بورتريه

"الرجل الصامت" ومعتقل "ريتز" وزيرا لخارجية السعودية (بورتريه)

بورتريه ابراهيم العساف
بورتريه ابراهيم العساف

الحارس المالي لأسرار أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، الرجل الصامت، أو رجل الظل أو البعيد عن الإعلام.

وزير مالية لنحو عشرين عاما، عاصر خلالها ثلاثة ملوك للمملكة العربية السعودية منذ تعيينه في عام 1996 بأمر من الملك الراحل فهد بن عبد العزير، واستمر في منصبة في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وعامين من عهد الملك سلمان بن عبد العزيز.

ولا ينتمي إلى العائلة المالكة، وليس من رجال الأعمال المعروفين، ويعد شخصية بيروقراطية ومن التكنوقراط.

تعرض للاعتقال العام الماضي من لجنة مكافحة الفساد التي شكلها الملك سلمان بن عبدالعزيز برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ليعود إلى الظهور أوائل العام الجاري في جلسة لمجلس الوزراء، وقالت وسائل إعلام سعودية وقتها إن العساف أثبت براءته من تهم الفساد الموجهة إليه.

 

اقرأ أيضا: إبراهيم العساف إلى الخارجية السعودية


إبراهيم العساف، وزير الخارجية، خلفا لعادل الجبير الذى تولى منصب وزير دولة للشؤون الخارجية، والمولود في عام 1949 في عيون الجواء بمنطقة القصيم، حاصل على دكتوراه في الاقتصاد من جامعة "ولاية كولورادو" فى الولايات المتحدة الامريكية 1981، وماجستير فى الاقتصاد من جامعة "دنفر" في الولايات المتحدة 1971 ، وسبق له أن حصل على بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة "الملك سعود" عام 1968.

بدأ حياته العملية رئيسا لقسم العلوم الإدارية في "كلية الملك عبد العزيز الحربية" ومعيدا في ذات الكلية بين عامي 1971 و1982.

تولى بعدها منصب عميد مجلس إدارة "مجموعة البنك الدولي" وشغل مستشارا في "الصندوق السعودي للتنمية" ونائب محافظ "مؤسسة النقد العربي السعودي" ومديرا تنفيذيا مناوبا للسعودية في "صندوق النقد الدولي" من عام 1986 وحتى عام 1989.

واصل العساف تسلمه المناصب المالية في المؤسسات الدولية، فأصبح مديرا تنفيذيا في مجلس إدارة "مجموعة البنك الدولي" للمملكة العربية السعودية بين عامي 1989 و1995.

وترأس "صندوق الاستثمارات العامة" و"صندوق التقاعد" و"الصندوق السعودي للتنمية" و"صندوق التنمية العقارية." وأصبح فيما بعد عضوا في مجلس إدارة شركة "النفط الوطنية العملاقة" (آرامكو).

المناصب السابقة أهلته في عام 1996 لتسلم منصب وزير المالية، وبقي في منصبه إلى أن أعفي منه في عام 2016، حيث نقل إلى منصب وزير الدولة، وتعيين محمد الجدعان خلفا له بعد إعفائه من رئاسة هيئة السوق المالية.

 

اقرأ أيضا: هكذا علق وزير الخارجية السعودي الجديد على قضية خاشقجي


إقالة العساف من منصب وزير المالية جاءت بعد سلسلة تصريحات مالية متناقضة بشأن أداء الفريق الاقتصادي في السعودية، من ضمنها ما قاله وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي محمد التويجري، إن السعودية كانت ستتعرض لإفلاس، وهو تصريح كان التويجري قد اعتذر عن استخدامه كلمة "الإفلاس"، وقال إنها كانت زلة لسان، وسوء استخدام في التعبير، ولكنه اعترف بأن الأوضاع المالية في المملكة تعاني من صعوبات كبيرة.

