كتاب عربي 21

في مواجهة صفقة القرن: هل تطلق بيروت "جبهة المقاومة الشاملة"؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
لا تزال خطة مواجهة ما سميت "صفقة القرن"، أو الخطة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو منذ حوالي الشهر لتصفية القضية الفلسطينية، محور حوار ونقاش في بيروت بين العديد من الأوساط اللبنانية والفلسطينية والقومية والإسلامية. فاللقاءات العلنية والسرية لا تزال قائمة ومستمرة بين مختلف القيادات من أجل بحث كيفية مواجهة هذه الصفقة والآليات المطلوبة، لبنانيا وفلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا.

ورغم انشغال اللبنانيين وقياداتهم ومسؤوليهم بهمومهم الاجتماعية والمالية والاقتصادية والسياسية، وصولا لكيفية مواجهة فيروس كورونا، فقد كانت قضية مواجهة الصفقة محور اهتمام هذه الأوساط في الأسابيع الماضية.

ولأول منذ سنوات طويلة، تتحول القضية الفلسطينية في بيروت إلى عامل وحدة وتوحيد بين مختلف الأطراف، وحتى ما بين  الجهات اللبنانية التي تقاتلت طيلة الحرب الأهلية ما بين 1975 و1990 بسبب الخلاف حول القضية الفلسطينية، والتي توحدت اليوم في نظرتها لصفقة القرن وخطورتها على الوضع اللبناني والفلسطيني والعربي.

وخلال تلك اللقاءات والاجتماعات التي عقدت في الأسابيع الماضية ومنذ إعلان الصفقة إلى اليوم، قدمت العديد من الأفكار والاقتراحات من أجل مواجهتها ولتوحيد الموقف والأداء في المرحلة المقبلة.

فما هي أبرز الأفكار والاقتراحات التي قدمت خلال هذه اللقاءات والاجتماعات؟ وهل يمكن تحويها إلى خطة تنفيذية؟ أم ستبقى حبرا على ورق؟ وإلى أين تتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟

من أبرز اللقاءات التي عقدت في بيروت كان اللقاء اللبناني-الفلسطيني الموسع الذي دعت اليه لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، التي يرأسها الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة وتضم الأحزاب اللبنانية الرئيسية والفصائل الفلسطينية المنضوية في إطاري منظمة التحرير الفلسطينية وتحالف القوى الفلسطينية، وبإشراف الحكومة اللبنانية. وقد أعد المشاركون في اللقاء خطة عمل متكاملة لبنانيا وفلسطينيا وعربيا ودوليا، وأعلنت رفض صفقة القرن بشكل قاطع وأكدت أهمية التحرك في كافة المجالات لدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

بموازاة ذلك، عُقد لقاء موسع في سفارة فلسطين في بيروت بدعوة من ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار وشبكة الأمان للسلم الأهلي، وبحضور سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور وعدد كبير من الشخصيات الدينية والإعلامية والأكاديمية والفكرية. وجرى الاتفاق على التحضير لعقد مؤتمر موسع تحت عنوان: فلسطين تجمعنا أو توحدنا، من أجل رفض صفقة القرن ووضع خطط عمل لمواجهتها عمليا.

كما شهدت بيروت اجتماعات ثنائية ومشتركة بين قيادات الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وعدد من المؤتمرات والندوات، لبحث أبعاد الصفقة ومخاطرها لبنانيا وفلسطينيا وعربيا، والدعوة لتوحيد الموقف الفلسطيني المقاوم وصولا للدعوة لإلغاء كل أشكال التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني والانسحاب من اتفاق أوسلو. كما صدرت بيانات ومواقف من مؤتمرات القومي الإسلامي والقومي العربي والأحزاب العربية رفضت الصفقة ودعت لمواجهتها، فيما أقيمت الندوة الشبابية العربية السنوية والتي يقيمها مركز التواصل العربي الدولي بالتعاون مع المنتدى القوي العربي. وكانت صفقة القرن ومواجهة التطبيع مع العدو الصهيوني محور النقاشات بين الشباب العربي.

ومن أبرز الاقتراحات التي طرحت كانت الدعوة التي أطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله لتشكيل جبهة المقاومة الشاملة والدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية. ولم تحظ هذه الدعوة بالاهتمام المطلوب عربيا وإسلاميا في ظل الصراعات القائمة في المنطقة في أكثر من دول عربية، وتحول هذه الصراعات إلى صراعات إقليمية ودولية وما تثيره من أزمات سياسية وإنسانية.

لقد أصبح واضحا أن الصراعات التي شهدتها المنطقة طيلة السنوات الأخيرة والحوب المتنقلة من بلد إلى بلد، والأزمات الاجتماعية والسياسية التي تعصف في أكثر من بلد عربي، والمخاوف والهواجس التي تثار بين الدول العربية والإسلامية.. كل ذلك شكّل المقدمة الطبيعية لإطلاق صفقة القرن والتمهيد للتطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، بحجة مواجهة الخطر الإيراني أو من أجل مواجهة المشاريع الإقليمية والمذهبية.

وعلى ضوء ذلك، فإن الطريق الوحيد من أجل مواجهة صفقة القرن وتشكيل جبهة المقاومة الشاملة يبدأ بوقف كل الصراعات والأزمات، ولو أدى ذلك لتقديم التنازلات والتخلي عن بعض المصالح والحسابات الضيقة، وإلا فإن الصفقة ستنفذ وسيكون هناك من هو مستعد للتصفيق لها وتمريرها، ولو على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.
التعليقات (0)