اقتصاد عربي

أسواق القات تزدهر باليمن رغم كورونا.. هل يتم إغلاقها؟

90 بالمئة من الذكور البالغين يمضغون القات طيلة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا في اليمن- جيتي
90 بالمئة من الذكور البالغين يمضغون القات طيلة ثلاث إلى أربع ساعات يوميا في اليمن- جيتي

تكتظ أسواق القات في صنعاء باليمنيين، الآتين للتزود بالنبتة المخدرة غير مكترثين بقواعد التباعد الاجتماعي للحد من تفشي فيروس كورونا.

ويعد استهلاك نبتة القات، في البلد الفقير الواقع في جنوب شبه الجزيرة العربية والذي تمزقه الحرب منذ ست سنوات، أمرا متوارثا عبر الأجيال ويتمتع بشعبية بالغة لدى السكان.

وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية من أن تفشي فيروس كورونا المستجد في اليمن سيؤدي إلى كارثة إنسانية بسبب القطاع الصحي المنهار بفعل النزاع بين حكومة معترف بها متحالفة مع الجارة السعودية، ومتمردين مدعومين من إيران.

ورغم ذلك لا يشعر علي الزبيري الذي يرتاد سوق الجبلي يوميا لشراء حاجته من القات، بالخوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ولكنه يرى أن على السلطات نقل الأسواق إلى أماكن مفتوحة لمنع الازدحام.

ويقول الزبيري وهو من سكان صنعاء: "نحن نطالب الحكومة بألا تغلق أسواق القات لأن الشعب اليمني يعتاش على القات. لكن يجب أن ينتقلوا إلى أسواق مفتوحة".

وأضاف: "إن قاموا بإغلاق أسواق القات، فصدقني أن 98% من الشعب اليمني سيرفض هذا القرار".

وتشير التقديرات إلى أن نحو 90% من الذكور البالغين يمضغون القات طيلة ثلاث إلى أربع ساعات يومياً في اليمن الذي يواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة. وتقوم النساء أيضا بمضغ القات وكذلك الأطفال.

ويتم مضغ القات في العادة في جلسات تضم مجموعة من الأشخاص يجلسون سويا لساعات في عملية تعرف محليا باسم "التخزين".

 

"مجاعة"


ومعروف في اليمن أن بعض الجلسات الحكومية تتخللها أحيانا عمليات مضغ للنبتة المخدرة. ويمكن رؤية رجال أمن في شوارع العاصمة وهم يقومون بعملية "التخزين" خلال أداء عملهم.

وتكون عادة خدود هؤلاء منتفخة بفعل مضغ النبتة لفترة ثم إبقائها مخزنة خلف الخد الأيمن أو الأيسر بحسب رغبة الشخص ليطول مفعولها.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تفرز عملية مضغ القات "مواد كيميائية" تعطي "مع الأمفيتامينات الماضغ نشوة معتدلة يقارنها البعض بالنشوة التي يوفرها شرب القهوة القوية المفعول".

وفي زمن فيروس كورونا المستجد الذي استدعى تدابير عزل وإغلاق مشددة في دول كبرى، يبدو زوار سوق صنعاء وتجار القات غير مكترثين كثيرا لقواعد التباعد الاجتماعي، ويقوم باعة القات بفتح أكياس القات وعرض جودتها على الزبائن قبل الحصول على المال مقابلها.

واتخذ المتمردون الحوثيون الذين يسيطرون على العاصمة ومناطق أخرى في شمال البلاد، تدابير وقائية من الفيروس بينها إغلاق مدارس وتعليق رحلات الأمم المتحدة التي تحط في صنعاء. ولكن فشلت محاولات عدة قامت بها السلطات التابعة لهم في إغلاق أسوق القات.

وسجل اليمن حتى الآن ست إصابات بفيروس كورونا المستجد، بحسب وزارة الصحة التابعة للحكومة المعترف بها دوليا.

ويلجأ الكثيرون إلى بيع القات كمصدر رزق بعد أن انقطعت رواتبهم بسبب الحرب المتواصلة منذ منتصف 2014، ومن بينهم أحمد صالح الذي كان يعمل مدرسا في مدرسة حكومية ولم يحصل على راتبه منذ أربع سنوات.

ويقول: "إغلاق الأسواق بسبب فيروس كورونا سيؤدي إلى مجاعة. كثير من الناس يعتمدون على بيع وشراء القات" الذي "يعتبر مصدر الدخل الرئيسي" للكثيرين.

وتصاعد النزاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية في آذار/مارس 2015 مع تدخل السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة ولوقف تقدم المتمردين.

وقتل وأصيب عشرات آلاف المدنيين منذ بدء عمليات التحالف، فيما بات اليمن يعاني من انهيار تام في قطاعه الصحي، ومن نقص حاد في الأدوية والمياه النظيفة، ومن انتشار للأمراض كالكوليرا الذي تسبّب بوفاة المئات، في وقت يواجه ملايين من سكانه خطر المجاعة.

توصيل للمنزل


ولطالما عرف اليمن بزراعته للبن، لكن سهولة زراعة وبيع القات ووفرة محاصيله جعلته يتفوق ويجتاح الأراضي الزراعية في العديد من المناطق على الرغم من استهلاكه للكثير من المياه.

وتزدهر زراعة القات أيضا في إثيوبيا والصومال.

وبحسب الشاب اليمني وليد الضاوي، فإن "القات عبارة عن عادة من ضمن العادات والتقاليد اليمنية التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا".

ويرى مدير عام مكتب الصحة في صنعاء التابع للحوثيين مطهر المروني أن إغلاق سوق القات "يجب أن يكون مدروسا بعناية ويجب إيجاد حلول في حالة الإغلاق تضمن استمرار عيش الناس".

وقد يكون أحد تلك الحلول التوصيل إلى المنزل بدل الذهاب إلى السوق، كما بدأ يفضل بعض محبي القات.

ويؤكد تاجر القات غالب الهصيمي أنه بعد تفشي فيروس كورونا في دول الجوار وبينها السعودية وسلطنة عمان "أصبح التجار والسياسيون يخافون من انتقال العدوى إليهم (...) ويشترطون ألا يقوم أحد غيري بلمسه وأقوم بإرساله إليهم إلى المنزل".

واختار عمر الإبي أن يطلب من تاجر القات الخاص به إيصال طلبيته إلى المنزل.

ويقول: "يقوم أكثر من خمسين شخصا بلمس كيس القات الواحد" في السوق، لذلك "القات الخاص بي يأتي إلى منزلي".

ويضيف: "لا سمح الله إذا وصل فيروس كورونا إلى اليمن فسيكون القات السبب الأول لانتشار الفيروس بشكل سريع جدا لأن أسواق القات فيها أكبر ازدحام للمواطنين".

التعليقات (0)