ملفات وتقارير

المعتقلون يعانون في السجون المصرية.. ولا أحد يصدّق الداخلية

الداخلية تقول إن السجون تتوافق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان وأن السجناء ينعمون برعاية فائقة- جيتي
الداخلية تقول إن السجون تتوافق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان وأن السجناء ينعمون برعاية فائقة- جيتي

يكرر المسؤولون في وزارة الداخلية المصرية، في كثير من المناسبات، أن أوضاع السجون ومقرات الاحتجاز، التي تقدر بالمئات، جيدة وتتوافق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان، وأن المحبوسين فيها ينعمون برعاية فائقة.

لكن حقوقيين وسياسيين، بعضهم تعرضوا للاعتقال وعايشوا تجارب قاسية داخل السجون المصرية، يؤكدون أن تصريحات مسؤولي الداخلية حول أوضاع السجون عارية تماما من الصحة، وهو ما تؤكده أيضا شهادات سجناء سابقين، تحدثوا لـ "عربي21".

وكان مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، اللواء زكريا الغمري، قد أعلن أن أوضاع السجون في مصر أفضل من نظيرتها في أمريكا، وأن بعض نزلاء السجون يحصلون على رواتب شهرية مجزية تصل إلى 6 آلاف جنيه.

وأضاف الغمري، خلال ندوة بمركز بحوث الشرطة بالقاهرة الأربعاء الماضي،أن السجون يوجد بها مستشفيات متطورة لعلاج السجناء، وأنه يتم إطعام السجناء البط والحمام، مطالبا المصريين بعدم تصديق دعاوى انتهاك حقوق الإنسان في مصر.

أوضاع مزرية


وتؤكد تقارير منظمات حقوقية، محلية ودولية، أن السجون المصرية تشهد أوضاعا مزرية، وأن نزلاءها يعانون من الإهمال الطبي وسوء المعاملة والتعذيب والمنع من الزيارة والتريض.

وفي هذا السياق، أوضح مركز الشهاب لحقوق الإنسان، في تقرير أصدره في تشرين الأول /أكتوبر الماضي، رصد 149 انتهاكا متنوعا للمحبوسين والمحتجزين داخل السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة خلال الربع الثالث من عام 2018، كان نتيجتها وفاة 6 معتقلين، مؤكدا رصد 35 استغاثة لمرضى داخل السجون يحتاجون لتدخل عاجل لإنقاذ حياتهم، و29 استغاثة أخرى من محبوسين يتعرضون لانتهاكات شديدة.

وفي تموز /يوليو الماضي أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، تقريرا رصدت فيه مقتل 717 شخصا داخل مقار الاحتجاز المختلفة منذ منتصف عام 2013، جراء التعذيب والإهمال الطبي والتكدس.

تكذيب وسخرية

وأثارت تصريحات مساعد وزير الداخلية موجة من السخرية بين نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، حيث قال أستاذ العلوم السياسية سيف الدين عبدالفتاح فقال "نسيوا يقولوا إن العالم كله بيتسابق على دخول السجون المصرية"، فيما قال مصري: "كده الأطباء هيطلبوا مساواة رواتبهم بالمساجين".

وتهكم "هشام قائلا: "المساجين عندنا كأنهم شغالين في الخليج، يا هناهم يا سعدهم"، فرد عليه سليم قائلا: "أنا اروح اتسجن كام سنة وأكون نفسي".

 

اقرأ أيضا: هكذا رد معتقلون على تصريح "سجون مصر أفضل من أمريكا"

وردا على هذه السخرية والتشكيك، أصدرت وزارة الداخلية بيانا الخميس الماضي قالت فيه إن وسائل الإعلام تداولت كلمة مساعد الوزير دون تدقيق الأمر الذي أثار حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل، موضحة أن الرواتب التي يتقاضاها بعض السجناء بسبب عملهم في مشروعات داخل السجون ترتبط بحجم الإنتاج ولا تعتبر دخلا ثابتا، وأن الوجبات الغذائية التي تقدم للسجناء فيتم تحديدها حسب المتاح لكل سجن".

