مقالات مختارة

الدستور المصري.. وحكاية «موت الحمار»!

أحمد حسن الشرقاوي
1300x600
1300x600

منذ اللحظة الأولى لتلاوة بيان الانقلاب العسكري مساء يوم 3 يوليو 2013، كنت ضيفاً على برنامج حواري على تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي»، وسألوني عن رأيي في البيان، فقلت إنه البيان الأول لانقلاب عسكري مكتمل الأركان، وبحكم التعريف عندما يتلو وزير الدفاع البيان، فإنه يكون العقل المدبر لما يحدث، وعندما يتم تعطيل الدستور وينتشر الجيش في الشوارع، ويتم تقييد حركة الرئيس المنتخب.

طبعاً البرنامج الذي كان يُبث على الهواء مباشرة، تم وقفه بفاصل قصير، وتم استبدالي -دون غيري من المشاركين في الحوار- بزميل آخر هو عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية.

المهم، أن كثيرين -وأنا منهم- أدركنا منذ اللحظات الأولى ، أن البلاد وقعت مجدداً في قبضة استبداد عسكري شرس، لذلك رفضنا دستور العسكر 2014، وطالبنا بمقاطعته.

وتنصّ المادة 226 من هذا الدستور على، أن مدة الرئاسة 4 سنوات، ولمدتين متتاليتين فقط، ويسعى برلمان العسكر حالياً لتغيير تلك المادة لتصير 6 سنوات ولمدتين متتاليتين أيضاً، ومن خلال هذا التغيير يستطيع الرئيس أن يستمر في السلطة بعد انتهاء فترته الحالية في 2022، لمدة 12 عاماً أخرى تنتهي في العام 2034!! وبعدها كما يقول المصريون: «يحلّها الحلال»، وهو ما يذكّرني بمثل شعبي شهير في التراث الشعبي المصري يقول: «موت يا حمار»!!

وقصة المثل باختصار، هي أن ملكاً في زمن المماليك بمصر راودته فكرة غريبة وعجيبة، وهي أنه يريد لحماره أن يتعلم القراءة والكتابة، وأعلن عن مكافأة مالية كبيرة لمن يستطيع تحقيق هذا الهدف، تقدم أحدهم وطلب مهلة شهر واحد، وبعد انتهاء الشهر وفشله في المهمة قتله الملك بقطع رقبته بالسيف، وتكرر الأمر مع شخص ثانٍ وثالث وعاشر، مما اضطر الملك لمضاعفة الجائزة، وهو ما أغرى جحا المصري المعروف بنوادره لتنفيذ «خطة جهنمية».

ذهب جحا إلى الملك، وقال إنه سوف يعلم الحمار القراءة والكتابة، بل إنه سيدربه على بروتوكول القصر، واستقبال الضيوف، والجلوس على موائد الطعام الملكية، ولكن بشرط أن يمهله الملك 10 أعوام لتنفيذ المهمة، وبعد أن وافق الملك رجع جحا إلى زوجته مسروراً فرحاً بصفقته الرابحة مع الملك، فسألته الزوجة عن سر فرحه وابتهاجه، وهو يعرّض نفسه لقطع رقبته بالسيف!!

نظر جحا إلى زوجته باستغراب، وقال لها: لقد ضمنت معاشاً دائماً من الملك، إضافة إلى نفقات طعام وإيواء الحمار لمدة 10 سنوات وبعدها «إما أن يموت الحمار» وهذا هو الحل الأمثل للمعضلة، أو أن يموت الملك، أو أن جحا نفسه يكون قد مات!!

ومع مرور السنوات، دون أن يتحقق أي من الرهانات الثلاثة لجحا، وفي العامين الأخيرين من المهلة، أصيب جحا بالجنون، وكانت أمنيته أن يستيقظ من نومه ليجد الحمار قد مات، فكان أول شيء يفعله كلما دخل داره أن يذهب لحظيرة الحمار، وعندما يجده حياً، تنتابه نوبة من نوبات الجنون، ويصيح بأعلى صوته: «موت يا حمار»!!

لا يمكن للمصريين أن يفعلوا كما فعل جحا مع الحمار، تعديل الدستور المصري سيؤسّس لحكم جمهوري مطلق الصلاحيات للسيسي، وربما لأبنائه أيضاً!

عن صحيفة العرب القطرية

1
التعليقات (1)
الصعيدي المصري
الثلاثاء، 12-02-2019 06:55 م
للأسف .. لم تكن وحدها البي بي سي وغيرها من الاذاعات والقنوات العالمية من تجاهلت عن عمد .. الى حد التواطؤ .. الاحداث الحقيقية للنقلاب العسكري الدموي وما نتج عنه من محارق ومجازر في مصر رغم انه وخلال الفترة من ثورة يناير 2011 وحتى الانقلاب العسكري في منتصف عام 2013 .. كانت معظم برامج القناة تركز ونفصل وتعيد في الشأن المصري .. ومزاج مناويء ومضاد لمنتجات الثورة خاصى فيما تعلق بانتخاب الرئيس المدني د.محمد مرسي انا واحد من هؤلاء الذين شهدوا كيف صالت وجالت مقدمة احد البرامج السياسية .. رشا قنديل .. عن فشل الرئيس مرسي وترديد ما كان يأني من اباطيل واضاليل في اعلام الثورة المضادة .. وكيف انهم كانو يستضيفون الاغلبية العظمى من الصحفيين والباحثين من الجانب المضاد .. المدهش ورغم ما تزعم البي بي سي واخواتها من حيادية فإن القناة لزمت صمت القبور الا سطورا على استحياء عن مجازر الانقلاب بل واستضافة من يبررها ويقلل من سوداويتها .. مستخدمين ذات التعبيرات مثل مكافحة الارهاب والعنف وغيره من المفاهيم المطاطية .. واصمين من فازوا بانتخابات حرة ونزيهة كأعداء لشعب انتخبهم ولم تبدأ البي بي سي في استعادة القليل من نقدها للحكم السلطوي الدموي في مصر الا بعد ان دارت الدائرة لتلمس ضحايا من ذوي التوجهات غير الاسلامية .. لتكون حلقات كاملة عن يساريين وليبراليين تم اعتقالهم او مطاردتهم متناسين عشرات الالاف ممن تم تصفيتهم واعتقالهم من فريق الشرعية المناويؤ لانقلاب يونيو 2013