ملفات وتقارير

قوى الثورة المضادة هل تراجعت سطوتها بالفعل؟

محللون: مؤشرات كثيرة على انحسار الثورة المضادة- تويتر
محللون: مؤشرات كثيرة على انحسار الثورة المضادة- تويتر

اضطلعت قوى الثورة المضادة بدور كبير في مواجهة الموجة الأولى من انتفاضات الربيع العربي، التي أسفرت عن إرباك تلك الانتفاضات في بعض الدول، وإجهاضها في دول أخرى، بحسب مراقبين.

وبعد مرور سنوات على انخراط تلك القوى في مواجهة الانتفاضات العربية، رأى محللون أن فاعلية قوى الثورة المضادة تراجعت بشكل كبير، ما أدّى إلى تقلص نفوذها، وضعف سطوتها؛ بسبب انشغالها بمشاكل داخلية كثيرة، وتورطها في أزمات خارجية.

ووفق الدكتور أحمد البرصان، فإن "الدول التي تبنت الثورة المضادة، وبالتحديد بعض الدول الخليجية، هي بالفعل تعاني من مشاكل داخلية، وفي الوقت نفسه متورطة في حروب إقليمية وضعتها في موقف حرج جدا، تحاول جاهدة العمل على تحسين صورتها بعد ما أصابها جراء ذلك".

 

"حركة الشعوب مستمرة"

وأضاف لـ"عربي21" أن "قوى الثورة المضادة في تراجع كبير"، وتوقع أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الأردنية "حدوث تغيرات في المنطقة، على وقع ما يجري في أمريكا من إجراءات لعزل الرئيس ترامب؛ لأنه إذا ما نجح الديمقراطيون في عزله، وتولوا الحكم في أمريكا، فهم سيتبنون -على الأرجح- سياسات ضد قوى الثورة المضادة".

وتابع: "ولئن تمكنت قوى الثورة المضادة من إرباك وإفشال انتفاضات الربيع العربي في موجتها الأولى، فثمة مؤشرات على أن الموجات القادمة، وهو ما نشهد تجلياته الآن في السودان والجزائر وربما في العراق، ستكون أكثر وعيا وقدرة على مواجهة ألاعيب الساسة والعسكر".

ولاحظ البرصان أن "القوى الثورية المتحركة في الانتفاضات العربية خارجة عن الأطر الحزبية التقليدية، التي استهلكت تماما، وبالتالي لم تعد الجماهير تثق بها كثيرا"، مدللا على ذلك بفوز قيس سعيّد في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في تونس، وتراجع حضور الأحزاب الكبيرة.

وتعليقا على ما يقال من أن الشعوب العربية عاجزة عن القيام بثورات ومواصلة الطريق إلى نهايته، أشار البرصان إلى أن "حركة الشعوب مستمرة، والمنطقة تسير باتجاه التغيير، ومن المتوقع أن يحدث ربيع عربي في السنوات القادمة أكثر وعيا من سابقه، حيث ستظهر قيادات ثورية جديدة خارج الأطر التقليدية تقود الحراكات الجديدة بوعي وذكاء وحنكة".

 

"القوى القديمة لم تتراجع"

من جهته، رأى العضو السابق في هيئة الحقيقة والكرامة في تونس، مصطفى البعزاوي، أن "القوى القديمة لم تتراجع، بل تعيد تشكيل نفسها من خلال الصفوف الثانية والثالثة، والأقل كفاءة، في مقابل قيادات قديمة للقوى التي تصنف نفسها على أنها قوى ثورية".

وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أما القوى الجديدة، فبدل أن تتصدر القيادة لبناء المجتمع، أصبحت هي المحاصرة باعتبار أن الخطاب السائد يعتمد على التسويق للحرية والديمقراطية والانتخابات، وهذا يتعارض مع طبيعة هذه القيادات التاريخية، التي تعدّ الآن أكثر القيادات السياسية عمرا"، على حد قوله.

وتابع: "وبدأت هذه الحركات تتعرض لحراك داخلي، وتململ ورغبة قواعدها في التغيير، وفي تحميل هذه القيادات مسؤولية الفشل في إنجاز شيء طيلة السنوات الثماني الماضية".

وأردف: "يضاف إلى ذلك فقدان المصداقية عند عامة الشعوب التي وقفت على عجز هذا -القديم الجديد- عن الإضافة الحقيقية، ومواجهة التحديات التي تكبر يوما بعد يوم، وحتى البلدان التي لجأ فيها هذا الجديد إلى العنف والسلاح، لم يقدر على المحافظة على التشكيل أو التنظيم أو القيادة التي بدأ بها".

ووصف البعزاوي "الثورات العربية الآن بأنها في منطقة (البين بين)، وقد أهدرت المدة الماضية في بلورة مشروع يجمع حوله الناس؛ لأنها غرقت في غواية السلطة والحكم، وهي تتعرض الآن لتآكل داخلي، وضغط خارجي سيفقدها الهوية التي عرفها الناس بها".

وبحسب البعزاوي، فإن الدول العربية التي شهدت ما اصطلح على تسميته بالثورة "هربت من بين أيدي أهلها، وأصبحت عرضة للصراع السياسي، بين خليط القديم وخليط الجديد، مع غياب مشروع واضح حول تصور بناء المجتمع الذي يحقق أهداف الثورة التي كانت شعاراتها سياسية بإسقاط النظام، واجتماعية بمواجهة معضلة البطالة، وتدهور الخدمات، ومكافحة الفساد، واسترداد الكرامة الوطنية".

 

"الحلول الأمنية"

بدروه، قال الكاتب والمحلل السياسي المصري، محمد حامد: "قد تكون قوى الثورة المضادة نجحت في سحق الثورات، لكنها فشلت في بناء نظام سياسي حقيقي، يتحمل مسؤولياته في إدارة شؤون الدولة، وخدمة المواطنين، وإعطاء الشعوب ما تطالب به".

ولفت حامد إلى أن "قوى الثورة المضادة فشلت حتى في إيجاد بديل مقبول للأنظمة التي كانت تحكم قبل قيام الثورات، أو على الأقل المحافظة على مسار تلك الأنظمة بإرثها التاريخي المعروف".

وأرجع حامد في رده على سؤال "عربي21" حول أسباب فشل الثورة المضادة إلى "أنها لا تعرف سبيلا لمعالجة المشاكل إلا عبر الحلول الأمنية، وهو ما أوصلها إلى فشل ذريع في إدارة الدول، وكذلك فشل ذريع في إقناع الناس بأنها قادرة على تقديم الخدمات المطلوبة لهم، وهو ما يواجه بانتقادات واسعة، وتململ كبير".

وختم حامد بالتأكيد على أن "الثورة المضادة فشلت في تحقيق الإصلاح، وفشلت في التحكم بالأمور، وفشلت في بناء نظام سياسي قوي، بل على العكس من ذلك كونت أنظمة هشة، وأغرقت البلاد في العديد من الأزمات الخانقة بعد توليها السلطة والحكم".

 

اقرأ أيضا: هيرست: السيسي أعاد الظروف التي تسببت بالربيع العربي

التعليقات (0)