حقوق وحريات

لماذا يعزل نظام السيسي معتقلي سجن العقرب عن العالم الخارجي

حقوقي: غياب الرقابة والمحاسبة من الجهات القضائية، كانت عاملا حاسما في زيادة الانتهاكات داخل السجون المصرية
حقوقي: غياب الرقابة والمحاسبة من الجهات القضائية، كانت عاملا حاسما في زيادة الانتهاكات داخل السجون المصرية
كشفت رسائل مسربة من معتقلين بسجن العقرب عن كارثة حقيقية يعيشها المعتقلون المصريون بالسجن، نتيجة عزلهم بشكل كامل عن العالم الخارجي لأكثر من عامين، وغلق الكانتين بشكل كامل منذ مظاهرات 20 أيلول/ سبتمبر 2019، وتقليص الكميات المقررة في التعيين الميري، بالإضافة لسحب البطاطين والملابس الشتوية منهم مع دخول فصل الشتاء.

وتزامنت الرسائل المسربة مع حملة دشنها حقوقيون وأهالي معتقلين بالعقرب، تحت عنوان "معركة البطاطين"، أطلقوا من خلالها جرس إنذار عن خطورة الوضع الصحي والإنساني الذي يعيش فيه المعتقلون، مع بداية فصل الشتاء.

وأكد مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، الإعلامي هيثم أبو خليل، أن السبب في إطلاقه الحملة ما نقله المحامون عن وضع شقيقه الأكبر عمرو أبو خليل، المسجون بالعقرب منذ أحداث 20 أيلول/ سبتمبر الماضي، وظروف حبسه غير الآدمية، رغم حالته الصحية التي تحتاج لرعاية خاصة.

وحسب ما كتبه أبو خليل، عبر صفحته على فيسبوك، فإن السجن يقوم بصرف وجبتين في اليوم لكل معتقل، عبارة عن رغيف خبز ناشف، وقطعة جبن لا تزيد عن 50 غراما، في الوجبة الأولى، ورغيف خبز ناشف وما يقرب من 100 غرام خضار السبانخ في الوجبة الثانية، ويتم استبدال الجبن والسبانخ بقطعة حلوى وشربة العدس في بعض الأيام.


وحذر أبو خليل، من عمليات القتل البطيء، والعزل الكامل لمعتقلي العقرب، حيث لا تفتح عليهم الزنازين إلا كل 15 يوما أو 45 يوما لمن لديه جلسة تجديد في النيابة أو المحكمة، بينما المحكوم عليهم، لا يخرجون إطلاقا من الزنازين منذ أحداث 20 أيلول/ سبتمبر.

العقرب من الداخل

ووفق الإعلامي مسعد البربري، فإن سجن العقرب مبني بنظام يختلف عن باقي السجون، موضحا أنه سُجِنَ بالعقرب على فترات قبل إطلاق سراحه في 2017، كما سجن خلال نفس الفترة بسجون وادي النطرون والاستقبال، مشيرا إلى أن طريقة بناء العقرب هي عقاب في حد ذاته لكل المعتقلين.

ويؤكد البربري لـ "عربي21" أن السجن مدرج تحت تصنيف السجون شديدة الحراسة، وبحكم مكانه، فإنه معزول من كافة الجهات، ويحيطه ثلاثة أسوار، الأول من السلك الشائك داخل محيط السجن، ويفصل كل عنبر عن الآخر، ثم سور آخر من الخرسانة ويبلغ طوله حوالي 6 أمتار، وبه نقاط مراقبة كل 50 مترا، ويفصل سجن العقرب عن باقي السجون داخل المجمع، ثم سور السجن العمومي، الذي يبلغ ارتفاعه 8 أمتار تقريبا، ويفصل المجمع عن المباني المجاورة له.

ويضيف البربري: " السجن مبني من دور واحد بخلاف باقي السجون، ويتكون من 4 عنابر، كل عنبر على هيئة حرف H، وهو ما يجعل المبنى من أعلى أشبه بالعقرب، وكل عنبر مكون من 4 أجنحة، وكل جناح مكون من 40 زنزانة، وهناك عزل كامل بين الأجنحة داخل كل عنبر، وبين كل العنابر بعضها البعض، أما الحوائط الخرسانية المبني بها فهي سابقة التجهيز، ما يجعلها تحتفظ بالحرارة في الصيف، والبرودة في الشتاء".

وحسب البربري، فإن الزنزانة الواحدة تبلغ مساحتها المربعة 6 أمتار تقريبا، ومغلقة بباب مصفح، وحتى يخرج المعتقل من زنزانته لباب السجن العمومي فعليه المرور بـ 8 بوابات مصفحة، يحيطها الحرس من كل مكان.

ويؤكد الإعلامي المصري أن السجن به 320 زنزانة، ورغم أن جميعها مخصصة للحبس الانفرادي، إلا أن إدارة السجن تقوم بتسكين ما يتراوح من 3 إلى 4 أفراد بالزنزانة الواحدة، باستثناء زنازين الدواعي والإعدام والتأديب، وزنازين عنبر 2، المسجون فيه قيادات الإخوان، ما يجعل عدد المعتقلين يتراوح بين 950 إلى 1000 معتقل.

ويؤكد رئيس اللجنة القانونية بحزب الحرية والعدالة المحامي مختار العشري، لـ"عربي21"، أن النظام المصري يتعامل مع المعتقلين بشكل عام والموجودين في العقرب بشكل خاص باعتبارهم رهائن لديه، ومع كل أزمة يواجهها يقوم بالتنكيل بهم على طريقته الخاصة، التي تشمل منع الزيارات والتريض، وكانتين السجن، لإجبار المعتقلين على تناول الطعام الميري غير الآدمي، في إطار سياسة القتل البطيء الممنهجة التي يسير عليها النظام المصري.

ويشير العشري إلى أنه في بداية الانقلاب، عزل النظام قيادات الإخوان داخل العقرب، حتى لا يتواصلوا مع أحد في الخارج، وحتى تظل الحقائق حول هذه الفترة غائبة، ولكن يبدو أن هذه السياسة أصبحت نهجا كاملا ضمن سياسة أكبر، وهي عزلهم حتى يتم تصفيتهم، واستخدام العقرب كفزاعة لباقي المعتقلين الآخرين.

"برنامج متشابه"

وحسب المدير التنفيذي لمنظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، علاء عبد المنصف، فإن غياب الرقابة والمحاسبة من الجهات القضائية، كانت عاملا حاسما في زيادة الانتهاكات داخل السجون المصرية، وليس "العقرب" فقط.

ويؤكد عبد المنصف لـ "عربي21"، أن الانتهاكات بالسجون أصبحت بشكل يومي، ووفق برنامج متشابه، يتمثل في منع الزيارة، والتريض، وغلق الكانتين، وإجبار المعتقلين على طعام السجن غير الصحي، وغياب الرعاية الصحية، بالإضافة للتعذيب الذي يحدث ببعض السجون، وعمليات التفتيش والتجريد الانتقامية والعقابية لكل السجون.

ويشير عبد المنصف إلى أن المشكلة ليست في البنية القانونية والتشريعية، سواء المحلية أم الدولية، التي تنظم حقوق المعتقلين، ولكن المشكلة في غياب الرقابة وغياب سيادة القانون، وتصفية الحسابات السياسية بين نظام الانقلاب ومعارضيه.
التعليقات (0)