لم يبق هذا التصريح من دون رد، فسرعان ما خرج وزير المالية في تلك الفترة إبراهيم العساف، وقال إن الوضع المالي للسعودية لا يزال قويا، والحكومة تواجه التحديات الاقتصادية والمالية سواءً داخل البلاد أو خارجها، ومركزها المالي والنقدي قوي وأن الإجراءات الحكومية المتخذة ستخفف الضغط على الموازنة والنمو الاقتصادي، مضيفا أن النظام المصرفي قوي وذو مؤشرات سلامة متينة" على حد وصفه.

العساف أقدم الوزراء في مجلس الوزراء السعودي، وصاحب السياسات المالية المحافظة، التي ساهمت  في خلق احتياطيات نقدية ساعدت في استقرار الأوضاع الاقتصادية في السعودية في أوقات ارتفاع أسعار النفط.

فأكبر دولة مصدرة للنفط في العالم عانت من تراجع حاد في إيراداتها المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط، وبسبب هذا اتخذت السعودية في الأشهر الماضية سلسلة إجراءات لمواجهة تراجع الإيرادات النفطية، شملت رفع أسعار مواد أساسية وإجراءات تقشف وخفض رواتب وسحب من الاحتياطيات الأجنبية التي تراجعت من 732 مليار دولار نهاية عام 2014 إلى 562 مليارا نهاية آب/ أغسطس الماضي، واقتراض 17.5 مليار دولار عبر سندات طرحت للمرة الأولى في الأسواق الدولية.

ونجح العساف وزيرا للمالية في تلافي العديد من الأزمات المالية التي عصفت بالعالم، بدءا من أزمة النمور الآسيوية في أواخر التسعينيات، والأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، وفي كل مرة كان الاقتصاد السعودي يبحر بحذر وسط العواصف.

ونجح في توفير أكثر من 820 مليار دولار مستفيدا من القفزات الجنونية لأسعار النفط التي استقرت فوق 100 دولار لأكثر من ثلاث سنوات، وكانت هذه الإيرادات المنقذ للبلد الأكبر إنتاجاً للنفط بعد أن انهارت أسعار النفط أكثر من 60 في المئة.

وبعد هبوط الأسعار وتبني الأمير محمد بن سلمان خطة لإصلاح الاقتصاد وتنويعه، تطلب ضخ دماء جديدة ذات خبرات واسعة يناسبون الرؤية الجديدة والزمن الجديد الذي تراهن عليه السعودية، زمن ما بعد النفط، عين رئيس هيئة السوق المالية محمد الجدعان مكان العساف في وزارة المالية.

بقي العساف في الظل بعد إبعاده عن "المالية"، لكنه عاد مجددا إلى الأضواء في عام 2017 حين احتجز في فندق "ريتز كارلتون"، وسط الرياض، أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، بتهمة تلقيه رشاوى وأموالا مقابل منح مناقصات في قضية توسعة الحرم المكي، بالإضافة إلى قضايا فساد مالي أخرى، لكن السلطات في الوقت ذاته لم تقم بإعفائه من منصبه وزيرا للدولة ساعة اعتقاله.

وقالت وسائل إعلام مقربة من الحكومة السعودية في حينه، إن جهات التحقيق اكتشفت عدم صحة جميع البلاغات التي وردت خلال فترة عمله السابق كوزير للمالية، وعلى ضوء ذلك قررت السماح له بمغادرة الفندق والعودة إلى عمله وزيرا للدولة.

 

اقرأ أيضا: تغريدات لـ"مجتهد" عن ابن سلمان والأمير أحمد والعساف

وكانت لجنة التحقيقات السعودية أكدت حينها أنه كان يمتلك طائرة خاصة ويختان ورصيد بمليارات الريالات وتمت مصادرتهم.

الآن يعود العساف من جديد على رأس الدبلوماسية السعودية التي تعاني من أزمات خانقة، في ملفات عدة من بينها الحرب في اليمن والحصار على قطر، وقضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والعلاقة المتوترة مع عدة جهات في الولايات المتحدة الأمريكية، من بينها مجلس النواب والصحافة الأمريكية.

سيكون الرجل الهادىء والمحافظ والموالي أمام بحيرة آسنة من المشاكل التي تحتاج إلى آليات ضخمة لتحريكها.

التعليقات (0)