سياسة عربية

هل يمهد الانسحاب الأمريكي من سيناء لـ "صفقة القرن"؟

وسائل إعلام أمريكية كشفت سعي البنتاغون لسحب قوات من سيناء وسط معارضة من وزارتي الخارجية الأمريكية والإسرائيلية- يوتيوب
وسائل إعلام أمريكية كشفت سعي البنتاغون لسحب قوات من سيناء وسط معارضة من وزارتي الخارجية الأمريكية والإسرائيلية- يوتيوب

قال مراقبون إن "اعتزام أمريكا سحب بعض قواتها المشاركة من شبه جزيرة سيناء المصرية يُمهد لـ (صفقة القرن)، ويمنح الاحتلال الإسرائيلي مزيدا من الحركة والمرونة في سيناء بحجة الدفاع عن أمنها، وهو ما يصب في مصلحة تل أبيب في نهاية المطاف".

وأكدوا، في تصريحات لـ "عربي21"، أن "هذا القرار – حال اتخاذه - لن يؤثر بالسلب على العلاقات المصرية الأمريكية، بل إنه يمثل نوعا من الإملاء من الجانب الأمريكي على مصر مثل باقي القرارات الأخرى، لأن النظام المصري ليس لديه الجرأة على أي اعتراض أو تحفظ، بل إنه يُنفذ كل ما يُطلب منه في محاولة للحفاظ على بقائه بأي ثمن".

"خلاف أمريكي"

ومؤخرا، كشفت وسائل إعلام أمريكية، عن أنباء تفيد بسعي وزير الدفاع مارك إسبر، لسحب 400 جندي من قوات حفظ السلام الدولية في شبه جزيرة سيناء المصرية، والتي تساعد في تنفيذ "معاهدة السلام" بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، الموقعة عام 1979.

وذكرت وسائل الإعلام، أن سعي البنتاغون لسحب قوات من سيناء، يلقى معارضة من وزارتي الخارجية الأمريكية والإسرائيلية.

وتعترض الخارجية الأمريكية بقيادة الوزير مايك بومبيو، بحجة أنها ستعمل على إعاقة مهمة حفظ السلام وسط مخاوف من تصاعد نشاط "تنظيم داعش".

وقال مسؤولون في البنتاغون، بحسب ما نشرته صحف أمريكية، إن الانسحاب المحتمل هو جزء من مراجعة لخفض التكاليف عبر إعادة تقييم العمليات العسكرية في جميع أنحاء العالم، مؤكدين أن إسبر لا يرى أهمية كبيرة للإبقاء على وجود في شمال سيناء.

وقد أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارا عن رغبته في سحب قوات بلاده من صراعات الشرق الأوسط، ولكنها أرسلت حوالي 14 ألف جندي إضافي إلى منطقة الخليج العربي بحجة ردع هجمات إيران، قبل أن تشير صحيفة "وول ستريت جورنال"، الخميس، إلى توجه نحو إعادتهم للولايات المتحدة.

 

اقرأ أيضا: منح الجيش المصري سلطة الضبط القضائي يدخل حيز التنفيذ

"تحفظ وصمت"

وفي سياق ردود الفعل، شدّدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على "أهمية الوجود الأمريكي في قوات حفظ السلام الدولية بشبه جزيرة سيناء المصرية".


جاء ذلك على لسان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتايتتس لإذاعة تل أبيب (غير حكومية)، بحسب وكالة "الأناضول" التركية.

وقال شتايتتس إن "هذا الموضوع سيتم بحثه بيننا وبين الأمريكيين".

وفي المقابل، رفض المسؤولون المصريون التعليق على الانسحاب الأمريكي المقترح.

"تمهيد لصفقة القرن"

وفي تعليقه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير عبد الله الأشعل، إن "هذا القرار يأتي في سياق التمهيد لصفقة القرن، لأنه في حال انسحاب القوات الأمريكية التي هي العمود الفقري لقوات حفظ السلام الدولية من المتوقع أن تتحرك إسرائيل لاحتلال مواقعها في شرم الشيخ والنقطة الأخرى في شمال سيناء، وكانت البداية لهذه الخطة مع تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وكل هذه التحركات تأتي مترابطة مع بعضها البعض لتصل في النهاية لتحقيق حلم إسرائيل بإخراج الفلسطينيين من الضفة ونقلهم إلى سيناء ضمن خطة كوشنير الشهيرة".

وعن مدى تأثير هذا القرار على العلاقات المصرية الأمريكية، أضاف الأشعل، في تصريح لـ "عربي21"، أن ذلك "لن يؤثر بالسلب، بل بالعكس ربما يكون هناك اتفاق على ذلك، وحتى لو عبرت إسرائيل عن بعض القلق فهو نوع من التمويه، ومصر لن تعترض على هذا الأمر، لأن العلاقات مع أمريكا ومصر تحكمها سياسة الإملاء من جانب أمريكا والتنفيذ من جانب مصر، خاصة في ظل النظام الحالي الذي يقدم تنازلات متوالية بداية من تيران وصنافير وصولا لصفقة الفرن مقابل البقاء في السلطة".

