اقتصاد الجمهورية الإسلامية المتدهور أصلا. وتدهورت قيمة الريال حاليا إلى 120 ألفا مقابل الدولار في سوق صرف العملات.


ويتطلب الدخول إلى العراق الحصول على تأشيرة يدفع ثمنها بالعملة الصعبة. 


ويقول مقدباند مهربان، احد الزوار الإيرانيين القلائل الذين وصلوا النجف إنه دفع مبلغ 40 دولارا كما هو حال آخرين من أبناء جلدته للحصول على تأشيرة لدخول العراق.


وأضاف أبو مهدي أن "سوق العملات متقلب ولا يوجد دعم حكومي، لذا، (أصبح) عدد الزوار الإيرانيين أقل".


وتقتصر السياحة في العراق على المجال الديني وتتمركز بصورة رئيسية في النجف وكربلاء، إضافة إلى مدن أخرى تضم مراقد شيعية مثل سامراء، شمال بغداد.


قطاع حيوي


من المتوقع أن يؤدي وقف رحلات الزوار الإيرانيين إلى المراقد الشيعية في العراق، إلى تداعيات وخيمة على قطاع واسع يعمل فيه نحو 544 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وفقا لاحصائيات عام 2017.


ويشكل مبلغ خمسة مليارات دولار من عائدات السياحة الدينية نسبة 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وفقا للمجلس العالمي للسياحة والسفر.


وبدا التأثير واضحا، مع البدء بتنفيذ العقوبات، على مدينة النجف التي تستعد لاستقبال زوار لأحياء مناسبات دينية خلال آب/ أغسطس الحالي. 


ويؤكد أبو غنيم "إلغاء العديد من حجوزات الفنادق، وحدوث انخفاض كبير في عدد الزوار"، مشيرا إلى عدم توفر إحصاءات دقيقة عن شاغلي الفنادق البالغ عددها 285 في النجف.


وفي مطار النجف، حيث كانت هناك 35 رحلة جوية يوميا بين البلدين الجارين، لم تغادر اليوم سوى 12 رحلة فقط تقل زوارا عراقيين متوجهين إلى مراقد شيعية في إيران، وفقا لمسؤولين في هذا المرفق.


ولمواجهة الأزمة، "قامت بعض الفنادق بخفض الأسعار بنسبة 50 بالمئة أحيانا"، بحسب يوسف أبو طابوق، صاحب فندق "البلد الأمين" في النجف.


وأضاف أبو طابوق (85 عاما) أن العروض لم تغير شيئا، مؤكدا أن "السوق في حالة انهيار" من دون الزوار الإيرانيين.


وتعد إيران ثاني بلد بعد تركيا من حيث حجم التبادلات التجارية مع العراق، وبلغت خلال العام الماضي نحو 6.7 مليار دولار، وفقا لمصدر رسمي في وزارة التجارة.

التعليقات (0)