وتعليقا على هذه التصريحات قال المحامي الحقوقي أحمد أبو الخير إن الأوضاع المأساوية التي يعاني منها السجناء والمعتقلين سواءً السياسيين أو الجنائيين لا تخفى على أحد، مؤكدا أن الرأي العام المصرى لا يأخذ هذه التصريحات على محمل الجد.


وأضاف أبو الخير لـ "عربي21" أن سوء المعاملة والابتزاز والحرمان من الزيارة والتكدس الشديد والإهمال الطبي أصبحت سمات أساسية للسجون المصرية، مؤكدا أنه في ظل هذه الأوضاع المزرية يضطر كثير من السجناء وذويهم إلى دفع أموال للحراس مقابل الحصول على بعض حقوقهم البسيطة مثل إدخال الملابس الشتوية أو القليل من الطعام في الزيارات.

شهادات صادمة


وأدلى العديد من المواطنين، الذين عايشوا بأنفسهم الأوضاع السيئة داخل السجون ومقرات الاحتجاز المصرية، بشهادات لـ "عربي21" مناقضة تماما لتصريحات مساعد وزير الداخلية.

وفي هذا السياق قالت "أم زياد" إن ابنها الطالب في كلية الهندسة قضى عامين من السجن الاحتياطي في سجن مزرعة طرة في أوضاع مزرية، وأنه تعرض عند ترحيله للسجن للضرب والتعذيب فيما يعرف باسم "التشريفة".

وأضافت أم زياد، لـ "عربي21" إن طعام السجن أو "الأكل الميري" كما يسميه السجناء لا يمكن تناوله على الإطلاق بسبب رداءته، مؤكدة أن السجناء يعيشون إما على الطعام الذي يأتيهم من أقاربهم في الزيارات ويتقاسمونه فيما بينهم، وإما على الطعام الجاف الذي يباع في "كانتين" السجن بأسعار مضاعفة.

أما ليلى الفيومي، زوجة أستاذ جامعي معتقل في سجن وادي النطرون، فقالت إن المعاملة السيئة داخل السجون لا تتوقف على المعتقلين فقط، بل تمتد إلى أقاربهم الذين يأتون لزيارتهم حيث يتعرضون لاعتداءات لفظية وبدنية على أيدي الجنود داخل أماكن الزيارة.

وأوضحت الفيومي، لـ "عربي21" أنها تعرضت للكثير من السباب والإهانة، فضلا عن انتظارها مدة طويلة قد تصل إلى 7 ساعات من أجل رؤية زوجها لمدة 15 دقيقة فقط، مؤكدة أنه تم اعتقال أقارب بعض السجناء عندما اعترضوا على هذه المعاملة السيئة، وتم تلفيق قضية لهم بتهمة الاعتداء على رجال الشرطة.

وتابعت: "لم أتمكن من إدخال الطعام أو الملابس الشتوية لزوجي إلا بعد دفع رشاوي للحراس المسؤولين عن تفتيش الطعام، موضحة أن من لا يدفع رشاوى يرفض دخول أكله تماما، وإما يتم العبث به وإفساده بحجة تفتيشه للتأكد من عدم وجود ممنوعات مخبأة داخله.

 

اقرأ أيضا: داخلية مصر تثير سخرية عارمة بحديثها عن راتب السجين

وأخيرا قال كرم المرشدي، معتقل سابق، إنه أُعتقل عام 2016 وقضى أربعة أشهر بأحد أقسام الشرطة بمحافظة الجيزة وسط السجناء الجنائيين وتعرض هناك لمعاملة غير آدمية.

وروى المرشدي لـ "عربي21" أن الزحام داخل الحبس كان شديدا ولا توجد دورة مياه في الحجز، مضيفا أنه قضى أول يومين واقفا على قدميه بسبب التكدس الشديد، وبعدها اضطر إلى دفع إتاوة للبلطجي المسيطر على الزنزانة حتى يوفر له مكانا للجلوس والنوم محشورا بين عشرات المحبوسين الآخرين.

التعليقات (0)