صحافة دولية

NYT: هل فيروس كورونا أسوأ من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر؟

نيويورك تايمز: فيروس كورونا أكثر سوءا من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر- جيتي
نيويورك تايمز: فيروس كورونا أكثر سوءا من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للكاتب فرانك بروني، يقول فيه إنه "بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تم حثنا على التحدي، وأذكر ذلك جيدا".

 

ويقول بروني: "قالوا لنا لا تجعلوا الإرهابيين ينتصرون، لا تجعلوهم يسرقون فرحكم ويعطلون روتين حياتكم، صحيح أنه يجب عليكم الحذر والصبر على طوابير التفتيش الطويلة التي لم تكن موجودة قبل ذلك، وإن رأيتم شيئا غريبا بلغوا عنه، لكن عدا عن ذلك استمروا في حياتكم العادية، اخرجوا للخارج واحتفلوا".

 

ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الرئيس جورج بوش الابن قال وقتها: "اذهبوا إلى ديزني وورلد"، لافتا إلى أن "ديزني وورلد مغلقة الآن، فشبح فيروس كورونا مختلف تماما عن لحظات الخوف والدمار الوطنية السابقة". 

 

ويقول بروني: "أستمر في سماع مقارنة مع 11 أيلول/ سبتمبر، وأستطيع تفهم السبب: فالرعب اليوم شبيه بالرعب وقتها، نسيج شرير من الضعف والعجز وعدم التمكن من توقع ما هو قادم، مع أن هناك أمرا أكثر قسوة هذه المرة، وهو تناقض سيكولوجي وعاطفي خاص بأجواء الوباء".

 

ويضيف الكاتب: "في الوقت الحاضر عندما يحتاج الكثير منا أشد الحاجة إلى سلوان الوجود داخل مجتمع، يتم وضعنا في العزل، وفي الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة للتسلية (عما نحن فيه)، فإن كثيرا من وسائلنا المفضلة للتنفيس أصبحت ممنوعة".

ويعلق بروني قائلا إن "هذا لا يتعلق فقط بالمناسبات الرياضية التي أصبحت إما ممنوعة أو ملغية، وليس فقط المطاعم وحفلات عيد الميلاد والأعراس.. وليس فقط وسائل التسلية التي لا تستطيع أن تخرج لنا الأبطال الخارقين في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للأبطال الخارقين".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "آخر نصيحة لترامب هي تجنب التجمعات التي يزيد فيها العدد على عشرة أشخاص، وذلك يلغي لعبة كرة قدم للأطفال مثلا، ويمنع تجمعات الكنائس، والأمريكيون الذين يصلون دون شك يفعلون ذلك بشكل أكبر من أي وقت، لكن ليس بين شبابيك الكنيسة الملونة والشعارات الدينية، وفي أحضان أصدقائهم وجيرانهم، ومع اليد الحانية للقسيس أو الحاخام أو الإمام".

 

ويقول بروني: "لا، لكن التعليمات، اعتمادا على المنطقة، بأن نعبد كما نأكل ونفعل كل شيء آخر في هذه اللحظة، وحدنا أو أقرب ما يمكن إلى الوحدة، وأعطوها اسم التباعد الاجتماعي، وإن كانت هناك عبارة أكثر غرابة وبشاعة تمت صياغتها فلا أستطيع استحضارها".

 

ويحاول الكاتب تعريف مصطلح "التباعد الاجتماعي" الذي يراه تناقضا آخر؛ "لأنه كيف يمكن للتباعد أن يكون اجتماعيا؟ فلنتعاون فإنه يجب علينا أن نتباعد، إنها ضرورة وبائية وهي أيضا صفعة كبيرة".

 

ويقول بروني: "أكتب هذا المقال في يوم القديس باتريك في مدينة نيويورك، لكن ليس هناك موكب احتفالي، وفي الشوارع المكتظة بالبارات الإيرلندية لم يفتح واحد منها أبوابه". 

 

وينوه الكاتب إلى أنه "بعد وقوع إعصار وبدء عملية تنظيف وإصلاح ما تسبب به من دمار، في العادة ما يتم تشجيع الناس للذهاب للبارات والمطاعم تشجيعا للمحال التجارية المحلية، ولاستعادة الشعور بعودة الحياة إلى الشكل الطبيعي".

 

ويستدرك بروني قائلا: "لكن الحياة الطبيعية هي العدو خلال هذا الوباء، وعلينا التصرف بشكل غير طبيعي للعبور للطرف الآخر، وكما كتبت زميلتي ميشيل غولدبيرغ مؤخرا، فإن (هذا الانسحاب الجماعي هو أشبه ما يكون بالعلاج الكيماوي، يتسبب بتلف نسيج حياتنا الاجتماعية بينما يحاول حمايتها)".

 

ويقول الكاتب: "يوم الاثنين شاهدت صديقة على الشارع ومشينا بسرعة نحو بعضنا يدفعنا الحدس الإنساني للتواصل، وعلى بعد حوالي أربع أقدام منها توقفت فجأة، بسبب ناقوس العلم الذي بدأ يدق داخل رأسي، لكنها بقيت تمشي نحوي، وتجمدت في مكاني: هل أجرؤ أن أصحح وربما أحزن شخصا ربما كان خطؤه مؤشرا على مدى حزنه؟". 

 

ويستدرك بروني قائلا: "لكني تراجعت للوراء قليلا ويبدو أنها فهمت، وتوقفت على مسافة قدمين ونصف، وهذا لا يزال قريبا، لكن أقل قربا مما كانت ستكون، ودون كلام تمكنا من إبقاء المسافة، إن قواعد اللياقة والأدب لهذا الوباء غير مكتوبة وشديدة القسوة".

 

ويرى الكاتب أنه "بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، سعى كثير منا لموازنة الأثر الاقتصادي بدعم المتاجر في نيويورك وواشنطن التي تأثرت كثيرا، ولكن هذا أصعب خلال هذا الوباء، فأكثر المتاجر تأثرا هي تلك التي تم إغلاقها، ولا يمكن تحول تفاعلنا معها إلى المجال الافتراضي، لكني وجدت بعض العزاء في حركة شراء بطاقات هدايا، يمكن استخدامها بعد مرور الوباء في المطاعم ودور السينما". 

 

ويقول بروني: "سنصل إلى هذه النقطة، أليس كذلك؟ لم يقدم لنا أحد أي جدول زمني، وهذا تحد آخر لهذه الأزمة، إنه متحرك بدلا من أن يكون ثابتا، ومنتشرا بدلا من أن يكون متميزا ويقاوم رسم المحددات حوله، وليست لدينا فكرة ما الذي سيطلب منا في المحصلة، ولذلك لا نعرف أي عضلات عاطفية يجب علينا تقويتها، وكم يجب أن تكون قوتها وما هي الوتيرة التي نسير عليها".   

 

ويجد الكاتب أن "العزاء في هذا كله هو وجود الإنترنت والإبداع الذي يظهره الناس في استخدامها، ولدروس اليوغا التي تقام من (زوم ويب كنفرنسنغ)، لـ(فيس تايم كوكتيلز)، وللدروس المجانية والعروض الموسيقية وجولات المتاحف التي يقوم أشخاص ومنظمات لديهم الكرم والكياسة المدنية لعرضها على الإنترنت".

 

ويعتقد بروني أن "ذلك كله لا يغني عن الصداقة البشرية، وأظن أنها ستصبح أقل إشباعا مع استمرار الإغلاق التام على النشاطات الاجتماعية".

 

ويقول الكاتب: "(البقاء في البيت) و(العمل من البيت)، كلها تحمل نغمات الرعاية والراحة لكن عندما تكون طوعية واستثنائية، لكن عندما تصبح الخلوة إكراها وتستمر لأيام طويلة تصبح وحدة وإحساسا بالوحشة وظرفا يبعث على الجنون، وليست جنة بل هي جهنم". 

 

ويضيف بروني: "أضف إلى ذلك أن لدينا بيوتا كثيرة، وأصبحنا منقطعين عن بعض منها، فبعض طلاب الجامعات تم إخلاؤهم من سكن الطلاب، الذي ربما كان أكثر الأماكن أمنا وراحة لهم، والعاملون الذين تم منعهم من المكاتب التي كانت مكانا للعمل وبذل الجهد، لكنها أيضا مكان يمكنهم فيه رفع صوتهم والحديث وجها إلى وجه كلما احتاجوا إلى تلك التغذية الاجتماعية".

 

ويؤكد الكاتب أن "الوباء يطلب منا أن نبحث عميقا وأن نقف بقوة في الوقت الذي يسلبنا فيه بعض أهم الأدوات التي نملكها لفعل ذلك، ولو كنت في مزاج النكتة لأطلقت على ذلك (كاتش كوفيد 19) [تشبيها بفيلم كاتش 22]".

 

ويختم بروني مقاله بالقول: "لكن النكات لا تنجح في هذا الوقت، وفي المنطقة الهادئة والمتوترة بشكل واضح التي أعيش فيها في مانهاتن مرت أيام عديدة دون أن أسمع ضحكة إنسان".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)