كتاب عربي 21

تواجد تونس في طرابلس وبقية ليبيا أهم من حضورها في برلين

طارق الكحلاوي
1300x600
1300x600

الموقف التونسي مما يحدث في ليبيا يمر بمرحلة صعبة. منذ صعود الرئيس قيس سعيد إلى الحكم واجه بسرعة أزمة متفاقمة في واحدة من أهم الملفات الاستراتيجية لتونس، صراع دموي بتورط أجنبي كبير، وأيضا بأفق سياسي يطرح حتى استهداف مجمل التجربة الديمقراطية ومن ثمة تونس، بسبب التأثير الإماراتي القوي على حفتر. وكان عليه أن يقدم بسرعة تصورا بدون أن تكون له حكومة بجانبه ومن ثمة الطاقم الديبلوماسي والأمني المستقر الذي يحتاجه لعرض تصور. 

وكان عليه أن يبني على سياسات قديمة تميزت بتجنب الانخراط القوي والنشيط في ليبيا لسنوات. يضاف إلى ذلك عدم وضوح وضبابية في موقف الجزائر التي عادة ما يتم التنسيق بين موقفها وموقف تونس. وبعد بعض التردد وربما الأخطاء عمق موقف المستشارة الألمانية في هذه الصعوبات بعدم دعوة تونس لمؤتمر برلين حول ليبيا بعد أن استدركت وقامت بذلك في خصوص الجزائر. 

 

جدل زيارة أردوغان وما بعده


بلا شك أن زيارة أردوغان والجدال حولها أظهرت أننا بصدد ملف استراتيجي لكن يخضع لمزايدات كبيرة. بعض الأحزاب تصدر بيانات ليتم قارءتها في نشرات الأخبار في الخارج، خاصة في وسائل الإعلام الإماراتية. موضوع الجزائر أيضا وموقفها جعل البعض في التسلل.
 
استقبلت الجزائر بعد الانتخابات مباشرة السراج ووزير الخارجية التركي، ووجهت دعوة للرئيس التركي. وقامت بإعلان موقف واضح "طرابلس خط أحمر" بما يفهم منه موقف ضد اقتحام طرابلس من حفتر، تأكيدا للموقف الذي عبرت عنه وكالة الانباء الرسمية الجزائرية منذ أيام.

 

لا يمكن أن لا نرى الوضع الليبي بمعزل عن التطورات الكبيرة في المنطقة والأزمة الأخيرة بين أمريكا وإيران.

 
صدمة كبيرة متوقعة في أوساط المنزوين ضمن فهم مسبق وجاهز تطغى عليه القراءة الأيديولوجية "الربيع العبري يستهدف الجزائر، والجزائر الشقيقة الكبرى تقف أمام مؤامرات الماسونية الإخوانية". 

الوضع معقد أكثر من أي مفاهيم جاهزة وجامدة. الموضوع يتعلق بمعطيات وإحداثيات موضوعية، تخص التموقع الجيوسياسي لأقطار مثل تونس والجزائر، ومنهجية الموازنة مع أي توسع إماراتي ـ سعودي ـ مصري. وأيضا حسابات الصراع على الغاز، أحد أهم عوامل الاستقرار في الجزائر. أيضا الجزائر تتغير ولو ببطء بضغط وتأثير الحراك. و"بروفايل" الوزير الأول الجديد وأعضاء حكومته مؤشر على ذلك.

 

لا يجب الاختباء وراء تركيا

 
لكن لا يجب الاختباء وراء تركيا. يجب أن يكون لتونس والجزائر موقف موحد بشكل مطلق ويعبر عن مصلحة مشتركة مباشرة، إذ هما أصحاب مصلحة ومقدرة أفضل للتاثير من طرف تركي يبعد آلاف الأميال.. الأصلح والممكن استعمال التموقع التركي لا الاختباء وراءه.
 
نحن في حاجة لغرفة عمليات مشتركة تونسية ـ جزائرية في أقرب وقت. زيارة (عاجلة) للرئيس قيس سعيد إلى الجزائر أصبحت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. 

في كل الحالات ورغم خطأ الاستقبال الرسمي لوفد ادعى بأنه "مجلس قبلي" وهو ليس ممثلا جديا لأي طرف ليبي فإن تحرك الرئيس سعيد أجبر تفاعلا من عدد من اللاعبين بما في ذلك زيارة وزيري الخارجية الفرنسي والسعودي. 

لا يمكن أن لا نرى الوضع الليبي بمعزل عن التطورات الكبيرة في المنطقة والأزمة الأخيرة بين أمريكا وإيران. اللافت أن ترامب تفاعل إيجابيا في النهاية مع المحاولة الإيرانية للقيام بضربة في شكل تفاوضي، عبر إخطار الأمريكان بها بشكل مسبق. وعندما أكد على أن هناك قضايا مشتركة مع إيران ونريد السلام مع شعب وقادة إيران.

بعد الضربة المضبوطة والمحسوبة الإيرانية حتى لا توقع خسائر أمريكية التوافق على الغلق المؤقت للتوتر العسكري المفتوح واستئناف الحرب الباردة المضبوطة والمحسوبة.

في نفس الوقت الذي تم فيه خطاب ترامب حدث اجتماع بين أردوغان وبوتين انتهي حسب لافروف إلى توافق حول الملف الليبي والاتفاق على أنبوب غاز مشترك.

الخلاصات: لا توجد انقسامات أبيض وأسود. والعرب خارج توافقات تحسم مصير منطقتهم. 

التعليقات (2)
شعوب و غياب الدولة
السبت، 11-01-2020 03:18 م
دليل على أن تونس و الجزائر أشباه دول، هل يعقل أن يحرق منزل جارك أمامك و كل ما تقول هو أن الأمر لا يهمك! تلك النار ستلتهم الجميع طال الزمن أو قصر، لكن ليست دول بل أقطار يحكمها هواة و مرتزقة
نور
السبت، 11-01-2020 01:54 م
تستغرب ليه بيبنوا الجيوش وعند المطالبة برؤوس الفساد الداخلي والمحلي يقولك الأمن القومي تدخلات أجنبية مدسوسون عملاء خونة وغير ذلك... في حين قواعد تبنى على حدودهم لمراقبة المنطقة وجيوش تتكون من مرتزقة وميلشيات متعددة الجنسيات وخائن عميل ديكتاتور وجاهل يراد وضعه زعيما بالمنطقة يتكلم بكل اللغات ويتعامل بكل العملات... واضح ان الشعوب هي وحدها الحريصة على أمنها ومستقبلها وستتدخل في الوقت المناسب عند تهاون وتخاذل من يحق لهم ذلك