"نقلة أمنية"

من جانبه، أكد رئيس حزب البديل الحضاري، أحمد عبد الجواد، أن "ما جاء على لسان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يُعبر عن اعتقاده بأن جهود القوات الأمريكية في شمال سيناء ليست أفضل استثمار لوزارته ولا تستحق المخاطر، وكذلك ما قاله عضو الكونجرس توم مالينوسكي بأن الجيش المصري غير كفء وبدرجة كارثية، هذان التصريحان ذوَا خطورة بالغة، لأنهما يكشفان بكل وضوح عن فشل ذريع لجيش السيسي، وبشكل مستمر منذ بداية العمليات العسكرية في سيناء عقب الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013".

وذكر، في تصريح لـ "عربي21"، أن "ترامب لو أقدم على تلك الخطوة ستشكل نقلة أمنية جديدة في المنطقة، خاصة وأن الوجود الأمريكي في سيناء بدأ منذ قرابة 40 سنة بموجب الملحق الأمني لمعاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني، والذي أتاح وجود قوات حفظ السلام الدولية في سيناء، تُشكل فيها القوات الأمريكية النسبة الأكبر من باقي القوات".

وأرجع ما وصفه بالقلق المصري والإسرائيلي من تلك الخطوة إلى "دور القوات الأمريكية في ضبط الخط الحدودي، وتقديم إحداثيات الحدود للمصريين والصهاينة، وفي كل الأحوال هذا التقليص المزمع ليس الأول من نوعه للقوات الأمريكية؛ فقد قامت في 2016 بسحب نحو 250 عنصرا".

وحول تأثير هذا القرار على العلاقات المصرية الأمريكية، أكد عبد الجواد أنه "لن يكون هناك أي تأثير؛ فعلاقة النظام المصري الانقلابي علاقة تبعية وانبطاح للبيت الأبيض، وقرار البنتاجون يأتي لتعهد ترمب لناخبيه بتقليص تواجد القوات الأمريكية في مناطق النزاع، كما حدث في أفغانستان والعراق وسوريا وكوريا، ومؤخرا سحب بطارتي باتريوت من الأراضي السعودية، وذلك في إطار التدابير والاستعدادات لسباق الانتخابات الرئاسية المقبلة".

"المناورة والتلويح"

أما الخبير العسكري، اللواء محمد بدر، فقال إن "هذا القرار ربما يأتي كنوع من التلويح والمناورة وليس  للتفعيل، لسبب مهم وهو أن هذه القوات موجودة ضمن قوات حفظ السلام الدولية طبقا لاتفاقيات ومعاهدات دولية، فضلا عن أنها موجودة لحماية الكيان الصهيوني وهذا من أولويات السياسة الأمريكية، ويفسر الرفض الإسرائيلي لقرار الانسحاب ويجعله يتحفظ عليه كثيرا، نظرا لما يحدث في سيناء في هذه الفترة من أحداث أمنية ساخنة بين الجيش المصري والجماعات الإرهابية هناك".

ورأى أن "مثل هذا القرار لن يكون له تأثير كبير رغم التخوف الإسرائيلي، لأن هذه القوات غير متداخلة في هذا الجانب بشكل كبير ومهمتها الرقابة والإشراف على الحدود"، مشيرا إلى أن "هذا القرار لن يكون له تأثير سلبي على العلاقات المصرية الأمريكية، ويأتي في إطار الضغوط لا أكثر كما هو الحال بشأن السعودية، ويبدو أن هذا توجه لدى ترامب بشكل شخصي، لكنه ليس قرارا مؤسسيا، وهو ما يؤكده التضارب بشأنه بين الخارجية والدفاع".

"السيطرة عن بُعد"

بدوره، قال المتحدث باسم حزب البناء والتنمية، خالد الشريف: "أظن بعد الخسائر الكبيرة للجيش المصري من قتل ضباط وجنود، هناك توقعات بتصاعد وتيرة العلميات الإرهابية، وهي ما تفاقم مخاوف الأمريكان أن يتحولوا لهدف سهل لتنظيم داعش الإرهابي، خاصة أن بعض الأصوات المصرية اتهمت قوات حفظ السلام بالتنسيق مع الإرهابيين لعدم استهدافهم في مقابل حمايتهم من الغارات المصرية وتزويدهم بالوقود، وإن كان البعض يستبعد ذلك".

واتفق الشريف مع مَن أكدوا أن انسحاب قوات حفظ السلام الأمريكية لن يؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية، قائلا إن "مصر حليف استراتيجي لأمريكا، حتى أن الصحافة الأمريكية تطلق اسم الدكتاتور المفضل على السيسي بالنسبة لترامب، فضلا عن أن التنسيق الأمني بين السيسي وإسرائيل في أعلى مستوياته"، منوها إلى أن "هذا القرار يأتي في إطار سياسة أمريكية جديدة، وهي الهيمنة عن بُعد، والتواجد والسيطرة من خلال الحلفاء دون خسائر بشرية أو مادية".

التعليقات (2)
مصري
الإثنين، 11-05-2020 10:51 م
السيسي قال لترامب علنا هو مستعد لفعل اي شي من اجل صفقة القرن السيسي ابنهم و لن يخرج عن طوعهم و سيوافق مجلس شعبه الاجير كما وافق على بيع تيران وصنافير و تؤيده المحكمه الدستوريه الدي راس رئيسها عدلي منصور دولة الانقلاب هده مافيا مستعدة تبيع ما نهبته و ليست دولة بالتاكيد
تامر الهلالي
الإثنين، 11-05-2020 06:19 م
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيكم.